الفلبين ودروس مستفادة

يبلغ عدد سكان الفلبين 100 مليون نسمة تقريباً، وتعتبر إحدى الدول الفقيرة عند النظر للمستوى المعيشي للفرد. ولكنها تشتهر بتصدير منتج مهم وضروري تستخدمه معظم دول العالم ألا وهو اليد العاملة، حيث تعتبر الفلبين أكبر دولة مصدرة للعمالة الفنية المتخصصة. كما أن الفلبينيين يتغلبون على المواطنين الهنود بسبب أن لهجتهم الإنكليزية أفضل بكثير هذا ما جعل الدول الغنية والنامية والبترولية تفضل اليد العاملة الفلبينية أكثر من غيرها.
ولكن ما هو الشيء الذي يميز العمالة الفلبينية عن الآخرين؟ الجواب هو التعليم. تأهيل الفلبينيين لا يبدأ في المرحلة الجامعية أو المعاهد الفنية، ولكنه يبدأ في المراحل التعليمية الأولى، التي تحثهم على إتقان المهنة وتحديد الاتجاه منذ الصغر.
تواجه وزارة العمل والقطاع الخاص مشكلة توظيف الخريجين الجامعيين وحملة الشهادة الثانوية بسبب أن الوزارة ترغب من القطاع الخاص تحمل تكاليف «ولو جزء منها» تدريب الموظفين الجدد. أما القطاع الخاص فيحتاج إلى موظف مؤهل يستطيع العمل بأقل وأسرع تدريب ممكن. ولكن هذه الفجوة ليست من مسؤولية الوزارة والقطاع الخاص فقط، لأن هناك وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي التي لا بد من تغيير مناهجها لتواكب احتياجات سوق العمل. إضافة إلى ذلك فإن وزارة الإعلام يجب أن تقوم بتوجيه إعلامي مكثف (بعد التنسيق مع الوزارات المعنية) لكي تثقف المجتمع وتجعله يغير من بعض العادات والتقاليد التي لا تساعد الموظف على أداء عمله باحترافية ومهنية عاليتين.
إنه من السهل أن تجعل هذا الموضوع حديث مجالس يتشدق به من يرغب أن يظهر كعالم في مجال العمل والعمال وتتهم به وزارة العمل أو القطاع الخاص، ولكن في حقيقة الحال إنها مسألة معقدة تحتاج إلى عزم وجرأة في اتخاذ قرارات صارمة تمسنا جميعاً لكي ننهض بوطننا إلى مستوى الكل يفتخر به. وكم يؤلمني أن نعيش هذه المعاناة يوما بعد يوم، ولدينا مثال بأفقر الدول التي عرفت كيف تشق طريقها في مجال التدريب والتعليم حتى أصبح مواطنوها مضرب مثل لليد العاملة المحترفة، التي يرغب فيها كل رب عمل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي