هل تأخر الوقت على الحفاظ على السلام؟
من بلدة خانقين، على الحدود الإيرانية، على طول الطريق إلى سنجار، بالقرب من الحدود مع سورية، يتعرج خط يخضع لحراسة مشددة عبر شمال العراق. وإلى الشرق والشمال، تقف القوات الكردية، المعروفة باسم البشمركة، والحريصة على استعادة الأراضي التي أخذت منها من قبل صدام حسين قبل أكثر من عقدين من الزمن. وعلى الجانب الآخر من الخط، إلى الغرب والجنوب، هناك جنود الجيش العراقي النظامي الذين أرسلتهم الحكومة المركزية في بغداد لمنع المدن القديمة على طول نهر دجلة من الوقوع فيما يخشى أن يصبح مجالا كرديا بحتا.
وقد أوشكت القوتان على الاشتباك مباشرة عدة مرات، عادة خارج المدن التي يتصرف فيها القادة العسكريون بصورة مستقلة، التي وفي العام الماضي، اقتحمت وحدة من الجيش العراقي بلدة Altun Kupri المتنازع عليها، ولكن التي أغلبية سكانها من الأكراد، واتخذت مواقع القناصة على أسطح المنازل. وحين بدأ السكان، بدعم من البشمركة المسلحين، بالتظاهر ضد وجودهم، طلب من الجنود العرب إطلاق النار بهدف القتل. وتم تجنب إراقة الدماء في اللحظة الأخيرة من قبل القوات الأمريكية المتمركزة في الجوار. وقد تؤدي حوادث صغيرة من هذا النوع إلى اندلاع صراع أوسع نطاقا. والتوتر على طول ما أصبح يُعرف بـ ''خط الزناد'' يعتبر الآن أكبر خطر يهدد استقرار العراق. وعلى الرغم من أنه لم تتم بعد معالجة التوترات الطائفية بين العرب السنة والشيعة في الجنوب، إلا أن نشوب نزاع عرقي بين العرب والأكراد أكثر خطورة، وأحد أسباب ذلك هو كون كلا الجانبين مسلحا جيدا. لذا يبذل الأمريكيون محاولة أخيرة لتلطيف التوتر قبل أن تغادر قواتهم المقاتلة العراق بحلول نهاية آب (أغسطس).
ومنذ أواخر كانون الثاني (يناير)، يقوم عدة مئات من الجنود الأكراد والعرب بدوريات حراسة لأجزاء من المنطقة المتنازع عليها معا، تحت رعاية أمريكا. والهدف، على حد قول الجنرال Ray Odierno، القائد العام للقوات الأمريكية في العراق، هو بناء الثقة بين الجانبين عن طريق دفعهم إلى التواصل اليومي. وإضافة إلى تنظيم دوريات مشتركة، بدأوا بإدارة نقاط التفتيش معا. وفي بعض الأماكن، ينامون ويأكلون تحت سقف واحد.
والأمريكيين يكونون دائما على مقربة للحفاظ على السلام. والدوريات ثلاثية، لذا فإن الأمريكيين الآن جنود حفظ السلام بدلا من قوات مكافحة التمرد. ومنذ انسحابهم من جميع مدن العراق العام الماضي، لم يديروا أي نقطة تفتيش خارج قواعدهم.
ولكن هل سينجح هذا؟ لقد تصاعد التوتر قبل انتخابات المقاطعات قبل عام - ويتصاعد بصورة أكبر الآن مع اقتراب الانتخابات العامة في السابع من أيار (مايو). ويتمثل الأمل الآن في أن تسمح نقاط التفتيش المشتركة للناخبين بالتحرك بحرية أكبر في المناطق المتنازع عليها ومنع حوادث مثل الذي حدث حين منع الجنود الأكراد الحاكم العربي لمحافظة نينوى من زيارة بلدة Bashiqa التي يسيطر عليها الأكراد، في المنطقة التي من المفترض أن يحكمها. ويؤمل كذلك أن تردع الدوريات المشتركة المفجرين الانتحاريين للقاعدة، الذين يريدون استغلال التوتر العرقي على طول خط الزناد لإشعال حرب أهلية.
إلا أن الثقة ضئيلة جدا. فالأكراد يعتبرون عبد الأمير، الذي يتولى قيادة فرقة من الجيش العراقي بالقرب من مدينة كركوك المتنازع عليها، تابع سابق لصدام حسين ذبح شعبهم وقد يكون مستعدا لفعل هذا مرة أخرى. وفي المقابل، يعتقد الكثير من العرب أن الأكراد لن يساوموا أبدا على الأرض التي احتلوها بعد سقوط صدام.
إلا أن الجانبين يتعاونان بصورة جيدة في كركوك، حيث يشغلان بالاشتراك مع الأمريكيين مركز قيادة الشرطة. ولكن لا تزال عمليات اغتيال واختطاف المسؤولين مستمرة. وقد تبدو جهود التعاون على طول خط الزناد أنها تزيد الأمور سوءا. وفي خانقين، يدير الجنود الأكراد وقوات وزارة الداخلية العراقية دوريات حراسة مشتركة في البلدة، إلا أن القائد العسكري لكل جانب يزعم أنه المسؤول الوحيد. ومن المستبعد أن يتم تفكيك التحصينات على طول الخط في Kalar و Kifri، شمال غرب خانقين، أو أن تتم إزالة الألغام الأرضية. ومن غير المحتمل أيضا أن يزيل الأكراد التحصينات حول Dibis، حيث توجد محطة كبيرة لضخ النفط على قمة أحد أكبر حقول النفط في العراق.
وهكذا، يبدو أن جهود الأمريكيين لتحقيق السلام جاءت بعد فوات الأوان. فالجانبان، اللذان لا يعرفان الرحمة، مشتبكان فيما يعتبرانه صراعا وجوديا. وفي النهاية، لن يتم إحلال سلام متين إلا إذا تم الاتفاق على حدود إقليمية واضحة. ولم يحدث هذا بعد