عمود الخيمة

في المدرسة عماد أساس إذا وقف بالشكل المبتغى كان ذلك من فضل الله علينا وعلى أبنائنا وعلى الناس أجمعين ! إليكم هذه الرواية : قبل سنتين دخلت مبنى مدرسياً به ما يربو على 400 طالب وبحالة يرثى لها وبعد التنظير المعتاد هبت هبوب إدارة التربية والتعليم بالغدو والآصال لكن هذه الرياح العاتية لم تغير شيئا من الواقع المرير لهذه المدرسة لقد كانت الجهود تدخل أبواب المدرسة وتخرج من نوافذها !! فكر الناصحون بعد أن حار المخلصون وفجأة يأتي الإلهام أحد المنظرين ليكتب بقصاصة ورق لا تتجاوز كف اليد (غيروا عمود الخيمة!!) رجع المنظر التربوي ببصره ذات اليمين وذات الشمال فارتد البصر خاسئا وهو حسير!!
وكانت تلك أولى نبضات القلب الصحيحة دبت الحياة وزادت نعم الله على العباد والبلاد. قبل أيام وصلتني دعوة كريمة لحضور ختام أنشطة هذه المدرسة لا أكتمكم سراَ بأن بطاقة الدعوة كانت في غاية الذوق ومنتهى الجمال وهذا مدعاة لاستجابة الدعوة!! وصلت إلى المدرسة مع وفد عال وعند باب المدرسة كان الأمر مختلفا !! قال صاحبي بلهجته الجنوبية (إيش هاالزركشة) ؟!! قلت يا صاحبي : ليست الأمور بالمظاهر رويدك ففي الداخل مخابر ومنابر !! لقد كان الحفل متميزا ومتنوعا : خطابة ومسرحا هادفا ومعارض تسر الناظرين ورصد لجميع منجزات بلدنا الحبيب, والمدهش في الأمر أن جميع ما تم كان بجهود أبنائنا الطلاب بعد تخطيط متقن من المعلمين وإشراف ودعم من المدير!! ما الذي قلب الأمور رأسا على عقب ؟!! فكروا معي مليا (عمود الخيمة) ! السنوات العجاف التي مرت على هذه المدرسة كان مديرها لا يجيد أبجديات فن الإدارة أتدرون لماذا؟ لأنه في البدء جاء لهذا المكان دون أدنى وعي بفن التعامل مع الآخرين ثم أغلق آفاق الرأي والمشورة وزاد فوق هذا البعد عن تطوير الذات فأصبح هشيما تذروه الأهواء ذات اليمين وذات الشمال حتى تفككت عرى الأخوة والمحبة وظهرت روائح التحزب والشللية عند ذلك لا مكان لناصح هنا ولا بوادر إبداع ترجى في هذه البيئة إنه كالورق الأصفر المهترئة حروفه لا سلمت من لوثاته ولا انتفعت من خبراته ولا ترك غيره يعلو عليه إنه النقص !! ألم أقل لكم إن العمود (أجوف) ؟!! وهنا يسأل سائل : وكيف انقلبت الأمور في المدرسة إلى هذا الحد ؟ مع أن كادر التعليم لم يتغير !! أقول لكم - حفظكم الله - عندما تغير(عمود الخيمة) مات في المدرسة كائن يسمى ( أنا ) وولد كائن جديد مكانه اسمه ( نحن ) فصارت المصلحة الجمعية مكان الأنانية . همسة إلى كل مدير: ليست الإدارة بقلم واحد إنما هي بعقل جمعي, والله في عون المخلصين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي