الجفاف يرحل نخيل بيشة إلى شوارع المدن السعودية

الجفاف يرحل نخيل بيشة إلى شوارع المدن السعودية

شاحنات تحمل على ظهورها أعدادا من النخيل المرصوصة, خارجة من بيشة متجهة إلى إحدى مناطق المملكة أو إحدى الدول المجاورة، بحثا عن الحياة بعد أن دهمها الجفاف وقلة المياه في أراضيها، منظر أصبح مألوفا كثيرا في شوارع بيشة في الفترة الأخيرة.. لا ينقضي يوم حتى تعلن فيه مجموعة من النخيل رحيلها المر من الأرض التي عاشت فيها سنوات وسنوات سواء بالموت وقوفا أو بالمغادرة والتخلي عن عاشقتها بيشة بعد أن وصل الجفاف إلى حد غير مسبوق جعلها تفقد كثيرا من أشجار النخيل، فبعد أن كانت أعدادها تقدر بأكثر من خمسة ملايين نخلة وصل عددها حاليا إلى ما يقارب 1.5 مليون نخلة.ما جعل بيشة تفقد لقبها شيئا فشيئا وهويتها الزراعية التي اكتسبتها منذ عام 1395هـ تقريبا مع مرور السنين وخاصة من عام 1405هـ وحتى وقتنا الحاضر، حيث إنها تعاني شحا في المياه الجوفية، ما اضطر عديدا من المزارعين لبيع نخيلهم بأسعار زهيدة لكي ينقذوا ما يمكن إنقاذه من سلالة هذه الشجرة الغالية الكريمة، حيث أصبح من المألوف أن نرى عديدا من الشاحنات تحمل أشجار النخيل إلى خارج المحافظة لاستخدامها في تزيين الشوارع سواء من المحافظات المجاورة أو الدول القريبة، وذلك بسبب موجة الجفاف العارمة التي اجتاحت المحافظة منذ ما يقارب خمسة وعشرين عاما.
ويقول الزارع محمد الشهراني من أهلي بيشة، إنه فقد مزرعتين للنخيل في بيشة وهي الآن أراض بيضاء بعد أن عصف الجفاف بها، ويضيف «نحن في بيشة حالنا كحال أي مسلم مؤمنين بحكم الله وقضائه ولا نيأس من رحمته سبحانه».
وزاد «إن من يشاهد بيشة في الوقت الحاضر يقول إن هذه المحافظة لم تكن بساتين غناء مليئة بأشجار النخيل والمزروعات الأخرى والبعض يظن أنه أخطأ الطريق إلى بيشة حينما يرى مزارعها أعجاز نخل خاوية».
من جهته، يقول سعد الكلبي أحد مزارعي بيشة، «إن الوضع بالنسبة للمزارع في بيشة محزن للغاية فقد تحملنا الديون من أجل المزارع واليوم بعد فقد كثير من المزارع لا يمكننا سداد المديونيات سواء للبنك الزراعي أو حتى تجار المعدات الزراعية». ويضيف «لقد رأيت رجالا من كبار السن يبكون على فراق عشيقتهم النخلة وهي إما جافة أو مغادرة على ظهور الشاحنات إلى مكان آخر».
وطالب الكلبي المختصين بعمل دراسات على الوضع المائي في بيشة وترشيد المزارع بعمل دورات تدريبية على طرق ترشيد المياه وإيجاد البدائل للحفاظ على الطبيعة الزراعية في بيشة.
على الطرف الآخر، يروي ضيف الله الزهراني كحال سابقيه، قصة قدومه إلى المحافظة، حيث يقول «إننا نزلنا إلى بيشة وهي غابات كثيفة من المزارع لا تكاد ترى من حولك من كثرة بساتينها، واليوم نشاهد وسط بيشة من أمام المنزل الذي يبعد عن بيشة عشرة كيلو مترات، والحمد لله على كل حال فهذا قضاء الله وقدره».
وأشار الزهراني إلى أن الطفرة الزراعية التي مرت على بيشة امتدت ما بين عامي 1395هـ وحتى 1403هـ تقريبا، حيث بدأت المحافظة بالتوسع في الأراضي الزراعية وانشغل غالبية السكان بالزراعة، إلا أنها في الآونة الأخيرة بدأت تنكمش وتضيق تلك المساحات الشاسعة في منظر محزن.
وناشد وزارة الزارعة بقوله «نحتاج من وزارة الزراعة إلى وقفة جادة لرد جميل هذه الشجرة على أهالي بيشة كونها أحد الروافد الاقتصادية للمزارعين، حيث إن كثيرا منهم ما زال يعاني القروض الزراعية التي كان في السابق يسددها عن طريق إنتاج المزارع وخاصة النخيل»، مطالبا الوزارة بعمل خزانات ري للمزارع وبطرق حديثة حتى يتمكنوا من إنقاذ النخيل من الهلاك.
وتساءل الزهراني عن دور السد ولماذا لا يتم الاستفادة منه لري المزارع وسقي الأشجار.

الأكثر قراءة