الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 7 ديسمبر 2025 | 16 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.8
(2.09%) 0.18
مجموعة تداول السعودية القابضة165.7
(1.04%) 1.70
الشركة التعاونية للتأمين119.3
(-1.97%) -2.40
شركة الخدمات التجارية العربية117.5
(-0.68%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(0.00%) 0.00
شركة اليمامة للحديد والصلب32.62
(-1.15%) -0.38
البنك العربي الوطني22.04
(-0.59%) -0.13
شركة موبي الصناعية11.12
(-1.59%) -0.18
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة32.5
(0.81%) 0.26
شركة إتحاد مصانع الأسلاك21.64
(1.26%) 0.27
بنك البلاد25.9
(0.86%) 0.22
شركة أملاك العالمية للتمويل11.46
(1.78%) 0.20
شركة المنجم للأغذية55.35
(0.82%) 0.45
صندوق البلاد للأسهم الصينية12
(-0.08%) -0.01
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54.95
(0.00%) 0.00
شركة سابك للمغذيات الزراعية116
(0.87%) 1.00
شركة الحمادي القابضة28.78
(-1.17%) -0.34
شركة الوطنية للتأمين13.04
(0.15%) 0.02
أرامكو السعودية24.52
(0.25%) 0.06
شركة الأميانت العربية السعودية17
(1.37%) 0.23
البنك الأهلي السعودي37.22
(1.64%) 0.60
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات30.42
(-0.33%) -0.10

تورطت إسرائيل في جريمتها ضد نشطاء الحرية في عرض البحر المتوسط يوم الأحد 31/5/2010، فقد كشفت العملية العسكرية الإسرائيلية ضد أسطول الحرية - الذي يحمل مساعدات إلى سكان قطاع غزة- عن عمق الأزمة النفسية والاستراتيجية التي تعيشها إسرائيل. فقد أخطأت القيادة الإسرائيلية حسابات ردود فعل النشطاء على ظهر السفينة، كما أخطأت ردود الفعل الدولية على استخدامها الأسلحة النارية، كما أخطأت تقدير رد الفعل التركي الذي تنتمي إليه السفينة التي هاجمتها القوات الإسرائيلية, وكثير من ركابها من حملة الجنسية التركية، وأخطأت إسرائيل عندما تبنى رئيس وزرائها كامل العملية ونتائجها دون أن يقدم للعالم مجرد اعتذار أو أسف على القتلى والجرحى، وبذلك وقعت إسرائيل في شر أعمالها هذه المرة، ويبدو أنها لن تخرج منها إلا بخسائر إعلامية وقانونية وسياسية, وربما استراتيجية كبيرة .

تورطت إسرائيل أساسا مع دولة إقليمية عظمى هي تركيا، دولة ليست في حاجة إلى إسرائيل, بينما إسرائيل في حاجة ماسة إليها على جميع الصعد، وتورطت مع دولة ليست في حاجة إلى الولايات المتحدة وتستطيع أن تقول لها لا كما قالت لها عند الحرب على العراق عام 2003، بل إن الولايات المتحدة في حاجة ماسة إليها، دولة عضو في حلف النيتو وتملك اقتصادا كبيرا، وتملك قيادة سياسية موحدة وتكاد تتطابق مع الجيش بخصوص الدور والمصالح والكرامة التركية في المنطقة، دولة تلعب دورا مهما واستراتيجيا في بناء شرق أوسط قوي ومتميز, وهي عضو في المجموعة الأوروبية، دولة تعد من الدول القائدة في العالم الإسلامي, وربما الاكثر أهمية لدى الغرب وإسرائيل .

رد الفعل التركي كان قويا ومباشرا ومفاجئا لإسرائيل، حيث قررت قيادة الجيش التركي إلغاء ثلاث مناورات مقررة سابقا مع الجيش الإسرائيلي، وقررت تركيا دعوة مجلس الأمن الدولي للانعقاد فورا لإدانة إسرائيل، وقرر رئيس وزرائها قطع زيارته إلى أمريكا اللاتينية ليهاجم إسرائيل من مطار تشيلي ويعدها دولة خارجة عن القانون، وعاد إلى تركيا ليوجه للعالم ولإسرائيل خطابا أقل ما يقال عنه إنه مفاجئ لإسرائيل، التي لا تزال تحاول أن ترمم علاقاتها المترنحة مع تركيا، التي تكسرت أو شرخت خلال أقل من عامين مرات عدة.

لذلك فإن إسرائيل اليوم في ورطة حقيقية مع تركيا ومع العالم، فتركيا تسعى إلى تدويل الجريمة الإسرائيلية ولا تقبل معالجتها ثنائيا، ويبدو أن تركيا تسعى إلى اعتذار إسرائيل عن الجريمة، وتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة، والإفراج عن كل الموقوفين في إسرائيل من ركاب الأسطول، وتحمل تركيا في هذه الأثناء الملف الفلسطيني وعنوانه فك الحصار عن قطاع غزة والوقوف مع الشعب الفلسطيني، كما تسعى إلى إلزام إسرائيل بالشرعية الدولية والقانون الدولي، ومحاكمة المسؤولين عن الجريمة دوليا في حال لم تمتثل إسرائيل إلى الشرعية الدولية، وزادت هذه الجريمة من التقارب بين الموقفين السياسي والعسكري التركي إزاء القضية الفلسطينية، خاصة إذا علمنا أن خطاب أردوغان رئيس وزراء تركيا يوم الإثنين 1/6/2010 تمت مراجعته من قبل رئاسة أركان الجيش التركي مع أردوغان، وهو الذي عبر بغضب شديد وقوي وجاد عن سخط وموقف تركيا، وفي الأثناء كان وزير خارجيته أحمد داود أوغلو يناقش الأمريكيين ويطالبهم بالمطالب ذاتها، حيث يعتقد أن الولايات المتحدة تأخذ المطالب التركية على محمل الجد في ضوء التجارب الماضية منذ تسلم حزب العدالة الحكم فيها، خاصة وهو يمسك اليوم بمقاليد السلطة كلها بكل مؤسساتها، ويكاد يطوع مؤسسة الجيش للسياسات ذاتها. لذلك فإن ورطة إسرائيل على صعيد حقوق الإنسان والقانون الدولي، وإرباكها عملية السلام والمفاوضات الجارية في المنطقة، والتسبب في إشعال الغضب الجماهيري ضدها من جديد، وتفاعل ملف رفع الحصار عن غزة ودعم الشعب الفسطيني والحديث عن معاناته إنما يسبب إرباكا وإحراجا للسياسة الأمركية ذاتها، ورغم ما بدا من تماسك أولي لموقف الحكومة الإسرائيلية والإدارة الأمريكية غير أن التفاعل العربي والإسلامي والدولي ربما يقود إلى تعديل جوهري في هذه المواقف والسياسات، خاصة إذا ما علمنا أن أردوغان وضع نفسه وحزبه في اختبار استراتيجي على صعيد الشعب التركي, الذي يقف خلف موقفه ضد إسرائيل بكل فئاته في البرلمان والجيش، وذلك في ظل اقتراب موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية التي قدمها حزب العدالة في أيلول (سبتمبر) 2010 المقبل، ولذلك فهو لا يتحمل التراجع أو الانكسار، الأمر الذي ربما تدركه الإدارة الأمريكية.

من ناحية أخرى, فإن ورطة إسرائيل هذه المرة هي من النوع المتدحرج، فقد بدأ ماراثون تبادل الاتهامات بتحمل المسؤولية داخليا، الذي ربما يقود إلى إقالات أو استقالات مهمة، وربما يتسبب في خلافات سياسية في حال تدخلت الولايات المتحدة بمبادرات لتفكيك الأزمة ونزع فتيلها حرصا على إسرائيل, الأمر الذي ربما يتطلب تنازلات إسرائيلية, الامر الذي ربما يطيح بحكومتها، ما يعني أن الورطة كما هي لكل إسرائيل خارجيا فهي لحكومتها القائمة بزعامة نتنيتاهو في الداخل الإسرائيلي، وبذلك تصبح الورطة الإسرائيلية مركبة ومعقدة، وربما تتسبب في تعديل نسبي في الوضع السياسي القائم في المنطقة, خاصة إزاء الحصار على غزة.من جهة أخرى, فإن إسرائيل لا تزال تعاني جرحها النازف فيما يتعلق بارتكاب جرائم حرب في حربها على غزة 2008/2009 وهجماتها السابقة عليها، وتلاحق قضايا جنائية قادتها في عدد من الدول الغربية، وهي بالتالي ليست في حاجة إلى جرح أعمق وملاحقات جديدة. وأما على الصعيد الإعلامي فقد تراجعت صورة إسرائيل الديمقراطية - التي تلتزم بحقوق الإنسان- مرات عدة منذ أربع سنوات حتى اليوم، لكن التراجع هذه المرة يتمتع بقدرة دينامية إقليمية ودولية لا تملك إسرائيل محاصرتها إلا بثمن مهم بسبب تبني تركيا مواجهة إسرائيل إعلاميا ودوليا، خاصة أنها منذ اللحظة الأولى كذبت الرواية الإسرائيلية والمبررات الإسرائيلية بشكل حاسم وشامل.ولذلك, فإن نجحت إسرائيل في منع الأسطول من الوصول إلى ميناء غزة وتقديم المساعدات المحمولة غير أنها خسرت إعلاميا وسياسيا وربما استراتيجيا أكثر بكثير مما تخيل قادتها أو حسبت، وفي المقابل فلئن لم تتلق غزة المساعدات المحمولة للسكان غير أنها كسبت تأييدا دوليا منقطع النظير، وتسببت العملية الإسرائيلية في فتح ملف الحصار الظالم وغير الإنساني على قطاع غزة بطريقة أكثر جدية من ذي قبل. ورغم تحفظ الولايات المتحدة وتزمت الموقف الإسرائيلي إزاء الحادث والحصار غير أن التطورات ربما تصل إلى درجة تخفيف الحصار وربما تفكيكه بشكل أو بآخر خلال الأشهر المقبلة. ومن ناحية ثانية, شاهد العالم ما قامت به إسرائيل وما قدمت من روايات ضعيفة وكاذبة نفاها المتضامنون والحكومة التركية ولذلك أصبح العالم اكثر تهيؤا لتصديق الرواية الفلسطينية عن جرائم إسرائيل وسياساتها العدوانية، وهي فرصة ذهبية للدول العربية والسلطة الفلسطينية للعمل على عزل إسرائيل إعلاميا وسياسيا في حال دعمت هذه الأطراف الموقف التركي, وهو ما لم تظهر له أي مؤشرات حتى كتابة هذه المقالة.

على الصعيد القانوني يبدو أن الفرصة أصبحت مواتية أكثر من ذي قبل لتقديم شكوى ضد قادة إسرائيل لدى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، كما يمكن بدء الحديث الجاد عن عدم التزام إسرائيل بالشرعية الدولية في التعامل مع السفينة عسكريا وبعملية قرصنة في المياه الدولية، واعتدائها على الجرحى وتقييدهم والتحقيق معهم، وأن سلوكها ضد الفلسطينيين هو من النوع ذاته، كما قد يفتح الأمر ملفها النووي في ظل رفضها التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية والعالم كله يريد أن يعاقب دولا إسلامية - رغم أنها عضو في المعاهدة - بحجة أن تقاريرها لا تروق للوكالة الدولية للطاقة. لقد فتحت الجريمة التي قامت بها إسرائيل ضد أسطول الحرية عش الدبابير على إسرائيل .. فهل نرى استثمارا عربيا وفلسطينيا مخلصا وجادا لهذا المأزق الإسرائيلي، أم نرى موقفا وسياسة عربية وفلسطينية تحمي إسرائيل وتنزع فتائل النار التي تحرق أصابع إسرائيل كما حصل سابقا في تقرير جولدستون، وملف مخيم جنين، وغيرهما؟

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية
ورطة إسرائيل مع تركيا