تأسيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض

نحتفل هذه الأيام بالذكرى الـ 50 لتأسيس الغرفة التجارية الصناعية في الرياض, وفي هذا اليوم الثلاثاء 20/5/1431هـ الموافق 4/5/2010، يرعى الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض حفل الغرفة بهذه المناسبة, وسموه كان له الدور الكبير في دعم المؤسسين الأوائل لهذه الغرفة، كما أشار إلى ذلك الوالد عبد العزيز المقيرن - رحمه الله - في أكثر من مناسبة حيث كان حريصاً ومتابعاً لجميع تفاصيل تأسيس الغرفة وبذل جهوداً كبيرة حتى حقق مبتغاه في تأسيس غرفة تجمع رجال الأعمال في مدينة الرياض وتسهم في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الرياض.
وظلت الغرفة طوال هذا التاريخ تجد الدعم والرعاية من سموه حتى أصبحت صرحاً شامخاً متميزاً ليس على مستوى الغرف التجارية في المملكة فقط بل على مستوى الوطن العربي.
ويأتي هذا الاحتفال بعد مرور حقبة زمنية تاريخية أسهمت خلالها الغرفة بدور وطني مميز في خدمة الاقتصاد الوطني ودعمه، وقامت بتعزيز قاعدة صلبة لتمكين قطاع الأعمال في منطقة الرياض من أداء مهامه في تنفيذ خطط وبرامج التنمية الاقتصادية الشاملة، وتعاونت بشكل بناء مع الجهات والهيئات الحكومية لتهيئة البيئة الخصبة أمام القطاع الخاص للإسهام الفاعل والفعال في مسيرة العمل التجاري والاقتصادي السعودي.
ونحن اليوم نحتفل بمرور 50 عاماً على تأسيس الغرفة لا بد أن نتحدث عن العطاء الذي قدمته غرفة الرياض عبر هذه المسيرة الطويلة من خلال عمل جماعي شارك فيه كثير من الرجال المخلصين من أبناء هذا الوطن عبر مجالس إدارات متعاقبة وأمناء عامين وموظفين كانت أشبه بسلسلة متصلة الحلقات ساهم كل منهم بدوره حتى تراكم العطاء وصار بهذا الحجم الذي يعرفه ويشاهده الجميع.
وبدأت هذه السلسلة من الوالد عبد العزيز بن سليمان المقيرن ـ رحمه الله ـ مؤسساً وأصبح رئيساً لأول مجلس إدارة للغرفة بعد الموافقة السامية الكريمة على تأسيسها عام1381هـ واستمر في رئاسة مجلس الغرفة لمدة 14 عاماً سبقها مشوار السعي في تأسيس الغرفة عام 1372هـ عندما كتب بخط يده خطاباً إلى مقام ولي العهد في ذلك الوقت المغفور له - بإذن الله - الملك سعود بن عبد العزيز عرض فيه الوالد رغبته ورغبة مجموعة من التجار في ذلك الوقت في إنشاء غرفة تجارية في الرياض. ورغم الصعوبات التي واجهته واصل الوالد مسيرة التأسيس لمدة تسع سنوات حتى صدرت الموافقة السامية عام 1381هـ. وقد بذل ـ رحمه الله ـ كثيرا من وقته وجهده وماله الخاص وبمساندة مجموعة من زملائه المؤيدين لمشروع الغرفة إلى أن استطاعت الغرفة الوقوف على قدميها والانطلاق نحو تحقيق الأهداف المرجوة منها.
وكان من الأمور التي استغرقت بعض الوقت للموافقة على تأسيس الغرفة في الرياض تخوف بعض التجار وأهل العلم من أن تكون الغرفة بمثابة محكمة تجارية, حيث كان الأمر جديداً على الناس في ذلك الزمان قبل 50 عاما, ولحل هذه العقبة قام الوالد بزيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز فنصحه الأمير بمقابلة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي الديار السعودية ـ يرحمه الله ـ حينذاك وشرح الموضوع له بحيث يكون الأمر واضحاً للجميع ويكون مقبولاً من جميع النواحي القانونية والشرعية.
وبالفعل توجه الوالد عبد العزيز المقيرن إلى الشيخ محمد بن إبراهيم (يرحمها الله جميعاً) وحمل معه نسخة من نظام الغرفة وعرضه على سماحة المفتي وشرح له جميع جوانب الموضوع, وبعد أسبوع من دراسة الأمر وافق سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم على الموضوع وبارك للوالد هذا المسعى وفوراً ذهب الوالد لأمير سلمان وأبلغه الأمر حيث أبدى سموه ارتياحه وسروره لهذه الخطوة المهمة في سبيل اكتمال إجراءات الموافقة على التأسيس.
واستمر الوالد - رحمه الله- في المتابعة والمثابرة مدعوماً بتشجيع وتأييد من زملائه رجال الأعمال ومستمداً القوه والعزيمة من الله ـ سبحانه وتعالى ـ ثم من دعم والده الشيخ سليمان المقيرن ـ رحمه الله ـ الذي كان سنداً قوياً له, وكان من حرصه واهتماماته كل ما يفيد مدينة الرياض وأهلها وله مبادرات وإسهامات اجتماعية وإنسانية مهمة من أبرزها دعمه للوالد وتشجيعه في موضوع الغرفة التجارية, وكذلك إنشاء شركة كهرباء الرياض، التي كان من أبرز المؤسسين والمساهمين فيها, وكان الجد سليمان المقيرن ـ رحمه الله ـ شخصية معروفة بصدقها وحرصها على المصلحة العامة, ويحظى بتقدير ومحبة ولاة الأمر, وذلك مما يعرفون عنه من صدقه معهم وولائه وحبه لهم ولبلده ولخير الناس.
وامتداداً للمساهمة ومشاركة العائلة في العطاء وخدمة الوطن يوجد حالياً الأخ خالد بن عبد العزيز المقيرن في عضوية مجلس إدارة الغرفة وقبله كان العم عبد الله بن سليمان المقيرن عضواً في مجلس إدارة الغرفة في دورات سابقة ويتولى حالياً المسؤولية في إدارة والإشراف على إدارة خدمة المجتمع الذي يقوم بدور كبير من خلال برامجه العديدة لخدمة المجتمع، ونائبا لرئيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في الغرفة.
كما أود أن أنوه بالدور الكبير الذي قام به المسؤولون حالياً في الغرفة على التوثيق الإعلامي الشامل لتاريخ الغرفة وتأسيسها وفاءً لمن قاموا بإرساء اللبنات الأولى لهذا الصرح وتكبد مشاق البناء والترسيخ لتجربة الغرفه على الرغم من الإمكانات الشحيحة والبسيطة في تلك الفترة السابقة. وأشيد في هذا الصدد بالكتاب الذي أصدرته الغرفة متزامناً مع هذه المناسبة الذي يتضمن تاريخ الغرفة ونشاطها شاملاً تاريخ جميع الرجال المخلصين الذين عملوا في الغرفة من تأسيسها إلى يومنا هذا.
وفي الختام لا بد من أن نقدم الشكر الجزيل للأمير سلمان بن عبد العزيز على رعايته حفل الغرفة والرعاية المتواصلة لها منذ أكثر من 50 عاماً حتى كان ـ حفظه الله ـ داعماً لكل النجاحات التي حققتها الغرفة على مر السنين, وسيظل ـ بإذن الله ـ كذلك, وهذا ليس مستغرباً منه فهو دائماً يرعى ويدعم كل مبادرة أو جهد أو إنجاز يعود بالنفع على الناس والبلد بخير.
ويمتد الشكر والعرفان لكل الرجالات المخلصين من موظفين وتجار ورجال أعمال ومسؤولين في الدولة ورؤساء وأعضاء مجالس إدارات تعاقبت على إدارة شؤون الغرفة طوال الفترة الماضية بمن فيهم الوالد المؤسس وكذلك الأمين العام السابق للغرفة الشيخ صالح الطعيمي الذي انضم إلى الغرفة بعد تأسيسها بأربع سنوات في منتصف عام 1385هـ خلفاً لعاطف الدجاني ـ رحمه الله ـ واستمر الشيخ صالح أميناً عاماً للغرفة على مدى 30 عاماً, وكان خير ربان للسفينة على مدى ثلاثة عقود, ونتمنى للإخوة القائمين حالياً على شؤون الغرفة وفي مقدمتهم الشيخ عبد الرحمن الجريسي رئيس مجلس الإدارة وزملائه أعضاء المجلس وكذلك أمينها العام الشيخ حسين العذل وجميع العاملين معهم التوفيق والنجاح ومواصلة العطاء والبذل لتستمر الغرفة في تحقيق المزيد والمزيد من الفائدة للناس والمجتمع والوطن.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي