الهند.. الفيل الآسيوي يفتح أبوابه للمصارف الإسلامية

الهند.. الفيل الآسيوي يفتح أبوابه للمصارف الإسلامية
الهند.. الفيل الآسيوي يفتح أبوابه للمصارف الإسلامية
الهند.. الفيل الآسيوي يفتح أبوابه للمصارف الإسلامية

زيارات عديدة قامت بها القيادة الهندية لدول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وأيضا زيارات إلى عديد من الدول العربية، وزيارات متبادلة مماثلة قام بها الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض للهند أخيرا، في إطار التعاون المشترك. لكن الهند أيضا تنظر باهتمام للمصرفية الإسلامية الصاعدة، فقد هيأت لها البنى التحتية والبحثية والدراسات، والخبراء في مجال الاقتصاد الإسلامي، وفيها عدد كبير من أعضاء الهيئات الشرعية في البنوك الإسلامية.

الهند تفتح أبوابها للمالية الإسلامية، في وقت تشير فيه التوقعات إلى نسب نمو تصل 12 في المئة في عام 2012، حيث وصل التبادل التجاري العربي ــ الهندي إلى 45 مليار دولار في عام 2008 بعد أن كان 12 مليار دولار عام 2003، أي بمعدل زيادة 32 في المئة، كما أن هناك نحو 4 ملايين مواطن هندي يعملون في الدول العربية، تصل قيمة تحويلاتهم للهند إلى 25 مليار دولار، وهناك فرص استثمارية في الهند بقيمة تصل إلى تريليوني دولار في مجالات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والتصنيع والمشاريع المتوسطة والصغيرة والمشاريع المتعلقة بتنمية المهارات البشرية والتعليم والرعاية الصحية >

الهند دولة ينمو اقتصادها بشكل مطرد وأحيانا بسرعة غير متوقعة، فكان نموها الاقتصادي العام الماضي 7,5 في المئة ومن المتوقع أن يصل نموها الاقتصادي في العام الحالي إلى 8 في المئة، متفوقة على الصين العملاق الاقتصادي الصاعد، وعندما أعلن ويزر المالية الهندي برناب مهراجي ميزانية الهند للعام الحالي 2011/2010 التي بدأت مع بداية أبريل 2010، توقع أن يصل النمو الاقتصادي في الهند إلى 10 في المئة مع عام 2012، وتحاول الحكومة الفيدرالية الهندية تحسين الضرائب وإدارة الشؤون المالية وترشيد الإنفاق الحكومي، هذا وقد زادت صادرات الهند مع ديسمبر 2009 بنسبة 9,3 في المئة (14606 مليون دولار)، كما أن واردات الهند نمت في الفترة نفسها بـنسبة 27 في المئة (24753 مليون دولار)، وتحاول الهند زيادة صادراتها ولكن تقارير البنك الدولي تشير إلى أن الواردات ستبقى تزيد على الصادرات في المدى القريب، على الرغم من أن الهند تحاول الاستفادة من قطاعها الزراعي في الصادرات، حيث يذهب ثلثا الصادرات الزراعية إلى الدول الصناعية المتقدمة، ولكن نمو القطاع الزراعي يتقلب حسب نسبة الأمطار الموسمية. وتشهد المحاصيل الزراعية نموا وأحيانا تتراجع خاصة في محاصيل تستفيد الهند من تصديرها مثل الأرز والقمح والقطن والسكر، ويشير الجدول (1) إلى إنتاجها خلال السنوات العشر الأخيرة.

ويتوقع خبراء البنك الدولي أن يتجاوز نمو الاقتصاد الهندي نمو نظيره الصيني خلال العام المقبل لتنتهي المرحلة التي حافظ فيها الاقتصاد الصيني على معدلات نمو تفوق الاقتصاد الهندي. ويقول الخبراء أيضا في تقرير نشر أخيرا إن نمو اقتصادات جنوب آسيا التي تنتمي إليها الهند قد يفوق نمو الاقتصادات في شرق القارة الآسيوية خلال عام 2010. ويؤكد خبراء أن الاقتصاد الصيني سيواصل نموه بمعدلات تفوق كافة الاقتصادات الكبرى، إلا أن خبراء آخرين يتوقعون تغير معدلات النمو في الدولتين الأكبر من حيث السكان لصالح الهند، التي سينمو اقتصادها بشكل أسرع من الاقتصاد الصيني. وتشكل الصين والهند مجتمعتين 40 في المائة من سكان الكرة الأرضية لا تعدان الأسرع نموا على الصعيد الاقتصادي في الوقت الحالي، إلا أنهما بين الاقتصادات القليلة التي لا تزال تسجل توسعا اقتصاديا في وقت يشهد فيه العالم أزمة اقتصادية خانقة. وقد مر الاقتصادان الصيني والهندي بظروف متشابهة في عقد الخمسينيات من ناحية مستوى دخل السكان والتنمية الاقتصادية، حينما كان أكثر من نصف سكان البلدين يقبعون تحت مستوى الفقر. ويقول الخبراء إن النمو الهندي سيتخطى النمو الصيني نتيجة لكون حجم الاقتصاد الصيني البالغ 4.2 تريليون دولار أكبر من نظيره الهندي البالغ 1.2 تريليون دولار بواقع ثلاث مرات ونصف.

ورغم الأزمة المالية العالمية وما حدث في سوق دبي القريبة من الهند، وما أدت إليه من تراجع الاستثمارات في الدول النامية بنسبة 40 في المئة، فإن المتوقع أن تتأثر السوق الهندية بتراجع الاستثمارتات قليلا. ويعتمد ذلك على تحسن أحوال البنوك والمؤسسات الغربية، ومدى استعداد البنوك الهندية للعب دور في تسهيل القروض داخل الهند. ومقارنة بعجز الميزانية الأمريكية يبقى الاقتصاد الهندي أفضل من نظيره الأمريكي في النمو رغم عجز الميزانية والدين العام.

وأشار بنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) في نشرته الإحصائية الأسبوعية الأخيرة إلى أن احتياطيات الهند من العملة الأجنبية انخفضت إلى 283.99 مليار دولار حتى 25 ديسمبر من 283.643 مليار دولار قبل ذلك بأسبوع. وأضاف البنك أن التغيرات في أصول العملات الأجنبية المقومة بالدولار تشمل تأثير ارتفاع أو انخفاض قيمة عملات أخرى تضمها احتياطيات الهند مثل اليورو والجنيه الاسترليني والين. وذكر البنك المركزي أن احتياطيات العملة الأجنبية تشمل مركز شريحة احتياطي الهند لدى صندوق النقد الدولي. وفي وقت سابق أعلن بنك التنمية الآسيوى أنه من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الهندي بنسبة 6 في المائة هذا العام، وهو ما يمثل نهوضا قويا من الأزمة العالمية مع زيادة تدفق رؤوس الأموال والإنتاج الصناعي والثقة بالاعمال. وأضاف البنك في تقريره أن توقعات التنمية في آسيا لعام 2009، بالرغم من بقاء الإنتاج الزراعي لهذا العام ضعيفا وتراجع الصادرات، إلا أن الإدارة الاقتصادية النشطة التي تمثلت في حزم حفز مالي وسياسة نقدية استيعابية، قللت من خسائر الأزمة المالية العالمية، وتساعد في توسع اقتصادي قوي نسبي مرة أخرى. وتوقع التقرير نموا بنسبة 7 في المائة لعام 2010، وهو ما يمثل ارتفاعا عن توقعات سابقة في مارس الماضي بتحقيق نمو نسبته 5.6 في المائة. تتوقع الهند نمو اقتصادها بنسبة 7.2 في المئة خلال العام المالي الحالي. ووفقا للبيانات الصادرة عن منظمة الإحصاء المركزية، يأتي النمو هذا العام المالي مدفوعا بنمو نسبته 8.9 في المئة في مجال التصنيع. وضخت الحكومة عددا من حزم التحفيز لمساعدة القطاع على مواجهة الأزمة المالية العالمية. وقالت منظمة الإحصاء المركزية إنها تتوقع أن ينمو دخل الفرد من الناتج القومي بالأسعار الحقيقية بنسبة 5.4 في المئة ليصل إلى 33540 روبية (716 دولارا) مقابل 31821 روبية قبل عام. وقال رئيس مجموعة "آي سي آر أي إي آر" الاستشارية في دلهي راجيف كومار إنه يجب على الحكومة أن تدرس إمكانية وقف خطتها للتحفيز الاقتصادي أو الإعلان عن خطة طريق لتنفيذ ذلك. وتوقعت منظمة الإحصاء المركزية ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 8.9 في المئة في 2010. يشار إلى أن الاقتصاد الهندي نما بمعدل 6.7 في المئة في السنة المالية الحالية بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. وقال صناع القرار في الهند بمن فيهم رئيس الوزراء مانموهان سنغ إنهم يتوقعون نمو الاقتصاد بنسبة 7.5 في المئة في السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس المقبل.

التبادل التجاري العربي ــ الهندي

وصل حجم التبادل التجاري العربي ــ الهندي إلى 45 مليار دولار في عام 2008 بعد أن كان 12 مليار دولار عام 2003 أي بمعدل زيادة 32 في المئة. وتعد الهند من أكبر الشركاء التجاريين للدول العربية وتصل استثمارات سبع دول عربية هي: الأردن والإمارات والسعودية وليبيا ومصر واليمن والسودان إلى 4 مليارات دولار في الهند، كما أن هناك نحو 4 ملايين مواطن هندي يعملون في الدول العربية، تصل قيمة تحويلاتهم ى إلى الهند إلى 25 مليار دولار. وهناك فرص استثمارية في الهند بقيمة تصل إلى تريليوني دولار في مجالات البنية التحتية والطاقة والتكنولوجيا والتصنيع والمشاريع المتوسطة والصغيرة والمشاريع المتعلقة بتنمية المهارات البشرية والتعليم والرعاية الصحية، وتتطلع الهند إلى زيادة حجم شراكاتها الاستثمارية مع الدول العربية، خاصة أن للهند شراكات ناجحة، فالإمارات العربية المتحدة الشريك الأول، والثاني المملكة العربية السعودية وتأتي قطر في المرتبة الثالثة أما دولة الكويت ففي المرتبة الرابعة، وتصل استثمارات الهند في مصر إلى 5 مليارات دولار، ولدى الهند عديد من المحفزات للمستثمرين العرب، وتأمل أيضا مزيدا من التعاون مع سيدات الأعمال في العالم العربي، ومزيدا من التعاون في مجال العمل المصرفي والتنمية البشرية والمجالات الأخرى المتنوعة".
#2#
وقال رئيس الخبراء الاقتصاديين في الشركة الكويتية ــ الصينية الاستثمارية، أليساندرو بوكي: "جذب نمو الأسواق الآسيوية اهتمام المستثمرين من الخليج والشرق الأوسط لاغتنام وتقييم الفرص الاستثمارية في دول آسيا، وتوفر تقاريرنا المتخصصة في الاقتصاد والأسواق في آسيا المعلومات والتوقعات الأساسية التي تساعد مؤسسات الأبحاث والمستثمرين".

يذكر أنه خلال العقود الثلاثة الأخيرة، نما الاقتصاد الصيني خمسة عشر ضعفا عما كان عليه سابقا، فقد وصل معدل النمو إلى 10 في المئة سنويا على مدار العشرين عاما الماضية، كما نما الاقتصاد الهندي ثلاثة أضعاف كمعدل وسطي مقداره 6.4 في المئة سنوياً، أما الصين فقد أصبحت ثالث أكبر اقتصاد عالمي خلال السنوات الخمس الماضية، في حين احتلت الهند المركز الثاني عشر في الاقتصاد العالمي، ومن المتوقع أن يصبح الاقتصاد الصيني مع حلول عام 2050 أكبر اقتصاد في العالم، والاقتصاد الهندي الثالث عالميا.

وأضاف بوكي: "هناك توقعات عالية بين المحللين والمستثمرين اليوم أن النمو الاقتصادي في آسيا سيحتل العصر الجاري، ووضع أبحاثنا ودراساتنا في متناول أيدي الجميع سيساعد المستثمرين على اتخاذ أفضل قرارات استثمار مدروسة لتقييم قطاعات الاستثمار.

وإننا أيضا نعي المخاطر التي تقدمها الاقتصادات النامية، ولذلك فإن محللينا وخبراءنا يدرسون بدقة الأداء الاقتصادي للدول الآسيوية والعوامل التي تدفع النمو وتطور الدورات الاقتصادية لتقييم هذه المخاطر".

ويتضمن فريق الابحاث في الشركة الكويتية ــ الصينية الاستثمارية محللين واقتصاديين من جميع أنحاء العالم ذوي خبرة من مؤسسات عالمية كالبنك الدولي وجامعة هارفارد.
وتستثمر الشركة الكويتية ــ الصينية الاستثمارية في قطاعات يعتمد نموها على الطلب المحلي في آسيا، وبالأخص في قطاعات الطاقة والعقارات والزراعة والبنية التحتية والتمويل.

الهند تسعى لجذب المصرفية الإسلامية

تعد الهند ثاني دولة في العالم من حيث عدد المسلمين فيها بعد إندونيسيا، حيث يصل عدد المسلمين في الهند إلى ما يقارب 200 مليون نسمة، وعليه ترى الحكومة الهندية أن عليها أن تفتح أبوابها أمام المصارف الإسلامية، نظرا لأنها أحد أكثر اقتصادات العالم نموا، وقال المتحدثون في المؤتمر العالمي للصيرفة الإسلامية الذي أقيم في ولاية كيرالا جنوبي الهند في أكتوبر الماضي، إنها ستستفيد بصورة كبيرة من نظام التمويل الإسلامي. وكانت مدينة كاليكوت بولاية كيرالا قد استضافت على مدار يومين مؤتمر التمويل والصيرفة الإسلامية، الذي ضم 200 خبير في هذا المجال، من الهند والولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسعودية والكويت والبحرين، الذي يعد الأول من نوعه في الهند. جاء المؤتمر دون شك حدثا تاريخيا، أسهم في خلق وعي حول مفهوم الصيرفة الإسلامية داخل القطاع المالي والشركات، في ظل الركود الحالي في المجال الاقتصادي، إذ لا يزال الأفراد في الهند ودول العالم الأخرى غير مدركين لمقومات وفوائد الصيرفة والتمويل الإسلامي. وقال عبد الرقيب، الأمين العام لمركز التمويل الإسلامي الهندي، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر "إذا كانت لندن وسنغافورة وطوكيو فيها بنوك إسلامية، فلماذا لا تحذو مومباي وكواشي حذوها، إذ سيعمل ذلك على استفادة الاقتصاد الهندي، عبر جذب استثمارات من اقتصادات الشرق الأوسط الغنية، الباحثة عن مقاصد جديدة للتمويل الإسلامي، القادر على حل عديد من المشكلات التي تواجه العالم كالأزمة المالية الحالية". كما طرح عبد الرقيب أجندة من خمس نقاط تعمل على تسهيل عمل وإنجاح البنك الإسلامي في الهند.

كان المؤتمر قد عقد في الثالث والرابع من شهر أكتوبر 2009، بدعم من مصرف التنمية الإسلامي، الذي يتخذ من جدة مقرا له، وشركة التنمية الصناعية في ولاية كيرالا، وحضره عديد من الوزراء الهنود المسلمين وخبراء التمويل وأساتذة الجامعات والاقتصاديين البارزين في الشركات العالمية. وأشار وزير الدولة للسكك الحديدية في الهند، إي أحمد، في افتتاح المؤتمر، إلى قدرة التمويل الإسلامي على الاضطلاع بدور كبير في الهند، كدولة تضم ثاني أكبر جالية إسلامية في العالم. علاوة على ذلك، فإن التمويل الإسلامي القائم على مبادئ الشريعة الإسلامية، قابل للتطبيق في المجتمع ككل في الوقت ذاته. وأشار أحمد إلى أن النقطة الأهم في هذا الشأن تتمثل في كيفية تطبيق الصيرفة الإسلامية في دولة علمانية كالهند، التي تمتلك نظاما بنكيا تقليديا. ومع وجود نحو 200 مليون مسلم في الهند، ستتوافر الاستثمارات الضخمة من الشرق الأوسط، وستتوافر فرص الاستثمار التي توفرها البيئة الاقتصادية الهندية. وستتاح للبنوك التي توجد فيها أقسام للمعاملات الإسلامية في الهند والخارج، ميزة على البنوك الأخرى، في إمكانية جلب التمويلات الاستثمارية للهند، عبر التأكيد للمستثمرين أن هذه الاستثمارات ستوظف بالشكل الأنسب في الهند عبر أحكام الشريعة الإسلامية. وهناك خمس شركات هندية هي ريلاينس إنداستريز وإنفوسيستمز تكنولوجيز ويبرز، وتاتا موتورز، وساتيام كمبيوتر سيرفيسز، موجودة ضمن مؤشر بريك للشريعة الإسلامية، ضمن مؤشر ستاندرد آند بورز. وإلى الآن لم يستقر المصرف المركزي الهندي على صياغة للصيرفة الإسلامية في الهند.

وأشار كل من توماس إيزاك، وزير الدولة للتجارة بولاية كيرالا، وإلمارام كريم، وزير الصناعة، إلى الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الصيرفة الخالية من الفائدة والتمويل الإسلامي في كيرالا، التي تعمل في الوقت الحالي على تأسيس أول مؤسسة مصرفية إسلامية خاصة، سيكون لها أفرع في أنحاء الهند، وسوف تظهر تدريجيا كبنك إسلامي عالمي.

وأكد عضو البرلمان الهندي، عبد الوهاب، أن مجلس الشريعة للمؤسسة المالية الإسلامية في كيرالا يجب أن يكون له تمثيل عالمي، كما هنأ حكومة كيرالا على سعيها إلى تطبيق مشروع الصيرفة الإسلامية، في الوقت الذي يساوي فيه العالم الإسلام بالإرهاب. وأشار الدكتور حسين ماداوور، عميد كلية آر يو إيه، إلى أن الحكومة الهندية تنوي إصدار تراخيص للمؤسسات لتقديم خدمات الصيرفة والتمويل الإسلامي، وتقديم المحاضرات حول هذا الموضوع. وأضاف أن المحاضرات حول الصيرفة والتمويل الإسلامي، ستقدم في الكلية، ما إن تحصل على تصديق من الحكومة والجامعة. ومثل تلك المحاضرات ستوفر مزيدا من فرص العمل للهنود في دول الخليج العربي.

إن الحكومة الهندية تسعى نحو تقديم الصيرفة الإسلامية إلى الهند، وقد أكمل بنك الاحتياطي الهندي دراساته في هذا الاتجاه. وقامت الهيئة المنظمة لسوق الأسهم الهندية، هيئة البورصة والأوراق المالية الهندية "سيبي"، بمنح تراخيص لمنتجات السندات المالية الموافقة للشريعة الإسلامية. ومن المأمول أن نشهد صعود نجم الصيرفة الإسلامية في الهند خلال الأعوام القليلة المقبلة.

المؤتمر العربي - الهندي فبراير 2010

نظم منتدى التعاون الاقتصادي الهندي - العربي ومعهد الدراسات الموضوعية، المؤتمر الهندي ــ العربي، في الفترة 3 ــ 4 فبراير 2010 في نيودلهي تحت عنوان "ما وراء الانهيار: البحث عن خيارات". وقد أشار الدكتور عبد العظيم إصلاحي، الباحث في مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي في جامعة الملك عبد العزيز السعودية، في كلمته في المؤتمر "أن بعض الأبحاث الأولية حول المصرفية الإسلامية إجراها علماء من الجامعة العثمانية الهندية في حيدر آباد وجامعة الله آباد في أتر براديش". وقال منذر قحف، المستشار في الشؤون المالية والمصرفية الإسلامية في قطر في المؤتمر "إن التمويل الإسلامي هو أفضل ما يناسب دولة مثل الهند، التي يعيش فيها أناس منتمون إلى جميع الديانات، حيث إن هذا الشكل من النظام المصرفي ليس خاصًّا بالمسلمين وحدهم؛ إنه يناسب جميع البشر". كما قال شايلندرا كومار، الرئيس التنفيذي لـ "إيستويند كابيتال أدفيزورز": إن المنتجات المالية الإسلامية هي الأفضل في الهند، فقبل الكساد كانت معظم الأموال في منطقة الخليج العربي تتجه إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وماليزيا، لكن الآن وبعد الكساد، يُنظر إلى الهند، وهي ثاني أسرع الاقتصادات نموا في العالم، على أنها بيئة آمنة للاستثمارات الخليجية.

وقال سلمان خورشيد، وزير شؤون الأقليات الهندية، في كلمة له خلال المؤتمر: إن وزارته ترحب بآراء الخبراء بشأن المصرفية الخالية من الفائدة، وعلى الهند التوسع في استخدام الإمكانات الهائلة للمدخرات التي لم يتم استخدامها من خلال المصرفية الخالية من الفائدة أو الأدوات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية. ويخشى كثير من الشركات في منطقة الخليج من الاستثمار مع شركات القمار أو الكحوليات، بسبب حرمة هذه المعاملات في الشريعة الإسلامية، بحسب صحيفة "الشرق الأوسط".

وعلى الجانب الآخر، أعدَّت الحكومة الهندية، التي تحاول جذب تريليون دولار من الأموال المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من دول الخليج لاستثمارِها في تنمية البنية التحتية فيها، تقريرًا حول المصرفية الإسلامية، في الوقت الذي يعمل فيه بنك "أبيكس" وبنك الاحتياطي الهندي ووزارة المالية الهندية على نحوٍ مشترك على تطبيق تعديلات تشريعية ضرورية لتنفيذ الشيء ذاتِه.
#3#
ويقول المؤيدون للمصرفية الإسلامية: إن تطبيق نظام المصرفية المتوافق مع الشريعة الإسلامية – الذي لا تقدم في ظله البنوك أي فائدة على الودائع أو تتقاضى أي فائدة على القروض – سيخدم ما يقارب 200 مليون مسلم هندي، وهو أكبر تجمع للمسلمين في العالم في دولة غير مسلمة، وسيخدم كذلك الاقتصاد عن طريق المساعدة في إيجاد سبيل للمبالغ الضخمة من الأموال التي لا يستثمرُها المجتمع. ولا يتعامل كثير من المسلمين مع البنوك التجارية، نظرا للآراء الدينية التي تحرم الفائدة، وفي ظل المصرفية الإسلامية، تستخدم الأموال المودعة في البنوك الإسلامية في تمويل المشروعات على أساس الملكية، ويتقاسم المودعون الأرباح والخسائر، وفي الوقت الحالي، غير مسموح بتطبيق نظام المصرفية الإسلامية في ظل قانون البنوك في الهند، لكن مسموح بممارستها من خلال المؤسسات المالية غير المصرفية. وتجدر الإشارة إلى أن الصين، التي يوجد فيها نحو 80 مليون مسلم، منحت أخيرا بنك "نينجشيا" أول رخصة لتطبيق نظام المصرفية الإسلامية. وأطلقت الحكومة الهندية بالفعل مبادرات مماثلة مع صناديق "يو تي آي" و"إس بي آي" الاستثمارية، التي تتيح بدائل لصناديق استثمارية معينة أمام الناس للاستثمار فيها. وطالب منتدى التعاون الاقتصادي الهندي ــ العربي، مانموهان سينغ، رئيس الوزراء، بالسماح بإنشاء نظام تمويلي بديل من أجل جذب الاستثمارات من المسلمين.

إقبال متزايد على الدراسة والتدريب على الصيرفة الإسلامية

وإثر الاهتمام بالصيرفة الإسلامية زاد الطلب بصورة بالغة على المهنيين المتخصصين في مجال الصرافة الإسلامية.

وأخذت تتوافر بعض المعاهد الأكاديمية المحلية التي فتحت أبوابها خصيصا لتوفير دورات تدريبية في التمويل الإسلامي والصرافة الإسلامية للهنود.

ومن بين المؤسسات التي تقدم التدريب "معهد الصرافة والتمويل الإسلامي"، ويوجد مقره في مدينة حيدر آباد جنوبي البلاد. وقد وقع المعهد مذكرة تفاهم مع جامعة حيدر آباد لتوفير دراسة لعامين بعد التخرج تمنح درجة علمية في الاقتصاد والصرافة والتمويل الإسلامي. ويفد إلى المعهد، الذي يتيح دورات تدريبية عبر شبكة الإنترنت وبرامج تقوم على الاتصال المباشر داخل عدد من المراكز المنتقاة في الهند، مشتركون من مختلف أرجاء البلاد، ومن الخارج أيضا. وتعد الدورات التدريبية التي يوفرها المعهد أول جهود من نوعها على مستوى البلاد لإضفاء الطابع المؤسساتي على التعليم بجميع ميادين الاقتصاد والصرافة والتمويل الإسلامية.

ومن جهته، قال محمد ماجد، عميد المعهد: "يستقبل المعهد طلابا منذ عام 2003، وقد ارتفع عدد المشتركين تدريجيا، وبدأ في اجتذاب مزيد من الاهتمام من جانب طلاب راغبين في دراسة التمويل الإسلامي، تبلغ رسوم الدورة التدريبية 5 آلاف روبية، مما يعني أن خدماتنا أرخص تكلفة بكثير من الدورات التدريبية في الخارج". والملاحظ أن بعض الطلاب ينتمون إلى دول أجنبية مثل غويانا وتونس ودول شرق أوسطية أخرى، يتطلع أبناؤها إلى نيل وظائف مجزية في منطقة الخليج العربي، ويتضمن المنهج الدراسي في المعهد علم الاقتصاد الإسلامي والصرافة الإسلامية والمبادئ النقدية الإسلامية والتأمين ودراسات حالة.

ويعمل لدى المعهد كثير من المهنيين الماليين الذين يتولون أدوارا استشارية في مصارف إسلامية وصناديق استثمارية وشركات التأمين، وعلى الرغم من أن المعهد لا يوفر فرص تعيين رسمية، حصل خريجوه على وظائف في البحرين والسعودية والإمارات، كما قال مدير المعهد.

ومن ناحية أخرى، تعرض جامعة أليغاره الإسلامية أول دورة تدريبية في مجال التجارة الإسلامية لا تقدمها أي جامعة على الإطلاق داخل الهند، مما أثار اهتمام بعض الطلاب الهنود حيال الإمكانات المستقبلية لهذا القطاع المتنامي سريعا على الصعيد المالي العالمي. في هذا الصدد، أكدت إسرار سليمان، طالبة في مجال المحاسبة قائلة: "أشعر باهتمام بالغ إزاء تقديم جامعة أليغاره دورة في الصرافة والتمويل الإسلاميين. من خلال تعلم القوانين التجارية الإسلامية، يمكنني تعزيز إمكاناتي المهنية المستقبلية".

ويجري حاليا بالفعل الترويج لما يوصف بأنه أول دورة جامعية من نوعها في الهند، التي من المقرر أن تطلقها جامعة أليغاره الإسلامية وتمنح دبلوما بعد دراسة تستمر عاما بعد التخرج في مجال الصرافة والتمويل الإسلاميين بناء على مبادئ الشريعة الإسلامية.

فيما يتعلق بالإمكانات المستقبلية للدورة التدريبية، أشار إلى أنه على الرغم من عدم وجود مصارف إسلامية في الهند، فإنه توجد بعض الجمعيات التعاونية غير المصرفية في كارناتاكا ومومباي، ولديها أفرع في أليغاره وتشيناي. بوجه عام، يجري النظر إلى الهند باعتبارها مكانا محتملا للصرافة الإسلامية بمقدوره "اجتذاب مستثمرين من الهنود غير المقيمين بالبلاد. وقد أطلقت بعض كبريات الشركات الهندية منتجات مالية إسلامية في البلاد. لذا، تحتاج إلى مهنيين"، حسبما أوضح صديقي، مضيفا أن فرص العمل للمشاركين في الدورة التدريبية ستكون جيدة للغاية.

الآن، مع تزايد الطلب على الصرافة والتمويل الإسلاميين في الهند، أطلق معهد دولي أيضا دورة تدريبية في الهند في المجال ذاته، وهو "معهد لندن للأوراق المالية والاستثمار". وترمي الدورة إلى تأهيل المشاركين للعمل في المجال المالي الإسلامي، وموجهة خاصة إلى مديري الصناديق الاستثمارية. وجرى تطوير الاختبار الذي ينظمه المعهد بالتعاون مع "إكول سوبريير ديز أفير"، وهي كلية فرنسية - لبنانية للتجارة مقرها بيروت.

ومن ناحيتها، أوضحت أروى تابيا، مسؤولة الربط الهندية لدى المعهد، أنه "على الرغم من أنه لا يزال من المبكر إصدار حكم، يمكننا رصد كثير من الاهتمام بين المهنيين الهنود بفرصة اكتساب معرفة في المجال المالي الإسلامي. ويمكن خوض الامتحان عبر الحواسب الآلية من داخل مراكز في بنغالور وكولكتا وتشيناي وغورغاون وحيدر آباد ومومباي ونيودلهي. تستهدف الدورة التدريبية مهنيين استثماريين جددا ومتمرسين متخصصين في مجالات التمويل والتجارة والاستثمار المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية. وتتناول الدورة القضايا المالية الإسلامية من منظورين فني وشرعي".

ومن ناحية أخرى، قال ظفر ساريشوالا، مدير "بارسولي كورب"، أكبر شركة سمسرة إسلامية في الهند، إن مثل هذه الدورات التأهيلية خطوة في الاتجاه الصحيح، خاصة مع رغبة مديري صناديق الاستثمار الهندية في الاستحواذ على حصة من الصناعة المالية الإسلامية من دون أن يطلقوا على مؤسساتهم وصف "إسلامية". يذكر أن "بارسولي كورب"، التي تتخذ من أحمد آباد مقرا لها، تقدم هي الأخرى دورات في النشاطات المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية، وتعد أول شركة تطلق مؤشرا إسلاميا في الهند.

وأضاف: "هناك وجهة نظر داخل الهند ترى أن إنشاء صندوق إسلامي من شأنه الإضرار بالطابع العلماني للبلاد. إلا أنه في الوقت ذاته، يستلزم اجتذاب مستثمر مسلم وصف الصندوق بالإسلامي. وبدلا من الخوف من العواقب، على المسؤولين المعنيين النظر إلى الأمر باعتباره فرصة تجارية.

وقال "نظرا لعدم توافر سوى عدد ضئيل للغاية من المعلمين المؤهلين في المجال المالي الإسلامي في الهند، اضطررنا إلى دعوة علماء دوليين وخبراء في الشريعة الإسلامية من باكستان والسعودية والبحرين وماليزيا".

وطبقا لدراسة أجراها شارق نصار، الخبير في المجال المالي الإسلامي، المقيم في مومباي، عام 2006، فإن نسبة الشركات الهندية المدرجة في البورصة المتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية تفوق نظيرتها في أي من ماليزيا والبحرين وباكستان، والملاحظ أنه داخل البورصة الوطنية للأسهم، تعد 355 شركة من إجمالي 1000 شركة مدرجة فيها تتوافق في نشاطاتها مع الشريعة الإسلامية، وبالمثل، نجد أن 237 من بين أكبر 500 شركة مدرجة في بورصة مومباي للأسهم متوافقة مع مبادئ الشريعة.

ومع ذلك، لم تنطلق الصناعة المالية الإسلامية بقوة بعد في الهند، ومن بين أكبر الأسباب وراء ذلك الافتقار إلى علماء دينيين ومصرفيين مؤهلين. في هذا الصدد، قال أشرف عبد الحق محمدي، المدير الإداري لـ "إضافة انفستمنتس ليمتد"، وهي شركة سمسرة مقرها مومباي متخصصة في الاستثمارات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية فقط: "تنظيم ورشة تدريبية قصيرة الأمد سيكون كافيا، لكن هناك نقص بالغ في العلماء ومديري الأصول المؤهلين".

وتركز البرامج التي ينظمها المعهد في هذا الصدد على تناول الممارسات المثلى للتمويل الأصغر الإسلامي من تجارب لا حصر لها يجري تنفيذها في مختلف أرجاء إندونيسيا، وتشجع على تكرارها في الهند.

الأكثر قراءة