يقع قصر خزام التاريخي في حي النزلة اليمانية جنوب شرقي مدينة جدة وسمي بخزام بسبب الوجود المكثف لنبات الخزامى في الحي وهو احد القصور الملكية التي كان يسكنها الملك عبد العزيز آل سعود يرحمه الله. وقد بدأ بناء القصر عام 1928م واكتمل بناؤه في عام 1932م واستغرق بناؤه خمسة أعوام وللقصر ثلاث واجهات الجنوبية وتطل على حي النزلة اليمانية ثم الواجهة الشمالية التي تطل على مصلى العيد فالغربية التي تطل على منطقة السبيل بجدة . وكان قصر خزام التاريخي ولا يزال على مدار عقود مضت الأول في نواحٍ متعددة فمثلما كان المكان الأول الذي احتضن أول واهم اتفاقية سعودية للتنقيب عن البترول فإنه كان أول بناء يستخدم في بنائه الاسمنت والحديد في جدة وهو أيضا أول قصر بناه المؤسس الملك عبد العزيز تغمده الله بواسع رحمته . ويعد القصر الذي تحول إلى مكان يرتاده السياح وزوار مدينة جدة والباحثون عن التاريخ بمختلف جنسياتهم واحدا من أهم وأبرز المتاحف الموجودة في المملكة ويتوسط موقعه أحد أحياء جدة القديمة الشعبية التي تخضع حاليا لإصلاحات وتطوير ويحتضن في محيطه (متحف جدة الإقليمي) . ويتكون القصر من طابقين وملحقات في الجهتين الجنوبية والغربية ويحيط به سور بارتفاع ثلاثة أمتار تقريبا وله مدخل رئيسي عبارة عن بوابة عالية تتكون من برجين متقابلين متشابهين في التصميم المعماري والزخرفي وهناك بوابة أخرى تعتبر اصغر من السابقة تتكون من برجين متقابلين متشابهين وقد شيدت البوابتان في وقت لاحق بعد الانتهاء من تشييد القصر الذي شيد بالأحجار الجيرية الصلبة المقطوعة من ساحل البحر الأحمر وهي المادة الأساسية التي كانت تستخدم في بناء المباني بمدينة جدة، كذلك استخدمت مواد أخرى مثل البطحاء والاسمنت والرمل وحديد التسليح والأخشاب. ويقول معاصرون لتاريخ قصر خزام أن القصر يدل على نمط الطراز المعماري الذي كان سائدا في البناء في تلك الحقبة وهو يرسم التسلسل العمراني والتطور المعماري والفني المرتبط بالقواعد السياسية والتنظيمية للدولة. وشهدت عملية البناء في المملكة في فترة تشييد القصر حدثا جديدا في تاريخها فلأول مرة شهدت مدينة جدة تجربة مادة جديدة في البناء وذلك باستخدام الاسمنت والحديد المسلح . ويذكر التاريخ بأن الملك عبد العزيز أمضى جانبا من حياته العملية في هذا القصر الذي يعد أول قصر بناه واستخدمه ديوانا يستقبل فيه ضيوف الدولة وكبار المسؤولين وعامة الشعب فقد شهد القصر توقيع اتفاقيات ومعاهدات ومذكرات سياسية عظيمة غيرت حال السعودية من صحراء إلى ما تعيشه اليوم من تقدم وازدهار . واستخدم الملك سعود رحمه الله القصر كمكاتب إدارية حتى عام 1963م حيث ضم القصر إلى قصور الضيافة وأضاف له بعض المرافق ووضع صورة بوابته الرئيسية على العملة الورقية . وانتقل قصر خزام التأريخي لوكالة الآثار والمتاحف وتم تحويله في عام 1981م إلى متحف بتوجيه من الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود يرحمه الله فقامت وكالة الآثار والمتاحف بوزارة المعارف بترميم جزء من مقدمة القصر وافتتح في مارس 1995م وروعي في عملية الترميم المحافظة على طابع المبنى المعماري وتم تحويل جزء من القصر إلى متحف ولقد تم تأثيثه وتجهيزه بالمعروضات التي تمثل جميع العصور التاريخية متدرجة بطريقة علمية من عصور التاريخ مرورا بالعصور الإسلامية وصولا إلى العصر الحديث . واستبشر المؤرخين ومحبي التاريخ والتراث خيرا بانتقال متحف قصر خزام للهيئة العليا للسياحة لما لهيئة السياحة من خبرة وخبراء ذوي أفكار مبدعة خلاقة قد تنقذ ما أكله الدهر وقد تنفض الغبار في أقرب وقت لتجعل المتحف يوازي المتاحف العالمية. و يضم المتحف ست قاعات وتبدأ القاعة الأولى بمجرد دخولك إلى المتحف وهي عبارة عن بهو أكثر من وصفه بقاعة ويضم على يمين الزائر آية قرآنية توضح علاقة الدين بالدراسات الأثرية ولوحة أخرى تعطي للزائر تعريفا عن المتاحف الموجودة في المملكة وصورا للحرمين الشريفين بعد التوسعة في عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز إضافة إلى مركب صيد تقليدي يوضح أهمية الثروة البحرية في حياة سكان جدة. ويلفت السقف العالي جدا والمزين بثريتين نظر الزائر وقبل أن يصعد السلم الطويل والمفروش بسجادة حمراء التي من المؤكد انها كانت فخمة ونظيفة في وقت سابق عليه بزيارة قاعة (عصور ما قبل التاريخ) وتضم القاعة أدوات تمثل حياة الإنسان الأولى في تلك الفترة والتي مارس من خلالها حياة الجمع والالتقاط ثم الصيد والترحال حتى صنع أدواته من المواد المتوافرة في البيئة ومن أهمها الحجارة ومن المعروف أن مدينة جدة والمناطق المحيطة بها تنتمي إلى تلك المرحلة التاريخية والتي تشمل العصور الحجرية بمختلف مراحلها . والأدوات المعروضة هي مفارم ومكاشط وسواطير ورؤوس سهام كما تضم القاعة قطعا فخارية من حضارة العبيد تعود إلى أكثر من خمسة آلاف عام وهي من المنطقة الشرقية وموجودات أثرية من موقع تيماء تعود إلى 550 عاماً قبل الميلاد ومن مدائن صالح (100-300 قبل الميلاد) ودومة الجندل (1250 قبل الميلاد) ونجران (850- 250 قبل الميلاد) وديدان (400 قبل الميلاد) وكتابات بخط المسند وصخور وأحجار أخذت من حفرية أصحاب الأخدود بنجران.
ويلفت نظر الزائر لقصر خزام التاريخي (الذي حول إلى متحف) المكتبة الخشبية الخاصة بالملك سعود يرحمه الله وما تضمه من مقعد وثير إضافة إلى أن القاعة تضم عصاه وتليفونه وسيوفه ومنها القردة التي تستخدم في العرضة وطقم الشاي الخاص به المصنوع من البورسلين الفاخر باللونين الأبيض والأزرق القاتم إضافة . والقاعة الخاصة بذلك غنية بالكنوز التي تحتويها المتعلقة بالملك سعود مثل العملات الورقية والمعدنية التي صكت في عهده وبعض من نياشينه والأوسمة التي تقلدها وعدد من الطوابع وبعض من مقتنياته الخاصة كالثلاث مرايات كما تضم العديد من الوثائق والمراسلات بين الملك عبد العزيز والملك سعود عندما كان ولياً للعهد وبعض المطبوعات القديمة في عهده كما تضم أيضاً صوره مع رؤساء الدول والوفود الرسمية للعديد من الدول فهناك نحو 70 صورة في الممر تحكي عن الملك سعود الإنسان، الأب، السياسي، الملك فلكل صورة قصة تستحق النظر إليها بتمعن . وتوجد بالمتحف قاعة أخرى متخصصة بكل ما يتعلق بالتراث الشعبي وتسمى بقاعة التراث الشعبي وتضم الملابس التقليدية والحلي الفضية التراثية لبعض مناطق المملكة وأدوات المعيشـة اليومية كأدوات الطبخ وأوانيها ودلال القهوة وأدوات الغسيل الثقيلة كالمكواة والأسلحة وأدوات الكتابة كالمحبرة واللوح الخشبي الذي يخط عليه وبعض المصنوعات المحلية الجلدية إضافة إلى بعض الأعمال اليدوية المصنوعة بالسعف. وتوجد في فناء المتحف مجموعة من الصخور الكبيرة عليها نقوش صخرية تتمثل في رسوم لحيوانات كانت سائدة في منطقة أبحر الشمالية (مكان الصخور الأصلية) وقد جرى نقلها إلى فناء المتحف وتعود الرسوم التي عليها للعصر الحجري . ويحظى المتحف بزيارات عديدة من طلاب المدارس والمواطنين والمقيمين والوفود الرسمية وضيوف الدولة و
