كتاب يوضح عمق المعرفة والاستقلالية والتفرد

كتاب يوضح عمق المعرفة والاستقلالية والتفرد

في إطلالة رائعة لا تقلّ عن مثيلاتها وإن كانت درّتها، يطل علينا الدكتور عبد الكريم بكار من خلال خلاصة تجاربه وقراءاته وثقافته الجميلة في كتاب تكويني يهتم بالبناء والتكوين تحت عنوان (تكوين المفكر).
تردد الدكتور عبد الكريم كثيرا قبل تأليف هذا الكتاب وذلك خشية أن يتوهم متوهم أنه إذا اطلع على كتاب أو كتابين أو عشرة في تحسين المحاكمة العقلية وتحسين أسلوب ممارسة التفكير في تنمية الحس النقدي، فإنه سيصبح مفكرا، وهذا بالطبع غير صحيح، على حد قوله، لكن بالرغم من ذلك فقد أتى الكتاب جميلا في فحواه الفكري والفلسفي منُيرا لعقل المفكر شاملا لكثير من المواضيع ذات الاتصال، ملائما في لغته لمختلف الطبقات الثقافية.
يبدأ الدكتور كتابه بتفصيل للبس الحاصل حول إطلاق المصطلحات بين المتخصص والعالم والمصلح والداعية والمثقف والفيلسوف والمفكر، ومن ثم يُبحر في سبر أغوار المفكر فيذكر صفاته من حب للمعرفة والاستقلالية والتفرد وغيرها. يقف بعد ذلك لبعض التأصيل لحقائق وأمور فلسفية بأسلوب جميل ومبسط، فيتحدث عن العقل والدماغ وماهية الحقيقة وتعامل المفكر معها. يعود إلى ماهية التفكير في الباب الخامس من الكتاب فيقول إن التفكير هو فن طرح الأسئلة ويحكي قليلا حول التفكير والمشاعر والتفكير واللغة وعلاقة التفكير الجمعي بالمفكر.
ينطلق بعد ذلك في تنمية الإبداع لدى المفكر وملكة التفكير النقدي وماهيته وعقبات أمام ممارسة النقد، يعود بالمفكر إلى الواقع في شرح جميل لتسلسل الإدراك لدى الإنسان وبداية فهمه وخريطته الإدراكية ويضع مجموعة من المفاهيم الرائعة المساعدة على مقاربة الواقع، بعد هذا يضفي شيئا من الفلسفة في باب التعانق بين المطلق والنسبي، يؤكد الدكتور في كتابه على أن المعرفة هي وقود العقل ويقول إنه يجب علينا أن نحرص على معلوماتنا المحفوظة في أذهاننا كما نهتم بغذائنا وأكثر.
في الباب ما قبل الأخير، يضع الدكتور عبد الكريم مجموعة من الأمور الجديرة بالحذر كالمجاملة على حساب الحقيقة وثقافة التحيز والرضوخ للطبيعة والعادة وغيرها . ختام هذا الإصدار كان مسكا في إضاءات سريعة على تطوير الأفكار, خلاصة تجارب جميلة اجتمعت في هذا الكتاب الجدير بالقراءة، وجدير بأن يكون وقودا لعقولنا .

الأكثر قراءة