قليلاً ما تلتقي فكرة تثير دهشتك .. ثم تنتقل الفكرة المدهشة إلى فكرة جبارة تستحق الاحترام .. ثم قد تصبح ذات فائدة عظيمة للمجتمع وربما لك .. والأفكار الجديدة التي قد تؤثر في حياة الإنسانية كلها تأتي، كما تقول الكتب من القدرة على إجراء عمليات ووضع أشياء بجوار أخرى بحيث نخرج بنتيجة عظيمة .. وجميع الأفكار العظيمة جاءت نتيجة هذا الربط، كما حدث مع "نيوتن" عندما رأى التفاحة تسقط من الشجرة فربط بينها وبين جاذبية الأرض .. وعندما ربط "ليوناردو دافنشي" بين صوت حجر يلقى في الماء وصوت جرس يدق في الفضاء .. وخرج من هذا بأن الصوت ينتقل في موجات .. وقس على هذا اختراعي اللاسلكي والتليفون ومئات الابتكارات التي غيرت وجه البشرية.
وفكرة الدكتور "محمد أحمد نصار" أستاذ الهندسة المائية في جامعة "الباحة" تقوم على الربط بين مادة وأخرى .. أو استخراج مادة جديدة من مادة قديمة لها الصفات نفسها ولكن أرقى وأنقى مثل تدوير الورق الذي ينتج من الزبالة وورق الجرائد القديم .. وفكرة الدكتور "نصار" هي تدوير مياه المساجد .. وهي مياه نظيفة تهدر وتذهب إلى المجاري وبتدويرها يمكن أن نحصل على 68.4 مليون متر مربع من المياه النظيفة تساوي 500 مليون ريال (نصف مليار ريال) وتحمل نحو 50 في المائة من أزمة الجفاف، وهو ما يساوي إنتاج محطات التحلية الـ 35 مجتمعة في 20 يوماً.
لقد قدر الدكتور "نصار علي" عدد المصلين في 80 ألف مسجد في "السعودية" يصل عددهم سنوياً إلى ما بين 13 بليون فرد، يراوح ما يستهلكه المصلي الواحد بين لترين وخمسة لترات وتصل بهذا إلى أرقام فلكية من كمية المياه المستخدمة في الوضوء، إضافة إلى المياه المستخدمة في المطابخ وهذه المياه سواء المستخدمة للوضوء في المساجد أو المنازل يمكن تدويرها بل وإعادة تدويرها مراراً، كما تفعل "اليابان" .. فهناك يعيدون تدوير المياه خمس مرات وربما سبعاً .. فإذا نظرنا إلى المستقبل في السنوات المقبلة ستزداد تكلفة تحلية المياه بحيث تصبح عبئاً كبيراً على الميزانية.
إن فكرة الدكتور "نصار" فكرة رائعة .. فالعالم كله يعاني مشكلات المياه .. ونحن نرى أن دول الأنهار كإفريقيا مثلاً تتصارع الآن على كمية المياه التي تخص كل دولة .. ودول المنبع السبع تريد إنقاص كمية المياه التي تصل "السودان" و"مصر"!!
مشكلة المياه هي مشكلة المستقبل .. فاستمعوا إلى فكرة الدكتور "نصار" المدهشة ففيها الحل الأكبر لمشكلاتنا .. وامنحوه أكبر جائزة على فكرته المدهشة.
