الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 7 ديسمبر 2025 | 16 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.66
(-1.59%) -0.14
مجموعة تداول السعودية القابضة161.8
(-2.35%) -3.90
الشركة التعاونية للتأمين120.5
(1.01%) 1.20
شركة الخدمات التجارية العربية116.3
(-1.02%) -1.20
شركة دراية المالية5.48
(1.29%) 0.07
شركة اليمامة للحديد والصلب33.32
(2.15%) 0.70
البنك العربي الوطني22.44
(1.81%) 0.40
شركة موبي الصناعية11.2
(0.72%) 0.08
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة31.3
(-3.69%) -1.20
شركة إتحاد مصانع الأسلاك21.44
(-0.92%) -0.20
بنك البلاد25.56
(-1.31%) -0.34
شركة أملاك العالمية للتمويل11.54
(0.70%) 0.08
شركة المنجم للأغذية54.15
(-2.17%) -1.20
صندوق البلاد للأسهم الصينية12.1
(0.83%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية55.2
(0.45%) 0.25
شركة سابك للمغذيات الزراعية115.7
(-0.26%) -0.30
شركة الحمادي القابضة28.54
(-0.83%) -0.24
شركة الوطنية للتأمين13.05
(0.08%) 0.01
أرامكو السعودية24.42
(-0.41%) -0.10
شركة الأميانت العربية السعودية17.31
(1.82%) 0.31
البنك الأهلي السعودي37.28
(0.16%) 0.06
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.28
(-0.46%) -0.14

.. فجرُ القاهرة، والهواءُ يأتي متراخياً، وتتجاهل حرارة تشوبه من أجل سِحْر روعة تداعيات الفجر أمام هذه المئذنة الشامخة التي تحاول أن تشرئِب لسماء لم تنبلج أنوارها بعد، ثم ينطلق هذا الصوتُ الدقيق الخلاّبُ ينادي لصلاةِ الفجر، فيدقّ الصوتُ أبوابَ قلبك، قبل أن يلامس قنواتِ سمعك، وكأن القلبَ يسمعُ قبل الأذن أحيانا..

في أوقاتٍ كهذه تلامس أطياف أحلام طفولية خيالاتك، وتعرف أنها لا تتحقق ولكنها لازمة في لحظات التجَلـِّي.. ثم إن وقعت أمامك هدية نفيسة تفرحك أكثر من الأحلام، لأنها أغلى من الأحلام .. فستنسى كل تلك الأطياف وتتبخر في ذرات الهواء .. في ذلك الفجر وصلتني رسالة هاتفية كانت واقعاً أجمل من الحلم..

.. يقول لك الناسُ لا تتباه، وهذا صحيح .. ولكن هناك أشياء تحبّ أن تتباهى بها وتريها العالمين، لقد تباهيت برسالة “ناجي”، وما زلت أعتبرها أهم رسالة وصلتني في حياتي، ومن تلك الرسالة خرجت أندية ومشاريع باسمه في العالم العربي، وتبنيـت قوانين في الجامعات وفي التنظيم المعماري بعد رسالته .. ودار اسم “ناجي” شهيراً وصار له محبوه، وكانت تلك آخر رسالة يكتبها في حياته .. اليوم أتباهى بتلك الرسالة الفجرية:

“القويعي، وفريال، وأنا (أي عائد، صاحب الرسالة)، وقتيبة، وبندقجي، وتركستاني، وجاوي، وفهيد وبن فهيد، كلنا نبكي غير مصدقين: فيه في ها البلد من يقدّرنا ويسمع صوتنا؟ آه ما أحلاك، جعلتنا نسكب الدمعَ غزيرا، وبلد فيه نحن وأنت سيكون عاليا شأنُه...”

أما هؤلاء فهم من طلبتنا وطالباتنا الدارسين في الجامعات المصرية، أما ما عملته معهم فهو “فقط” أني جلست معهم .. ليس إلا. وانظر المكافأة .. فإن لم أتباه بهذه الرسالة كعاطفة صادقة من شباب عاديين فبمَ أتباهى؟!

ولكن هناك درسٌ واعتبار..

القصة من أولها، هي أني تلقيتُ دعوات من طلبتنا في الخارج، وكنت عاقداً العزم أن أبدأ من طلاب جامعة “كارديف” في “ويلز” في المملكة المتحدة، لولا أني تلقيت رسالة ومهاتفة خاصتين جدا وعاجلتين من طلبة سيتخرجون في القاهرة، وتمنـوا علي أن أكون في حفل التخرج .. فأبلغت صديقي طالبَ الدكتوراه المتألق “عامر الحسيني” منظم لقاء كارديف، ليقبل تأخير حضوري, وأظنه قبل على مضض..

في الحفلِ كانت القاعة فسيحة في أحد أكثر فنادق القاهرة ترَفاً، وكان الحفلُ باذخاً.. ولكني في الحقيقة لم أكن مرتاحا، وكان سعادة الأخ “محمد عبد العزيز العقيل” الملحق الثقافي الحاذق يبث لي همومه عن الطلاب ومجتمعاتهم صادقاً ومتحمساً وتفضّل بأن يطلبَ مشاركة برأيي في الحلول، واتفقنا أن ننسق معاً بعد الموسم الدراسي..

إلا أن هناك مع النيّات الحسنة أخطاء لا نستشعرها، خصوصا أنها نفسية وشخصية. قلتُ إن الحفلَ كان باهظاً، ولكن التجمّد المظهري، والمجاملة الوظيفية طغيا على الحفل. إني أفهم أن من تقاليد أي حفل تخرج في أي أكاديميةٍ عالمية التركيز أولاً وأخيرا على الخريجين والخريجات، خصوصا أن الحفلَ هو حفل خاص بهم .. لا أن يكونوا أضعفَ وآخرَ الحلقات، فبعد خُطب رسميةٍ، واستعراض لأعمال الملحقية ونادي الطلبة، ثم شاعر المليون، وكل ذلك جميل .. وكلّ فترةٍ أخذت حقـَّها وافية، وقسْطاً زيادة .. في النهاية فوجئنا أن تليت أسماءُ الخريجين والخريجات كالبَرْق، كلغةِ المزايدات في المعارض ودور بيع التحف، فلم يعرف الأبُ أو الأم القادمان من السعودية متى جاء اسم ابنهما أو ابنتهما ومتى صعد وهل تسلم الشهادة؟ لقد كانت فترة تسليم الخريجين سلـقا سريعا، وشعرتُ أن هناك فرحات شابة اختنقتْ، فما كان مني إلا أن أخذتُ بعضي وغادرت بسرعة .. ثم جلست ببهو الفندق أتأمل هفواتَنا الكبرى، فبعد أن نبذل الجهدَ والمال لا نعرف أن نضعه فيما كان يجب أن يوضع .. شعرتُ بقلبي يمغصني من أجل أولئك الخريجين الذين حتى لم يُنظـَّم طلوعُهم للمنصة فكانوا يتزاحمون مرورا عبر طاولاتِ المدعوين من كل جهة .. حزنتُ، مع علمي أن الجميعَ بذل جهداً.. ولكن لمن؟ هذا السؤال بالذات لو أجيبَ صحيحاً في كل جهةٍ رسمية لكنا أمّة متفوقة في الأداء الرسمي.

ثم جاءوا كوكبة من ذُكروا في الرسالة وجلسوا معي وأجرينا حديثاً عادياً، وبدأت شكاواهم كالمطر.. وقلت لهم كلاماً قليلا عاديا: “الشكوى لا تفيدكم بل تضعفكم.. نظموا أنفسكم واعرفوا حقوقكم النظامية وليس طموحاتكم الجامحة، وافتحوا قنوات معكم وبينكم قبل أي شيء، ثم تبادلوا حواراً منطقيا ومهذبا مع الملحقية .. وستجدون أن كل هذه المشاكل هي غبار على رخام، ينفُخ .. ثم يعودُ الرخامُ صقيلاً من جديد!”

وتتعجب أن الشبابَ كان بالإمكان إرضاؤهم وبسهولة، فقط بأن نُسمِعُهم، وأن نستمع إليهم .. ليس إلا .. والباقي عليهم!

ولا أدري تلك الدمعة التي أخذت طريقها بيسر من عيني، أهي من سحر صوت الأذان، أم من أثر .. رسالةِ الفجر؟!

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية
رسالة الفجرِ