متى يبدأ التعليم؟
الثقافة والآداب العامة مطلبان رئيسان تعتمد عليهما جميع المجتمعات المتمدنة، كما أنهما من أسس تعاليم ديننا الحنيف. ولكننا في هذه الأيام نجد أن التركيز في المنزل يكون على كيفية حصول الطالب على أعلى درجات تمكنه من القبول في إحدى الجامعات المحلية أو الابتعاث إلى الخارج. هذا التركيز لا تشوبه شائبة لولا أننا فقدنا أحد أهم مقومات الحياة الاجتماعية ولم يعد للمدرسة أو المنزل أي اهتمام في تنمية الثقافة العامة أو الآداب الاجتماعية حيث إننا نشاهد الكثير من الأخطاء المتكررة من صغار السن والشباب والتي من شبه المستحيل تغييرها عندما يتقدم بهم العمر. ومن أمثلة هذه الأخطاء، رمي المخلفات في الشارع وعدم الوقوف في أي قائمة انتظار سواءً في المطاعم أو المحال التجارية.
إنه لمن الجميل أن نرى رغبة قوية في الدخول في مجال التعليم الإلكتروني في جميع المراحل التعليمية بما في ذلك التعليم الجامعي وتستثمر الدولة في ذلك كثيرا من المال، حيث إن هذه التقنية توفر للطالب مصادر معلوماتية كبيرة جداً تجعل منه أكثر اطلاعاً وفهماً. ولكن يجب أن يكون جزءاً رئيساً من هذا الاستثمار التخلص من الممارسات والعادات الاجتماعية السيئة من مجتمعنا والتي غالباً ما تبدأ من المدرسة والمنزل.
في إحدى زياراتي لإحدى الدول العربية (والتي تعتبر إلى حد ما من الدول الفقيرة) وجدت متنزهاً مخصصاً للأطفال (لا تتجاوز أعمارهم 8 - 10 سنوات) مصمماً على شكل مدينة مصغرة بشوارعها ومدارسها ومستشفياتها...إلخ. يمنح في هذه المدينة المصغرة كل طفل سيارة كهربائية صغيرة تتسع للطفل وشخص كبير، بحيث يسمح للطفل بقيادة السيارة والشخص الراكب بجانبه يعلمه قوانين وتعاليم قيادة السيارة. فعند إشارة الوقوف، يوقف الطفل السيارة إيقافا كاملاً وينظر في جميع الاتجاهات ومن ثم يواصل سيره. أما عندما يرغب الطفل في الانعطاف لأحد الاتجاهات فإنه يستخدم الإشارة اليدوية قبل الانعطاف.
لماذا لا يبدأ تعليم الأطفال من الصغر كيفية التعامل واحترام الآخرين؟ ولماذا يركز التعليم لدينا فقط على المواد التعليمية ويقل التركيز على العادات والتقاليد الحميدة؟ هل تشرف إدارات المدارس مثلاً على كيفية شراء الطلبة من ''المقصف'' لكي يتعلم الطفل منذ صغره كيفية الوقوف بنظام بدلاً من العشوائية أم أن هذه الممارسات ليست من صلاحية المدرسة؟ هل الوالدان في المنزل يحرصان كل الحرص على تعليم أبنائهما وبناتهما عدم مقاطعة الحديث والعادات الاجتماعية السلبية الأخرى كحرصهما على حصول أبنائهما وبناتهام على جهاز ''بلاك بيري''؟
معادلة التعليم والثقافة العامة والسلوك للأبناء ضرورية جداً لكي نبني مستقبلاً متكامل خلقياً وعلمياً حيث إن هذه العناصر لا بد أن تتكامل ليصبح وطننا مضرباً للمثل في العلم والخلق.