انعدام النظافة وتفشي الروائح الكريهة في المساجد مشكلة أزلية
أحاديث لا تنتهي عن الروائح الكريهة في بعض المساجد وعن الحضور للصلاة بملابس غير نظيفة، فهذا مصل تجده يأتي إلى المسجد بأقبح الملابس اتساخا، وآخر يحاول وقف مثل هذا الشخص كي يأتي بأفضل الملابس وأنظفها، وهناك من يجلب مترجما لتوعية بعض العمال ويطلب منهم تخصيص ملابس للصلاة يصطحبها معه في عمله ليلبسها عند دخول وقت الصلاة، فالنقاش بين رواد المسجد لا ينتهي من أجل غد أفضل لنظافة المساجد، لكنهم دائما في حاجة إلى الحلول الجذرية لا الحلول المسكنة، لأن الممارسات داخل المسجد مستمرة ومتكررة في جوانب النظافة.
سلبيات متكررة
لكن هل هناك حلول لهذه الظاهرة أم أنها ستستمر، يقول محمد مسيعد إنه توجد نوعيات من الناس لا تتعلم فهي تكرر الفعل الخاطئ، ولعل الذي يحضر بملابس متسخة هو أول الحضور، ولا يستجيب للنصيحة متمسك بفعله سواء كان عاملا أو شخصا آخر من المواطنين، ومن كان غير قادر على شراء ملابس جديدة فله أن يوضح ذلك.ويشير طارق رمضان ـ مصري ـ إلى أن هناك من يتأذون من رائحة الثوم والبصل التي فيها نص صريح من المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ على من يأتون للمسجد ويكررون الحضور مرة بعد أخرى.
الدعاة كانوا حاضرين
الدعاة كانوا حاضرين كي يناقشوا هذه الظاهرة والتطرق لسلبياتها التي تتكرر باستمرار، وهم يتساءلون لماذا لا يكون هناك تجاوب من بعض الذين يتكرر منهم الخطأ؟ فماذا قال المختصون ورواد المسجد عن هذا؟
يرى التربوي متعب النمازي أن العمال بالذات في حاجة إلى توعيتهم وتوجيههم بلغتهم وترجمة ملاحظات إمام المسجد، ولا يعتقد أحدنا أنه يمكن بين يوم وليلة القضاء على هذه المشكلة, لكن بالتوعية المستمرة وباللافتات داخل المساجد يتم التقليل منها ـ بإذن الله.
ويشير المواطن محمد إبراهيم الحقوي إلى أن التأذي من الروائح وعدم النظافة من قبل بعض مرتادي المساجد حلقة مستمرة، خاصة العمال الذين يشتغلون في بعض المهن التي صاحبها في حاجة إلى نظافة عاجلة ولن تنتهي مثل هذه المشكلات إلا بالتعاون بين مرتادي المساجد وبالتوعية المستمرة.
مؤلم جدا
وفي السياق ذاته, يؤكد الدكتور علي الجهني المحامي والمستشار الشرعي, أن انعدام النظافة وتفشي الروائح الكريهة في المساجد مشكلة أزلية وليست جديدة، والجميع يشاهد هذا الوضع المتأزم الذي تتم مناقشته لكن دون جدوى، لذا لا بد من استمرارية التوعية بأهمية النظافة في المساجد عند ارتيادها سواء من ناحية نظافة البدن أو تفشي الروائح الكريهة ونظافة المسجد ودورات المياه نظرا لعدم اهتمام بعض المصلين بنظافة ملابسهم أو اختيار الملابس المناسبة عند الذهاب للصلاة في المسجد، فالعمال لا يهتمون باتخاذ ملابس للصلاة، ولذلك يحصل الأذى للمصلين في المسجد ما لا يحتمله المصلي أحياناً، والشباب وبعض الرجال يأتون إلى المساجد بملابس النوم بألوانها المختلفة، وبأشكالها الحسنة وغير الحسنة، أو بملابس الرياضة، ويأتون بثيابهم التي أثقل كاهلها ما عليها من البقع والأوساخ وغير ذلك، وهذا أمر ملاحظ .. فكيف نرتقي بفكر هؤلاء للاهتمام بملابس الصلاة، وتخصيص فضل الملابس لها لأن المسلم لا بد من أن يأخذ أفضل زينة له عند الذهاب للمسجد لقوله تعالى: ''يا بني لآدم خذوا زينتكم عند كل مسجد''. ويقول ـ صلى الله عليه سلم ـ ''من أكل الثوم والبصل فلا يقربن مسجدنا، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم'' فاحذر من أذية إخوانك المصلين، وملائكة الله المقربين.
أفضل أنواع الطيب
ويرى المحامي سامي الخلف ضرورة الاهتمام بحسن المظهر ولبس جميل الملبس, ووضع أفضل أنواع الطيب عند الذهاب للصلاة في المسجد، سواء الصلوات الخمس المكتوبة أوعند حضور الجمع والجماعات ''يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد'' والاهتمام بنظافة كل ما يصدر منه رائحة كريهة سواء من الجسم أو الفم الذي ينبغي الحرص على السواك وتطهير الفم عند كل صلاة لذا شُرع السواك عند الصلاة لأنه مطهرة للفم ومرضاة للرب، لذا ينبغي على المسلم أن يصرف شيئا من زينته لله سبحانه وتعالى وذلك عند الوقوف بين يديه فيأتي إلى عبادة ربه على أحسن حال. وقدوتنا في ذلك نبينا محمد بن عبد الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث كان يلبس أحسن لباس ويتعطر بأزكى رائحة بل كان عبق طيبه يفوح في طريقه, وقد أخذ بهذا المبدأ خير القرون من بعده فنهجوا نهجه, وسلكوا هديه, فعظموا الدين فأعلى الله شأنهم وأبقى ذكرهم فلنا مع أولئك الرجال الأفذاذ وقفات لمعرفة واقع المساجد في نفوسهم ومكانة الصلاة في قلوبهم لنقيس حالنا بحالهم, فنلتزم نهجهم ونحذر مخالفتهم.
من جهته, يؤكد الشيخ خالد الهميش إمام وخطيب جامع الفياض في الرياض, أن التجمل من محبوبات الله ـ سبحانه وتعالى ، فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ''إن الله جميل يحب الجمال'' رواه مسلم, وأكد الجمال ما كان عند مناجاة الله ـ سبحانه وتعالى، كما أن التبذل ورثاثة الملبس وقذارته ليست من الإسلام فقد رأى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ رجلاً عليه ثياب وسخة فقال ''أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه؟'' رواه أبو داوود وصححه الألباني. لأن وسخ الثوب وكريه الرائحة ينفران الناس عنه. فمن كان على هذه الحال فقد آذى المصلين ونفرهم عنه. فهل يعي أصحاب المهن وأهل الثياب الرثة هذا الأدب الرفيع الذي حث عليه المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ نرجو أن يوفقنا الله والجميع لما يحب ويرضى.