المجلس الاقتصادي الأعلى ونقص تطوير المدن الصناعية

إن ما ستصرفه الدولة على البنية التحتية له مردود مالي كبير للدولة غير المنافع الأخرى وأولها تشغيل الأيدي العاملة ومحاربة البطالة والمخدرات والجرائم والإحباط والفراغ لدى الشباب وذويهم وتحقق قرار خادم الحرمين الشريفين «أن الصناعة خيارنا في تنويع مصادر الدخل».

إن من صفات المؤمن التفاؤل وألا يترك للإحباط طريقا إلى نفسه, خصوصا عندما يكون الهدف غاية عظمى تخدم الوطن واقتصاده.

وقد يستعجل بعض المواطنين القرارات الحكومية جهلا منهم بالأنظمة الحكومية وطرق اتخاذ القرار, ونعلم أن هذا التأخير جزء من البيروقراطية الحكومية في كثير من دول العالم, ولكن لكل شيء أجل وبعد كل ليل ينجلي الصباح, لذلك اختصصنا نحن المواطنين الذين عاشرنا تطور المملكة تدريجيا بالصبر وطول البال, فإذا نظرنا إلى الخلف فسنرى أننا قطعنا أشواطا عديدة في جميع المجالات من التقدم والازدهار بقيادة حكوماتنا الرشيدة, لكن أحلامنا وأهدافنا أكبر مما تحقق, واليوم نعيش في عصر نهضة وإصلاح متسارع في جميع المجالات, لذلك لا ينبغي لنا أن نصمت عن أي مقترح نرى فيه مصلحة للوطن لأنه في النهاية القرار لصاحب القرار, فهو المسؤول ولديه معلومات لا تتوافر للفرد منا, والنظام الأساسي للحكم يحثنا على ذلك في المادة رقم 43 «.. ومن حق كل فرد مخاطبة السلطات العامة فيما يعرض له من الشؤون».

#2#

وكم كتب الصناعيون عن نقص الأراضي الصناعية المطورة, لكن حسب علمي فإن وزارة الشؤون البلدية والقروية لم تتأخر, بل لديها خطط متتابعة لتخصيص أراض صناعية في كل منطقة, لكن بعض الأمانات لا تتجاوب بما فيه الكفاية, وسنفصل ذلك لاحقا.

الأراضي موجودة ويمكن إفراغها للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية التي أنشأت بتاريخ 1422/8/27هـ, أي قبل تسع سنوات، لتتولى تنمية وتطوير المدن الصناعية ومناطق التقنية, دون أن يتضمن في تنظيمها ميزانية من الدولة لتحقق أهدافها, لكن ماذا حققت الهيئة؟ لقد أنشئت مشلولة بتنظيمها وكنت ألوم وزير المالية الذي ثبت أنه يؤيد الصناعة وإنشاء المدن الصناعية المطورة حتى مجلس الوزراء وافق على تحمل الدولة تكاليف توصيل الخدمات للمدن الصناعية المطورة, لكن عندما اجتمعنا مع مندوب وزارة المالية في لجنة خاصة في هيئة الخبراء في مجلس الوزراء لدراسة نقص أراضي المدن الصناعية ومراجعة تنظيم الهيئة, فوجئت بخطئنا, فكيف نطلب من وزارة المالية تخصيص ميزانية للهيئة وتنظيم الهيئة نفسه لا يتضمن ميزانية لها من الدولة؟ بل نُظم بحيث يمول المطورون المدن الصناعية الجديدة وإعطاء أيضا نسبة من دخلهم للهيئة, ولهذا فشلت الهيئة في القيام بواجباتها.

ولذلك طلبنا تعديل ذلك, لكن يظهر أن مندوب المالية ما زال يرفض الموافقة على تعديل نظام الهيئة إذا ضم التعديل ميزانية من الدولة لتطوير المدن الصناعية! ولا نعلم أسباب الرفض، ولقد مضت سنتان ونحن الصناعيين لا نعلم ماذا تم في قرار تعديل تنظيم هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية ولماذا يعترض مندوبها على ما اتفقت عليه الأغلبية وعلينا انتظار توضيح الوزراء.

ولنترك مندوب المالية على رأيه إن لم يكن ولم نعلم به, فهل لنا أن نطلب من الدولة تقديم مساعدة بمبلغ 50 مليار ريـال لتطوير أراضي الهيئة وبناء البنية التحتية لهذه المدن؟ إن أي اعتماد خارج الميزانية العامة للدولة لا يأتي إلا بأمر سام, لذلك لا نلوم معاليه, وبما أن وزارة المالية وخبراءها ومحاسبيها متخصصون في الأرقام وكذلك الجهات الحكومية الأخرى ذات العلاقة ويعرفون لغتها لذلك سنراجع معا بعض الأرقام.

300 ألف متخرج سنويا في الثانوية, كم منهم يلتحق بالجامعات التي زاد عددها على 24 جامعة حكومية وثماني جامعات خاصة و40 كلية خاصة وعامة غير الكليات التقنية؟ وكم يبقى منهم دون عمل؟ وكم يتخرج في كل هذه الجامعات والكليات والمعاهد؟ إضافة إلى العائدين من الابتعاث الخارجي سنويا, الذين هم في تزايد وقد فاقوا 70 ألف مبتعث ذكر وأنثى؟ هل يعقل أن تستثمر الدولة وتصرف آلاف الملايين للابتعاث والتعليم والتدريب وتتجاهل إحدى الوسائل الأساسية في خلق فرص عمل وهي بناء البنية التحتية للمدن الصناعية ومناطق التقنية حتى يتمكن المستثمرون من بناء مصانعهم على أراض مطورة ومزودة بالخدمات؟ أليست المادة 28 من نظام الحكم تنص على أن «تيسر الدولة مجالات العمل لكل قادر عليه».

وكما ذكر الدكتور محمد الصبان في منتدى جدة الاقتصادي « أن 50 في المائة من سكان المملكة هم دون سن الـ 21 عاما», ويذكر الدكتور فواز العلمي – «الوطن» 3420 – «أن المملكة تحتل المركز الثاني عالميا في زيادة نسبة نمو السكان, حيث تشير التقديرات الإحصائية إلى أن أعدادنا ستزيد بنسبة 57 في المائة خلال 20 عاما المقبلة» .. فهل سننتظر تسونامي العاطلين من الجنسين أم نتخذ القرارات السليمة فورا؟

ولننظر إلى بعض الدول المتقدمة, ففي ألمانيا تسهم الدولة بـ 90 في المائة من استثمارات البنية التحتية الصناعية, وفي بولندا بـ 50 في المائة, إضافة إلى 40 في المائة من استثمارات المباني, نعم المباني, وفي تركيا تخصص أراض مجانية مطورة ومزودة بالخدمات للمستثمرين, فهل نحن أقل من هذه الدول؟! ولقد كشفت بيانات حديثة من مؤسسة النقد نمو حجم الاحتياطات الحكومية في الخارج بمبلغ 94 مليار ريـال بنهاية الربع الرابع للعام الماضي لتستقر عند 1520 مليار ريـال «الاقتصادية - 5959», فهل الدولة ينقصها المال حتى نطالبها بفرض ضرائب لتكمل مسيرتها التنموية؟ أم هل من الممكن أن تخصص لنا نصف المبلغ أعلاه وتوزعه على عشر سنوات؟ في رأيي هذا طلب متواضع.

#2#

إن ما ستصرفه الدولة على البنية التحتية له مردود مالي كبير للدولة غير المنافع الأخرى وأولها تشغيل الأيدي العاملة ومحاربة البطالة والمخدرات والجرائم والإحباط والفراغ لدى الشباب وذويهم وتحقق قرار خادم الحرمين الشريفين «أن الصناعة خيارنا في تنويع مصادر الدخل».

إن الأرقام تتحدث, فما استثمرته الدولة في المدن الصناعية القائمة لا تزيد على خمسة مليارات ريـال إن لم تكن ثلاثة مليارات ومع ذلك يوجد على هذه المدن القائمة استثمارات تفوق 250 مليار ريـال, أي بين 50 و80 ضعفا.

فلو استثمرت الدولة اليوم 50 مليار ريـال في تطوير المدن الصناعية فإن استثمارات السعوديين والأجانب ستكون على الأقل ألفي مليار ريـال, أليس هذا في مصلحة الوطن وعائد مجز لاستثمارات الدولة؟

كم ستحصّل مصلحة الزكاة والدخل سنويا من هذه الاستثمارات سواء من المقاولين أو المستثمرين في الصناعة أو من غيرهم من شركات تأمين وبنوك وخلافه؟ إن نسبة ما يدفعه المستثمر الأجنبي من أرباحه هي نسبة 20 في المائة, إضافة إلى 5 في المائة عند توزيع الأرباح, أي 25 في المائة من الربح, أليس هذا سيكون دخلا مستمرا لخزانة الدولة وسيكون في تزايد؟

من المعروف أن كل وظيفة صناعية تخلق سبع وظائف خدماتية ولو فرضنا أن العاملين في الصناعة عددهم نصف مليون وظيفة جديدة فذلك يعني أننا سنخلق 3.5 مليون وظيفة خدماتية, أي في المجموع أربعة ملايين وظيفة على مدى 20 عاما.

وتنص الاستراتيجية الصناعية المعتمدة أخيرا من الدولة رغبتها في مضاعفة نسبة العمالة الوطنية من 15 إلى 30 في المائة وزيادة تعدادها خمسة أضعاف, فكيف سيتحقق ذلك دون أراض مطورة مزودة بالخدمات؟ وكم سيكون المردود على الاقتصاد الوطني إذا نجحنا في زيادة نسبة العمالة الوطنية إلى 50 في المائة بتعديل أنظمة العمل والرسوم وغيرها من الوسائل التي ستتخذ لاستيعابهم بوتيرة أعلى؟

كما قال أيضا الدكتور محمد الصبان «ندرك أن التعليم هو الركيزة الذي قامت عليها نهضة الدول, وهو ما تحرص عليه المملكة حيث تنفق أكثر من ربع دخلها على التعليم وتطويره في كل مراحله, فإن التحدي الذي يواجه مشروع التنمية اليوم وهو كيف ننجح في تحويل شبابنا إلى قوة معرفة وطاقة للتغيير إلى الأفضل دائما؟».

أليست الصناعة والتقنية الحديثة هما من أهم مجالات خلق فرص عمل للشباب ونقلهم إلى العالم الأول؟

كلنا نعلم أن سياسة الدولة عبر خططها التنموية المتتالية تشجع على التنمية المستدامة في جميع مناطق المملكة حتى توزع الفرص لتحقيق عدالة اجتماعية وتخفف من الهجرة إلى المدن الكبيرة.

أيوجد أكثر انتشارا من مكة المكرمة, المدينة المنورة, الرياض, جدة, الدمام, سدير, الطائف, القريات, الأحساء, العقيق, الزلفي, القصيم, عسير, حائل, تبوك, الجوف, نجران, عرعر, جازان, تاوان, ضبا, والليث وإصلاحية الحائر.

أليس وجود 14 مدينة صناعية اليوم, وغدا عدد أكبر منتشرة في جميع مناطق المملكة سيحقق أهداف خطة الدولة, فلماذا التأخير؟ أم نطلب من شبابنا الهجرة إلى رأس الزور والجبيل وينبع أو إلى خارج الوطن؟ أم نطلب منهم أو نجاريهم باستخراج سجل تجاري واستقدام ثلاثة أو خمسة عمال لكل منهم لنزيد الطين بلة؟

إن المادة 29 من نظام مجلس الوزراء تنص «.... على جميع الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى أن ترفع إلى رئيس مجلس الوزراء خلال 90 يوما من بداية كل سنة مالية تقريرا عما حققته من إنجازات مقارنة بما ورد في الخطة العامة للتنمية خلال السنة المالية المنقضية, وما واجهها من صعوبات وما تراه من مقترحات لحسن سير العمل فيها».

فهل رفع وزير التجارة والصناعة, رئيس الهيئة, طلب الدعم المالي للهيئة وما تواجهه من صعوبات بسبب نقص التمويل أم قرر الانتظار حتى تتم الدراسات المتعلقة بتنفيذ الاستراتيجية الصناعية الجديدة التي اعتمد لها 40 مليار ريـال؟ إن الصناعيين ما انفكوا يطالبون الدولة بتقديم الدعم المالي لتطوير المدن الصناعية حتى قبل إتمام دراسة مشروع الاستراتيجية, لذلك نتمنى من معاليه التقدم باسم الصناعيين والملايين من شباب المستقبل إلى المجلس الاقتصادي الأعلى باعتماد 50 مليار ريـال للسنوات العشر المقبلة نصفها فوريا.

إن الهيئة بعد هذا الدعم لن تكلف الدولة ميزانية سنوية بل ستكون المنشآت القادمة مصدرا للدخل وبحرا من الوظائف وآلاف الملايين من الصادرات الجديدة.

ومع أنني عضو في مجلس إدارة الهيئة إلا أنني أعتقد أن خطة الهيئة للسنوات العشر المقبلة متحفظة وذلك بتقدير احتياجاتها بـ 30 مليار ريـال, ونعلم أنها لن تطور جميع الأراضي التي تملكها مرة واحدة, بل حسب الطلب المحلي لكل منطقة, وأن تقديرها غطى بعض المدن الصناعية وإعادة تأهيل بعض المدن القائمة وإنشاء مراحل أولية لمدن جديدة.
ولنأخذ محافظة جدة من منطقة مكة المكرمة مثالا, فإن المساحة الإجمالية للمدينة الصناعية القائمة هي 12.8 مليون متر مربع, مع العلم أن أكثر من 50 في المائة من مصانع جدة تقع خارج المدينة الصناعية, أي نحتاج إلى 12.5 مليون متر مربع فقط لنقل هذه المصانع إلى منطقة صناعية مطورة, وتقوم الهيئة بتطوير جدة 2 ومساحتها الإجمالية ثمانية ملايين متر مربع والصافي للمصانع نحو 5.5 مليون متر مربع, وكذلك مدينة عسفان والصافي منها للمصانع 3.5 مليون متر مربع، أي بالكاد يغطيان حاجة المصانع القائمة داخل مدينة جدة.

ويوجد أكثر من ألف ترخيص صناعي في منطقة مكة المكرمة, إن من يراجع طلبات المتقدمين للاستثمار في جدة 2 يعلم أن جدة في حاجة فورية إلى 20 مليون متر مربع وبعد خمس سنوات في حاجة إلى 20 مليون متر أخرى وإذا كان سعر التطوير والخدمات للمتر المربع 165 ريـالا على أقل تقدير فإن جدة تحتاج إلى 6.6 مليار ريـال في السنوات العشر المقبلة نصفها فوريا. فماذا عن مكة المكرمة والطائف والليث والقنفذة؟ لذلك عشرة مليارات ريـال هي الاستثمارات المطلوبة لمنطقة مكة المكرمة وحدها في بناء المدن الصناعية المطورة للسنوات العشر المقبلة نصفها مطلوب اليوم.

وماذا عن سدير- 257 مليون متر مربع - والأحساء وجازان وغيرها من المدن المذكورة سابقا، لذلك إن خطة الهيئة لجميع مناطق المملكة متواضعة جدا وبعيدة عن المطلوب وهذا تقدير شخصي, إلا إذا كنا نؤمن بالمثل الشعبي «ريحة أبو علي ولا عدمه».

لقد اضطرت هيئة المدن إلى فرض رسوم تخصيص 50 ريـالا لكل متر مربع في مرحلة جدة 2, هذا إضافة إلى الإيجار السنوي ورسوم الصيانة, ومازال الصناعيون في جدة يطالبون بحساب ذلك كدفعة مقدمة من إيجاراتهم ورسومهم المستقبلية والموضوع تحت الدراسة في مجلس الهيئة, فلماذا يدفع المستثمر في جدة للتخصيص ويلقى غيره أرضا جاهزة لا يدفع مقابل تخصيصها له في الجبيل وينبع؟ هل يوجد من يحارب نمو المملكة من خلال الوقوف في وجه نمو المدن الصناعية؟ فإن كان, أرجو ألا يوجد شيء من ذلك, بل المسألة سوء إدارة وتخطيط ونقص في المتابعة.

إن إنشاء أي مدينة صناعية يستغرق أربع سنوات من بداية التخطيط وتوافر الاعتمادات إلى إكمال تطويرها حتى يبدأ المستثمرون في بناء مصانعهم بعد توافر الخدمات, التي تستغرق سنتين أو أكثر, أم عامل الوقت ليس محسوبا لدينا؟

إننا نتطلع إلى أن تقوم الهيئة بأكثر من تطوير المدن الصناعية الجديدة وتزودها بالخدمات وذلك ببناء بعض المباني الجاهزة, خصوصا في المدن النائية لتؤجرها لصغار المستثمرين السعوديين حتى لا يستهلكوا استثماراتهم في قيمة المباني, وأن يقدم لهم صندوق التنمية الصناعية الدعم المادي من القروض اللازمة لمشاريعهم.

نريد مشاريع تستهلك العمالة الوطنية وليس فقط التركيز على المشاريع قليلة العمالة كثيرة رأس المال.

إن المجلس الاقتصادي الأعلى أُسس للتنسيق بين الأجهزة الحكومية والترابط والتكامل بين أعمالها ويستجيب لمتطلبات سرعة القرار في الشؤون والقضايا الاقتصادية وكفاءته, ومن أول مادة لتنظيم المجلس الخاصة بغاياته للسياسة الاقتصادية يتضح مسؤوليته في توفير فرص العمل المنتج وتوظيف أمثل للقوى البشرية وتشغيلها, وتأكيد التوزيع العادل للدخل وفرص الاستثمار والعمل وتنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة مصادر الإيراد العام, وزيادة استثمار رؤوس الأموال والمدخرات المحلية في الاقتصاد الوطني.

ألن يتحقق كثير من هذه الأهداف ببناء مدن صناعية مطورة؟

كما أن المادة الثالثة من تنظيم الهيئة تحملها تقديم اقتراح تخصيص المواقع المناسبة من الأراضي العائدة للدولة لإنشاء المدن الصناعية ورفع التوصيات اللازمة إلى المجلس الاقتصادي الأعلى للموافقة عليها واعتمادها من مجلس الوزراء مدنا صناعية محدودة.

وبما أننا في جدة نلاقي صعوبة في التعامل مع أمانة جدة بخصوص إتمام إفراغ أراض لهيئة المدن منذ عدة سنوات, حيث توجد أرض بـ 44 مليون متر مربع في بحرة على طريق مكة السريع, التي ستخدم مكة المكرمة وجدة وما بينهما, وأبدت الأمانة رغبتها في تطوير هذه الأرض المخصصة للصناعة أصلا عن طريق شركة جدة القابضة للتنمية والتطوير العمراني ولم توافق اللجنة المحلية على ذلك بل طلبت من الأمانة إفراغ كامل الأرض إلى الهيئة دون شراكة الشركة مع الهيئة, حيث إن الهيئة هي المكلفة أصلا من الدولة في تنظيمها بتطوير المدن الصناعية ومناطق التقنية، ولا ألوم مدير عام الهيئة فإنه بذل المستحيل من المراجعات والاجتماعات, لذلك فإننا نطلب من المجلس الاقتصادي الأعلى, خصوصا صاحب السمو الملكي رئيس اللجنة الدائمة للتدخل لإنهاء إفراغ هذه الأرض الصناعية إلى هيئة المدن وإنهاء باقي المواقع المتفق عليها مع الأمانة مع تعهد الهيئة بمراعاة تصريف السيول, وذلك لتتماشى مع دور المجلس الاقتصادي في التنسيق وسرعة القرار طبقا للمادة الخامسة فقرة 2 من تنظيمه واختصاصاته.

إن الدولة شرّعت أنظمة عديدة ولم تقصر, أنظمة كافية وواضحة لعمليات التطوير والتنمية.

إذن لماذا تمر السنون والجهات المسؤولة لا تتخذ القرارات المصيرية مثل دعم المدن الصناعية؟ ولنكن عادلين في معاتبتنا, فالدولة ـ حفظها الله ـ قدمت دعما كافيا للمدن الصناعية في الجبيل وينبع وكذلك الآن في رأس الزور وغيره من الدعم مثل شبكة السكك الحديدية ودعمها للكهرباء والطرق والموانئ, وفي رأيي أنه ليس عيبا أن تقدم الدولة قروضا للمدن الاقتصادية أو حتى تتحمل 50 في المائة من تكلفة البنية التحتية أو أكثر حتى إن أنشأت هذه المدن على قرار بعدم مطالبتها للدولة بأي قروض أو مشاركة, وكأن الدولة لا موارد كافية لديها لتقوم بمسؤولياتها.

هل نريد أن نكون دولة قائدة ومنتجة بين دول العالم في عام 2020؟ لا يمكن أن نتقدم دون استثمار في البنية التحتية ودون تخطيط واضح.

إن دعم قطاع السياحة وقطاع الخدمات وقطاع الصناعة بمبالغ استثمارية لا علاقة لها بالميزانية العامة للدولة لهو أمر ضروري لتنمية هذه القطاعات التي تستهلك الأيدي العاملة الوطنية وكذلك المؤسسات الصغيرة المملوكة للأفراد بتقديم الدعم المادي لها من قروض واستشارات وغيرها ودعم الدولة للصناعة في المناطق الأقل نموا. ويسرنا لو بحث المجلس الاقتصادي الأعلى هذه الاقتراحات.

إنه لحلم جميل وواقعي لو رأينا المملكة متصلة بالطرق والقطارات والمدن الصناعية والاقتصادية منتشرة ونستغني عن كثير من المواد المستوردة ونزيد من نسبة السعودة.

ومن حضر معرض القوات المسلحة في الرياض للمواد الاستهلاكية وقطع الغيار لعلم أهمية التعجيل بالقرارات الأساسية المطلوبة. وكما أُعلن فإن هناك فرصا محتملة تزيد على ستة مليارات ريـال يمكن أن تصنع محليا, وهذا أول الغيث .. فماذا ننتظر؟

ليس على معالي وزير التجارة والصناعة ووكيله لشؤون الصناعة ومدير عام الهيئة أن يتحملوا كل هذه الضغوط, بل على المجلس الاقتصادي الأعلى أن يتفهم مطالب الصناعيين التي تتفق مع أهدافه ومسؤولياته, ونتطلع إلى الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية رئيس اللجنة الدائمة في المجلس، أن يخصص جلسة خاصة لتطوير المدن الصناعية لدراسة تقديم الدعم لها, بل نطمع في أن يقتنع الجميع بالمطلوبات ويرفع قرارا شافيا إلى مجلس الوزراء لاعتماده, وكفانا انتظارا وتضييع فرص استثمارية وفرص تشغيل أيد عاملة قادمة. إن هذا القرار سيحقق جزءا من أولويات المجلس وغاياته.. والله المستعان.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي