شهد وسلمان بن عبد العزيز
شهد طفلة معاقة ترافق والدها للدراسة في بريطانيا وتضفي كثيراً من الأنس على عائلتها ببراءتها وتمسكها بالأمل. عندما وصلت إلى مدينة كاردف حيث مقر الدراسة قدمت الوفود تباعاً من جهات حكومية وغير حكومية للتعرف على احتياجاتها وتقديم كل ما يمكن عمله لتسهيل حياتها في المجالات: الصحي والتعليمي والاجتماعي. كان تحركها وانتقالها أحد أوجه اهتمام كثير من تلك الجهات، ولم يشمل هذا الاهتمام وسيلة الانتقال من البيت إلى المدرسة والسيارة المناسبة لإعاقتها فحسب بل زاملها في مدرستها وقاعة الصف الذي تدرس فيه، كما رافقها داخل منزلها ابتداء من عتبة الباب وكرسي طاولة الطعام ومروراً بدرج المنزل حتى بلغ اهتمامهم بيت الراحة.
عندما تريد عائلة شهد أن تتسوق أو تتنزه فإن البطاقة الزرقاء التي منحت لأبيها تخوله أن يوقف سيارته في أقرب نقطة للمكان المقصود ولو غصت المواقف الأخرى بالسيارات. وفي كل مرة تسافر العائلة إلى أي مكان في بريطانيا لا تفكر شهد إطلاقاً بأن انتقالها بين المنتزهات والحدائق وأماكن الترفيه يسبب هماً لوالدها أو والدتها لأن (كل) الأماكن في المدينة مصممة بطريقة تجعل للمعاق أولوية على غيره في التنقل والحركة.
شهد التي تتلهف للعودة لأرض الوطن بعد سنوات من الغربة تدرك كما يدرك والداها أن كثيراً من التسهيلات التي حظيت بها في بلد الابتعاث ستتلاشى فمازلت تذكر معاناة أبيها في نقلها إلى المدرسة ومنها، وكيف لها أن تنسى لسعات الشمس الحارقة عندما كان يوقف أبوها سيارته على بعد مئات الأمتار أثناء مراجعاتها المتكررة للمستشفى، ولم يغب عنها إطلاقاً شعورها بأن الرياض التي تسكنها غير الرياض التي تعرفها نظراً لمحدودية الخيارات أمامها.
حياة شهد في بلد مثل بريطانيا لبضع سنوات جعلها تدرك أن لها ولبقية المعاقين حقوقاً كثيرة لا تتوافر في وطنها الذي يسكن قلبها وتسهيلات عديدة.
لكن سلمان بن عبد العزيز يزف اليوم لشهد ولبقية المعاقين حركياً ولذويهم أن عاصمة وطنهم تمد يدها للانضمام إلى رابطة أصدقاء المعاقين. وبقدر إيمان هذه الطفلة الصغيرة بأن كلمات سمو الأمير سلمان بن عبد العزيز هي أفعال بعد مشيئة الله، تؤمن كذلك أن قبول المعاقين للرياض بأن تكون صديقة لهم يتطلب تغييرا جذريا في خريطة الرياض وإعادة لتصميم مرافق كثيرة في هذه المدينة الواسعة وقبل ذلك قوانين صارمة وبرامج توعية تجعل من قضية حركة المعاق موضوعا يؤمن به الوزراء والمهندسون والمقاولون والتجار وأفراد المجتمع.
أعلنت الرياض صراحة بلسان أميرها المحبوب رغبتها بصداقة المعاقين، ونتمنى أن يأتي سريعاً ذلك اليوم الذي يعلن فيه المعاقون قبولهم هذه الصداقة.