أهالي شقراء يتبنون إعادة تأهيل تراثهم العمراني وترميم مبانيهم التاريخية
الوفاء للماضي لتعزيز قيم الوطنية والعرفان للأجيال السابقة في المشاركة في بناء الوطن هي الأسباب التي دعت كثيرا من أبناء مدينة شقراء لإعادة تأهيل التراث العمراني لشقراء وترميم الأماكن الأثرية في تلك المدينة الضاربة في عمق التاريخ وكان لها دور بارز في تاريخ المملكة العربية السعودية بداية من تأييدها المباشر والسريع للمؤسس الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ في تأسيس بلاد حضارية تستمد قيمها ومبادئها من تعاليم الشريعة الإسلامية ، بدأت الفكرة لإعادة المعالم الأثرية للمدينة منذ خمسة عشر عاماً وذلك للاستفادة منها شكلاً ومضموناً في تحفيز الجانب الجمالي والسياحي للمنطقة بصفة عامة ودمجها مع المقدرات الحضارية لمدينة شقراء ، ووجدت الفكرة صدى طيباً لدى سكان شقراء الذين يتطلعون لهذا الهدف في سبيل استجلاء تاريخ المدينة ، كما وجد دعماً ومؤازرة من أعيان المدينة وخاصة كبار السن ، وبدأت لجنة التراث بمدينة شقراء بالتنسيق والتعاون مع بلدية شقراء في تنفيذ ترميم سور شقراء التاريخي وإبراز معالم شقراء الأثرية والتاريخية.
#2#
#3#
#4#
#5#
#6#
#7#
#8#
انطلقت أعمال الترميم بترقب من الأهالي وزوار منطقة الوشم لإبراز القيم التاريخية للمساجد والمباني والبيوت والشوارع والأسواق والآبار القديمة التي هي جزء من تاريخ مدينة شقراء الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، من ترميم السور القديم الذي يرجع تاريخه إلى عام 1232هـ والسور الجديد الذي شيد عام 1318هـ موالاة لآل سعود ضد أعدائهم آنذاك، وبعد ذلك بعام واحد كان تاريخ استرداد الملك عبد العزيز ـ طيب الله ثراه ـ لمدينة الرياض الذي مثل بداية الملحمة لتوحيد كافة مناطق المملكة وأصبحت شقراء منطلقاً لكثير من بيارق التوحيد بما تحتويه في ذلك الوقت من قوى دينية واجتماعية واقتصادية.
بدأت اللجنة فعلياً تنفيذ ترميم مسجد الحسيني الذي يعود بناؤه إلى ما يزيد على 350 عاماً والمنحاة والسوابيط وإعادة تأهيل آبار الحسيني ومجيلس البواريد والأجزاء المحيطة به بتبرع سخي من قبل المهندس محمد بن سعد البواردي وكذلك المنطقة المحيطة به ومنها السكك المؤدية إليه وبيت المطوعة إدريسه وبيت حشر البواردي وترميم عدد من الحويطات منها حائط لولوه وحويط الجماعة وإعادة بناء مدرسة السليمي التي كانت خارج السور وخرجت كثيراً من طلاب شقراء وما حولها والسور من الجهة الشمالية الغربية وباب العقدة وأربع مقاصير وحوش الخيل، كما تم إعادة بناء حجرة السكور وهي غرفة تحكم في توزيع المياه التي تسقي شقراء أيام زمان، كما أن الشيخ محمد بن حمد العيسى قدم دعماً سخياً للجنة التراث بإعادة تأهيل وترميم بيت جده الشيخ : حمد بن عبد العزيز بن حمد العيسى التاريخي الذي يعود بناؤه إلى عام 1280هـ. وترميم السور الغربي وباب الثقاب أيضا على نفقته. وترميم بيت محمد بن عبد العزيز الحسيني - رحمه الله - في حي الصبخة بمتابعة ومساهمة من ابنه عبد الله بن محمد الحسيني،
كما تم البدء في ترميم بيت عبد الله بن سليمان الزيد - رحمه الله - والواقع في حي الحسيني بمتابعة ومساهمة من حفيده المهندس عبد العزيز بن عبد الله الزيد. كذلك ترميم بيت سعد الحماد والواقع في حي الحسيني مابين منحات الحسيني شمالا وسوق باب العقدة جنوبا وذلك على نفقة عدد من أحفاده .
وترميم بيت عبد العزيز بن إبراهيم الجميح - رحمه الله - والذي تم بناؤه عام 1282 هـ في حي الحسيني بشقراء والمعروف في بيت آل جميح وذلك على نفقة شركة الجميح القابضة. وترميم مجلس محمد بن سعود العيسى بتبرع من عبد الرحمن بن عبد الله العيسى. كما حظيت اللجنة بتبرع سخي من لجنة أهالي شقراء ومن عبد الكريم بن حمد المهنا.
وقد انتهت المرحلة الأولى لهذا المشروع الطموح والمتمثلة في ترميم مقاصير الحميدية الثلاث وما بينهن من سور بطول 250 مترا كما أنهى المشروع مرحلته الثانية بتسوية وترميم نقبة القرائن ومقصورة الجاسر وبقية السور الجنوبي من جهة الشرق ، بتبرع كريم من المهندس عبد الرحمن بن عبد الله البواردي وبقي من مشروع ترميم السور التاريخي أربع مراحل تشمل ترميم وتحسين البوابات مثل باب الطلحة وباب هداج وباب العطيفة، والجهة الغربية من السور بما فيها باب الثقاب ، والمرحلة الأخيرة كما هو مخطط له ستكون ترميم الجهة الشمالية للسور، كما أنه تم ترميم مقصورة السلامى على نفقة عبد الكريم بن عبد الله السليمي، وبدأ أبناء مدينة شقراء كل حسب تخصصه لدعم مسيرة هذا المشروع ودعمهم له سواء بالاستشارة أو تحقيق المعلومات التاريخية لتلك الأماكن، وحول أبرز معالم هذا السور الذي كان يلف مدينة شقراء القديمة والذي يحوي على 45 مقصورة كانت معلماً مهماً في وقتها ملأ الآفاق وستصبح معلماً تاريخياً وسياحياً في المستقبل القريب وهي البوابات التاريخية للمدينة القديمة مثل باب الطلحة، وكذلك باب هداج وباب العطيفة والبوابات الصغيرة مثل باب الثقاب وباب جمعة وباب الخل وكذلك المقاصير إلا أن السور الشرقي بما فيه من مقاصير دخلت ضمن البيوت من الجهة الشرقية، وزيادة في إبراز تلك المعالم التفصيلية للسور، وإضافة لمسة جمالية وهندسية له سيتم إن شاء الله تنفيذ أعمال الإنارة المناسبة لذلك ، كما سيتم عمل لوحات تعريفية للبوابات والمقاصير تحوي معلومات تاريخية عنها وعن تاريخ شقراء بصفة عامة). ومدينة شقراء التي ذكرها ابن بشر ـ حسب الدكتور محمد الشويعر ـ في تاريخه 34 مرة لأهميتها في مواقف عدة، والتي قال عنها أمين الريحاني: «إن شقراء لأجمل بلدان الوشم وأكبرها» تكتنز تاريخاً عريقاً كان أهمه الدور الذي لعبته اقتصاديا وعسكريا ضمن توحيد المملكة العربية السعودية على يد المؤسس الملك عبد العزيز ـ رحمه الله ، ولاستظهار هذا الدور التاريخي لأبناء المدينة سيتم الربط بين معالم المدينة وهذا الدور بالتعريف والإبراز من خلال عناصر هذا المشروع الذي تعهد أحد المخلصين بترميم وتشغيل الآبار القديمة المجاورة للسور مثل بئر الحميدية (أم عينين) وإحياء المزارع القديمة مثل حايط إبراهيم وما حولها لتكون منتجعات سياحية ذات صبغة تراثية لخدمة أبناء منطقة الوشم وزوار المنطقة ، وسيشمل المشروع بالإضافة إلى كل ذلك ترميم بعض البيوت الخاصة ذات الدلالة التاريخية كالبيت المجاور من الجهة الشمالية لقصر السبيعي الشهير وكذلك البيت المقابل له واللذين تعود ملكيتهما لأسرة البواردي. وشكرت لجنة التراث بمحافظة شقراء المهندس محمد بن حمد الزيد رئيس بلدية شقراء لما أبداه من مساندة فعلية وعملية وتبنيه لأهداف المشروع وأعماله منذ بدايته ، كما اثنت على الدور الكبير الذي يقوم به مدير التشغيل والصيانة في البلدية عبد العزيز بن سليمان الصالح ومتابعته وتذليل الصعاب لكافة مراحل تحسين وتجميل البلدة القديمة مؤكدين أن اللجنة وتحت إشراف الدكتور عبد اللطيف الحميد والمشرف التنفيذي للمشروع عبد الله بن ناصر المجيول، تسعى إلى تنفيذ أعمال ترميمية وإنشائية لخدمة تاريخ المنطقة وخاصة مدينة شقراء بعضها شرعت اللجنة به وبعضها تحت الدراسة مثل إعادة بناء بعض الأسواق مثل سوق حليوة وسوق المجلس وسوق المجباب التي تظهر دور شقراء التجاري ، وترميم السكك والأحياء القديمة، وإنشاء متحف الآثار، وإنشاء دار للتراث لجمع الوثائق والصور عن منطقة الوشم ، وترميم بعض البيوت بالتعاون مع أصحابها) وعن بعض العوائق التي يمر بها ترميم وإبراز معالم مدينة شقراء التاريخية ، لم تكن هناك عوائق كبيرة بتعاون أبناء المدينة ورجالاتها وإيمانهم بسمو أهداف المشروع وقيمته الحضارية والثقافية إلا أنها عوائق تمر بأي مشروع ترميم للأماكن التاريخية مثل انطماس بعض المعالم بمرور الزمن وتغير ملاك بعضها، عدم توافر المعلومات التاريخية المتعلقة بها وهناك لجنة علمية تتحقق من بعض تلك المعلومات ودعمها بالروايات الشفهية لبعض كبار السن والمعمرين في المدينة لتجاوز هذا العائق ، كذلك تعرض بعض المعالم للهدم وتحولها إلى أحواش واستراحات) وعدم وجود الخدمات للأحياء الداخلية من ماء وكهرباء وصرف صحي وهاتف، كما أنه لم يتم إسقاط المدينة هندسياً للاستفادة مستقبلاً ليشمل الترميم وإعادة التأهيل كافة البلدة القديمة وأسواقها ومساجدها. وأخيراً نجدها فرصة لدعوة أبناء المدينة وكل من لديه وثائق أو صور قديمة أو قطع أثرية مهما كان تاريخها تزويد لجنة التراث بها لتعم الفائدة الجميع ودعم المشروع سواء مادياً أو دعمه بالمعلومات التاريخية المحققة أو تقديم الاستشارة العلمية والهندسية لخطوات المشروع الذي هو مشروع يقوم به الجميع للجميع ولخدمة مدينة شقراء وتاريخها الوطني المشرق.