نظام ساهر الذي أسهر الناس في الجدل حوله!

منذ أن بدأ تطبيق نظام ''ساهر'' لرصد المخالفات المرورية في مدينة الرياض، قبل أيام، بدأت تدور معه أحاديث ومجادلات اجتماعية كثيرة، حول مدى عدالته، ومناسبة التوقيت له، وبدا المجتمع وكأنه فوجئ بنظام لم يعرف عنه إلا الرسائل الهاتفية التي أخذت تنهال على هواتف الناس، والتي تنبؤهم بمخالفات مرورية لا يعرفون كنهها، ويشعرون أنه لا قبل لهم بها لكثرتها، وارتفاع قيمة المخالفات.
وإليكم، فيما يلي، بعض ما يدور في المجتمع من شكاوى وتذمر حول النظام:
1 ـ أن المخالفات تسجل على مالك السيارة بصرف النظر عمن ارتكب المخالفة، ومن المعلوم أن ما لا يقل عن 50 في المائة من السيارات لا يقودها مالكوها، فكيف يحمل مالك السيارة وزر غيره، ويكلف بدفع قيمة مخالفة لم يرتكبها؟! أليس في الأمر مخالفة لقواعد العدالة؟! وهذه النقطة هي أهم ما يشوب النظام.
2 ـ لم تتح أي فترة توعية وتثقيف للناس حول النظام، وما الذي يشمله، وأنواع المخالفات وأقيامها، ومجالات تطبيقها، والمهلة المعطاة لسدادها، والغرامات إن وجدت! بما في ذلك الطلب من الناس أن يحدثوا معلوماتهم في سجلات المرور، ولا سيما الأرقام الهاتفية التي يعتمد عليها المرور في إرسال الرسائل الهاتفية عن المخالفات، والتي تتعرض، أي الأرقام، للتغيير باستمرار! في حين كان الأجدر بث برامج توعية وتثقيف في المدارس ووسائل الإعلام عن ماهية النظام وأهدافه، ويعطى الناس عدة أشهر لفهم مضمونه، والتكيف معه، مثلما كان قد حصل بالنسبة لحزام الأمان، قبل عدة سنوات!
3 ـ يدور لغط كبيرة حول ما يشمله النظام من مخالفات, فمرة ينشر أنه مخصص لمخالفات السرعة وقطع الإشارة, ومرة ينشر أنه يشمل جميع المخالفات المرورية, وأيا كان القصد, فمعظم الناس, ولا سيما السائقين الأجانب, لا يعرفون معدلات السرعة المسموح بها في كل شارع, وبعض الشوارع يخلو من لوحات إرشادية تبين الحدود القصوى المسموح بها, وإذا وجد فهي تكون بأرقام قد لا يفهمها بعض السائقين الأجانب, ومن هنا فإنه كان يجب إعلام الناس عن الشوارع التي يطبق فيها النظام, ومعدلات السرعة المسموح بها فيها, وتزويدها باللوحات الإرشادية الكافية التي تزيل أي غرر يصاحب تطبيق النظام, وذلك قبل بدء تطبيقه بفترة كافية.
4 ـ لو أخذنا, مثلا, شركات تأجير السيارات, وحاولنا إخضاع سياراتها للنظام, فمن المعلوم أن معظم من يستأجر منها هم من فئة الشباب الذين لا يستطيعون امتلاك سيارات, والذين يغلب على طبيعة قيادتهم السرعة وارتكاب المخالفات, وفي حالتهم فإن الرسائل الهاتفية عن المخالفات سوف ترسل إلى مالك السيارة, وهو الشركة, وليس لمستأجرها, الذي لا يعلم شيئا عن المخالفات التي قد تكون كثيرة, ولو فرضنا أن الشركة ستطالبه, عند حضوره لتسليم السيارة, بقيمة المخالفات, فكيف يستطيع الدفع خاصة إذا كانت المخالفات متعددة, وهو الذي لا يكاد يستطيع دفع الأجرة الأساسية؟!.., وحتى لو كان بإمكان البعض الدفع فإنه لن يسلم قيمة المخالفات للشركة خشية ألا تدخل في حساب المرور فتبقى المخالفات مسجلة عليه!.., ومن ثم فإن هناك إشكاليات سيخلقها تطبيق النظام!.., من هذا القبيل وغيره. وأخيرا فإن الهدف الذي لا يشك فيه أحد, من إيجاد هذا النظام, هو تصحيح بعض أوضاع المرور, وحماية أرواح الناس, وليس تصيدهم على غفلة, بيد إن من المهم الإشارة إلى أنه صاحب تطبيق النظام ارتباك وتذمر شديدان في الأوساط الاجتماعية لما صاحبه من مباغتة وأخذ للمصيب بجريرة المخطئ, تعبر عنه أحاديث الناس في مجالسهم, مثلما عبرت عنه تعليقاتهم في الصحافة المحلية, والمواقع الإلكترونية, والرسوم الهزلية (الكاريكاتير), ومن المؤكد أن الناس لن يستاءون من نظام يرون في نتائج تطبيقه تحقيق العدالة, والانضباط وتحميل كل منهم نتائج أخطائه ومخالفاته. والله من وراء القصد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي