الملك عبد الله بن عبد العزيز وحصاد الحوار

رصد هذه الإرهاصات الحوارية، ورصدت ملامح هذه الثقافة الحوارية المتجذرة في فكر الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وهي ثقافة تشكل واحدة من إسهاماته المتعددة - أيده الله - التي يجدد بها عصرا زاهيا جديدا.
الحوار الوطني في بلادنا أصبح عنوانا تاريخيا محببا لمن يريد أن يؤرخ لهذه المرحلة، وأضحى من الظواهر البارزة التي ينطوي عليها خطابنا الثقافي، وتجري بها وسائل الإعلام ومصادر الثقافة.
فالحوار الذي يقرب بين التيارات والأطياف، والحوار الذي يجمع شرائح المجتمع على قيمه وآدابه، والحوار الذي يوصل إلى أفكار وتصورات إيجابية تثري حياتنا، وتخدم الصالح العام لا يختلف عليه أحد، ولا يختلف على دوره في التواصل والتسامح والاعتدال أحد، لأن ثقافته وقيمه تحتضن الجميع، وتقارب فيما بينهم.
لقد كانت ثقافة الحوار تشكل إحدى القيم الأصيلة لدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - ومنذ أكثر من 25 عاما وهو يرعى هذه الثقافة ويؤصل لها على مستويين: المستوى الأول: نخبوي، تمثل في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية)، وما يتضمنه المهرجان من ندوات حوارية تفاعلية تركز على قراءة العلاقات والمعارف والثقافات من خلال المشاركين من الكتاب والمثقفين والباحثين والأدباء من مختلف بلدان العالم العربي والإسلامي والغربي والشرقي، ومن خلال ما قدمته مكتبة الملك عبد العزيز العامة من ندوات عربية ودولية مثل: مستقبل الثقافة العربية، وندوة الأندلس، وندوة مصادر المعلومات في العالم الإسلامي، وهي ندوات جمعت في ظلالها ومحاورها أسماء عربية وأجنبية لا معه في مجالها الفكري والتاريخي والبحثي، فدارت حوارت ثرية أسست في جانبها النخبوي لرسالة جديدة، ولقيم حوارية تعلي من شأن التبادل الثقافي والمعرفي بين الحضارات.
أما المستوى الثاني فهو مستوى شعبي تمثل في استقبالات خادم الحرمين الشريفين للمواطنين، في هذا اللقاء الأسبوعي الحميمي بين القائد وشعبه، الذي يلامس فيه نبض المواطنين ووجدانهم، ويصغي باهتمام لهمومهم الحياتية والاجتماعية والوطنية، حيث تجمع هذه اللقاءات بين الإنسانية وبين الرغبة في التحاور، فعندما نشاهد خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - وهو يمد يده لمساعدة مسن يجلس بجواره ويحاوره، ويستمع إليه، فإن ذلك يؤكد رغبته - أيده الله - في تناول ثقافة الحوار على مختلف المستويات، فالمواطن البسيط يجد المجال للحوار حول همومه الاجتماعية والوطنية، أمام رجل بقامة الملك عبد الله بن عبد العزيز.
ولقد تشرفت بمعايشة الكثير من هذه الإرهاصات الحوارية التي قدمها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - على مدار ربع قرن من الزمان، عبر المؤسسة الثقافية للحرس الوطني، وعبر مهرجان الجنادرية، وزياراتي المتعددة لعدد من المناطق والانصهار الذي يحدث من قبل شرائح المجتمع تحت مظلة الحوار، ومن خلال حوارات ولقاءات مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
وفي كتابي: «الحوار في فكر الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود» سعيت إلى رصد هذه الإرهاصات الحوارية، ورصدت ملامح هذه الثقافة الحوارية المتجذرة في فكر الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وهي ثقافة تشكل واحدة من إسهاماته المتعددة - أيده الله - التي يجدد بها عصرا زاهيا جديدا من عصور المملكة، ويسهم بها إسهاما جليا في إيصال رسالة الحوار محليا وعالميا، وهي رسالة تنمو باستمرار لتؤكد على دور المملكة الحضاري، وعلى رسالتها العربية الإسلامية والعالمية التي تسعى للتعاون والتعايش والسلام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي