الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الأحد, 14 ديسمبر 2025 | 23 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.5
(-0.58%) -0.05
مجموعة تداول السعودية القابضة153.7
(-3.88%) -6.20
الشركة التعاونية للتأمين121.9
(-0.89%) -1.10
شركة الخدمات التجارية العربية126.8
(-0.39%) -0.50
شركة دراية المالية5.35
(0.19%) 0.01
شركة اليمامة للحديد والصلب32.2
(-4.73%) -1.60
البنك العربي الوطني21.8
(-3.54%) -0.80
شركة موبي الصناعية11.3
(3.67%) 0.40
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.82
(-5.75%) -1.88
شركة إتحاد مصانع الأسلاك20.91
(-3.46%) -0.75
بنك البلاد25
(-3.47%) -0.90
شركة أملاك العالمية للتمويل11.29
(-0.27%) -0.03
شركة المنجم للأغذية53.15
(-1.21%) -0.65
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.86
(1.37%) 0.16
الشركة السعودية للصناعات الأساسية54
(-1.19%) -0.65
شركة سابك للمغذيات الزراعية115
(-0.95%) -1.10
شركة الحمادي القابضة28.46
(-1.11%) -0.32
شركة الوطنية للتأمين13.3
(1.92%) 0.25
أرامكو السعودية23.89
(-0.04%) -0.01
شركة الأميانت العربية السعودية16.65
(-2.80%) -0.48
البنك الأهلي السعودي37.58
(-1.78%) -0.68
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات29.34
(-1.41%) -0.42

كل شخص في الغرب يعلم حكاية الجرادة والنملة. الجرادة كسولة وتمضي الصيف وهي تغني، أما النملة فتكوم الغذاء تحوطاً للشتاء. وحين يأتي الطقس البارد، تتوسل الجرادة إلى النملة لتعطيها الغذاء. لكن النملة ترفض وتموت الجرادة من الجوع. ما العبرة المستفادة من هذه الحكاية؟ الكسل يخلق الحاجة والعوز.

مع ذلك، الحياة أعقد مما نراه في حكاية إيسوب. في وقتنا الحاضر النمل هو الألمان والصينيون واليابانيون، والجراد هو الأمريكيون والبريطانيون واليونانيون والإيرلنديون والإسبان. ينتج النمل سلعاً مغرية يريد الجراد شراءها. فيسأل الجرادُ النملَ إن كان يريد شيئاً في المقابل. فيرد النمل: «لا. ليس لديكم شيء مما نريد، باستثناء بقعة بجانب البحر ربما. سنقرضكم المال. بهذه الطريقة ستستمتعون بالسلع التي ننتجها، ونحن نكوم المخزون».

النمل والجراد سعداء الآن. ولأن النمل اقتصادي وحذر، فهو يودع فائض عائداته في بنوك يفترض أنها مأمونة، تتولى إعادة إقراض المال للجراد. الجراد بدوره لا يعود في حاجة إلى إنتاج السلع، على اعتبار أن النمل يؤمنها له بأسعار رخيصة. لكن النمل لا يبيعهم المساكن، أو مجمعات التسوق، أو المكاتب. بالتالي الجراد هو الذي يقوم بتصنيع هذه الأشياء. بل إنه حتى يطلب من النمل أن يأتي ويقوم بالعمل. يجد الجراد أنه مع جميع الأموال التي تتدفق إليه، فإن أسعار الأراضي تأخذ في الارتفاع. وبالتالي الجراد يقترض مزيدا من الأموال، ويبني المزيد، وينفق المزيد.

ينظر النمل إلى الرفاه الذي تنعم به مستعمرات الجراد ويقول للمصرفيين لديه: «أقرضوا الجراد المزيد، على اعتبار أننا معشر النمل لا نريد الاقتراض». النمل أفضل بكثير في تصنيع المنتجات الحقيقية مما هو في تقييم المنتجات المالية. بالتالي يكتشف الجراد سبلاً ذكية لتعليب القروض التي استلفها من النمل وتحويلها إلى موجودات مغرية في أعين بنوك النمل.

الآن يصبح عش النمل الألماني قريباً للغاية من بعض مستعمرات الجراد الصغيرة. يقول النمل الألماني: «نريد أن نكون أصدقاء. فلماذا لا نقوم جميعاً باستخدام الأموال نفسها؟ لكن يتعين عليكم أولاً أن تعدونا بالتصرف كالنمل إلى الأبد». وعليه يتعين على الجراد أن يجتاز اختباراً معيناً، وهو أن يتصرف كالنمل على مدى بضع سنين. يقوم الجراد بذلك ومن ثم يُسمح له بتبني العملة الأوروبية.

#2#

يعيش الكل في تبات ونبات لفترة من الزمن. ينظر النمل الألماني إلى قروضه التي استلفها الجراد ويشعر بأنه غني. من جانب آخر، داخل مستعمرات الجراد، تنظر الحكومات إلى حساباتها الدسمة وتقول: «اسمعوا. نحن أفضل من النمل من حيث الالتزام بقواعد المالية العامة». يجد النمل أن هذا الأمر يبعث على الإحراج. ولذلك يلزم الصمت بخصوص الحقيقة القائلة إن الأجور والأسعار ترتفع بسرعة في مستعمرات الجراد، وهذا يجعل ما تنتجه من سلع أغلى من غيرها، وفي الوقت نفسه تقوم بتخفيف العبء الحقيقي من أسعار الفائدة، وبالتالي التشجيع على المزيد من الاقتراض والبناء.

الجراد الألماني الحكيم يصر على نحو كئيب بأن «الأشجار لا ترتفع إلى عنان السماء». أخيراً تصل أسعار الأراضي إلى الذروة في مستعمرات الجراد. وكما هو متوقع في مثل هذه الحالات، تشعر بنوك النمل الآن بالقلق وتطلب سداد أموالها. وعليه يضطر الجراد الَمدين إلى البيع. وهذا يخلق سلسلة من حالات الإفلاس. ويعمل كذلك على وقف الإنشاءات في مستعمرات الجراد ووقف إنفاق الجراد على شراء السلع من النمل. وتختفي الوظائف في مستعمرات الجراد وأعشاش النمل، وتصل مبالغ العجز في المالية العامة إلى مستويات ضخمة، خصوصاً في مستعمرات الجراد.

يدرك النمل الألماني أن مخزونه من الثروة لا يساوي الكثير، على اعتبار أن الجراد لا يستطيع تزويده بأي شيء يريده، سوى المساكن الرخيصة في المناطق المشمسة. فتضطر بنوك النمل إما إلى شطب الديون الرديئة، أو يتعين عليها إقناع حكومات النمل بإعطاء المزيد من أموال النمل إلى مستعمرات الجراد. تشعر حكومات النمل بالخوف من الاعتراف بأنها سمحت لبنوكها بأن تخسر أموال النمل. ولهذا تفضل المسار الثاني الذي يدعى «الإنقاذ». من جانب آخر، تأمر حكومات الجراد بزيادة الضرائب وتقليص الإنفاق بقوة. ويقولون لهم إنه يتعين عليهم الآن بالفعل أن يتصرفوا كالنمل. وعليه تدخل مستعمرات الجراد في ركود اقتصادي عميق. لكن الجراد مع ذلك يظل غير قادر على صناعة أي شيء يريد النمل شراءه، لأنه لا يعلم كيف يفعل ذلك. ولأنه لم يعد بوسع الجراد أن يقترض من جديد (في سبيل شراء السلع التي ينتجها النمل) فإنه يعاني من المجاعة. أخيراً يقرر النمل الألماني شطب قروضه إلى الجراد. لكن لأنه لم يتعلم شيئاً يذكر من هذه التجربة، فإنه يبيع السلع التي ينتجها إلى بلدان أخرى، مقابل المزيد من الدين.

وكما هو الحال مع العالم الأرحب، هناك أعشاش أخرى للنمل. آسيا على وجه الخصوص مليئة بها. هناك عش غني، شبيه بألمانيا، يدعى اليابان. كذلك يوجد عش ضخم يدعى الصين، وإن كان أفقر من اليابان. هذه البلدان تريد هي الأخرى أن تصبح غنية من خلال بيع السلع إلى الجراد بأسعار رخيصة وإنشاء المطالب بخصوص مستعمرات الجراد. بل إن العش الصيني يثبت سعر الصرف الأجنبي لعملته عند مستوى يضمن أن تتمتع سلعه بأسعار رخيصة تماماً. لحسن حظ الآسيويين، أو هذا ما يدل عليه ظاهر الأمر، يصادف أن تكون هناك مستعمرة ضخمة للجراد تتمتع بالنشاط بصورة غير عادية. هذه المستعمرة تدعى أمريكا. والواقع أن السبيل الوحيدة كي تعلم أنها مستعمرة للجراد هو شعارها الذي يقول: «نضع ثقتنا بالتسوق». تطور الأعشاش الآسيوية علاقة مع أمريكا تشبه علاقة ألمانيا مع جيرانها. ويأخذ النمل الآسيوي بتكويم جبال من سندات الجراد ويشعر بأنه غني.

مع ذلك هناك فرق بين الحالتين. حين يأتي الانهيار إلى أمريكا وتتوقف الأسر عن الاقتراض والإنفاق وينفجر الدين العام، فإن الحكومة لا تقول لنفسها: «هذا أمر خطر، ويجب علينا أن نقلص الإنفاق» وإنما بدلاً من ذلك تقول: «لا بد لنا من الإنفاق أكثر حتى من ذي قبل، في سبيل إبقاء الاقتصاد في حالة حركة». وهكذا يصبح العجز في المالية العامة هائلاً.

هذا يصيب الآسيويين بالقلق. فيقول زعيم العش الصيني إلى أمريكا: «نحن دائنوكم، ونصر على وقف الاقتراض، تماماً كما يفعل الآن الجراد الأوروبي». يضحك زعيم مستعمرة الجراد الأمريكية ويقول: «لم نطلب منكم إقراضنا هذه الأموال. بل إننا قلنا لكم إن عملكم هو نوع من الحماقة. علينا أن نضمن أن تكون هناك وظائف للجراد الأمريكي. إذا كنتم لا تريدون إقراضنا المال، عليكم أن ترفعوا سعر صرف عملتكم. عندها سنقوم بصناعة ما كنا نشتريه منكم ولن تعودوا بعدها مضطرين إلى إقراضنا». بالتالي تُعلِّم أمريكا الدائنين درساً من حكيم ميت: «إذا كنت مديناً للبنك بمبلغ 100 دولار، فإنك تعاني من مشكلة. لكن إذا كنتَ مديناً له بمبلغ 100 مليون دولار، فإن البنك هو الذي يعاني من المشكلة».

الزعيم الصيني لا يود أن يعترف بأن الجبل الضخم الموجود بحوزته من السندات الأمريكية لن تكون قيمته مساوية لتكلفته. كذلك يريد الشعب الصيني أن يستمر في صناعة البضائع الرخيصة ويبيعها للأجانب. ومن ثم تقرر الصين رغم كل شيء، شراء المزيد حتى من السندات الأمريكية. لكن بعد بضعة عقود، يقول الصينيون للأمريكيين أخيراً: «نريد منكم الآن تزويدنا بالسلع مقابل الدين الذي لنا عليكم». عندها يضحك الجراد الأمريكي ويقوم على الفور بتخفيض قيمة الدين. يخسر النمل مبالغ معينة من قيمة مدخراته، ويصاب بعض النمل بعد ذلك بالمجاعة حتى الموت.

ما العبرة المستفادة من هذه الحكاية؟ إذا كنت تريد تكويم وكنز ثروة دائمة، لا تقرض المال إلى الجراد.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية