Author

الأخطاء الطبية وحق الممارس الصحي

|
اختتمت فعاليات ندوة «الأخطاء الطبية وآلية التعامل معها» التي نظمتها وزارة الصحة في الرياض بحضور عالي المستوى بوجود وزراء الصحة والعدل والثقافة والإعلام، طرحوا خلالها آراء وآليات علمية لمواجهة الأخطاء الطبية وسبل الحد منها ووضع أسس مهنية مدروسة للتعامل معها بطريقة علمية منهجية بعيدة عن الإثارة واللامهنية. خرجت الندوة بتوصيات عدة كانت هي خلاصة ما دار في الندوة، حيث أصابت هذه التوصيات عين الحقيقة, ولو تم فعلاً تطبيق كل ما جاء فيها فسوف تتغير ـ بإذن الله ـ أشياء كثيرة كلها تصب في مصلحة المرضى وحفظ حقوقهم وتقديم خدمة راقية عالية المستوى وبأخطاء طبية قد تكون شبه معدومة. ولكن ما لفت نظري هو الممارس الصحي الذي لم تتطرق له الندوة من نواح عدة من ضمنها حفظ حقوقه.. فالممارس الصحي تحت طائلة المساءلة في أي وقت وبأي سبب ومن أي شكوى من أي مريض حتى ولو كانت واهية, حتى أصبح الممارس الصحي يعمل خائفاً دون ثقة لأنه في أي لحظة قد يمنع من السفر أو يفاجأ بأنه تحت طائلة التحقيق وفي قفص الاتهام. إن ضغط العمل وكثرة المراجعين في أقسام الطوارئ وغيرها بمرض وغير مرض يسبب إرباكاً شديداً للعاملين في المجال الصحي, مما يجعل احتمالية الخطأ الطبي واردة بشكل أكبر. إضافة إلى الضغط الذي يمارس على الممارسين الصحيين من قبل الإدارة العليا من جهة, ومن شكاوى المرضى من جهة أخرى، حيث إنه تحت طائلة المساءلة في أي لحظة بسبب أي شكوى من أي مريض لأي سبب كان, فهو في النهاية بين ضغط المرضى وضغط الإدارة فيعمل خائفاً متوجساً ودون ثقة، وكل هذا مدعاة للخطأ الطبي. لم يحدث أن سمعت أن طبيباً أو ممارساً صحياً قام أحد بردّ اعتباره بعد أن كشفت التحقيقات سلامة الإجراء الذي قام به الطبيب أو الممارس الصحي. ولم يحدث أن تم تعويض أحد من الممارسين الصحيين من أي ضرر لحق به من التحقيقات أو التشهير في الصحف أو حتى لمجرد حرمانه عن السفر حتى تنتهي التحقيقات .. ترى كيف للممارس الصحي أن يعمل بثقة وهو تحت وطأة كل هذه الضغوط ؟! يتعامل بعض الإعلام مع بعض الأخطاء الطبية بشكل غير مهني لمجرد الإثارة لا غير, وكما قيل ليس المثير أن يقول الخبر إن الكلب عض الرجل، ولكن المثير أن يعض الرجل الكلب ليصبح الخبر مثيراً, وهكذا فليس المثير أن تنجح العملية، ولكن المثير أن يحصل خطأ طبي, فالإثارة هي الهدف وليس الخطأ الطبي بعينه أو الممارس الصحي أو المريض المتضرر. وعندما تتحقق الإثارة المرجوة لا يهم بعد ذلك النتيجة أو الضرر الذي حصل, ويدفع الثمن من يدفعه دون اكتراث. الإنسان قيمة لا تقدر بثمن ومهما كان العقاب، فالثمن أغلى بكثير .. والحفاظ عليه قبل أن يحدث له شيء أولى من أن نفكر في العقوبة بعد أن نفقده.
إنشرها