ابتعدوا عن الطريق

ابتعدوا عن الطريق

يرتدي جنود بحرية الولايات المتحدة في هلمند، أكثر مقاطعات أفغانستان دموية، منذ شهور قمصان تي - شيرت تعلن عن نيتهم: ''Just do Marja''. ويشير هذا إلى مجموعة من القرى التي تسيطر عليها طالبان والقريبة من عاصمة المقاطعة، Lashkar Gah. ويحبط انعدام القوانين في Marja والحماية التي توفرها للمتمردين وتجار المخدرات جهود قوات البحرية القريبة. ومرتدي قمصان التي - شيرت على وشك تحقيق رغبتهم. فالقوات الأمريكية، بقيادة القوات البحرية، تستعد لعملية كبيرة لتطهير المنطقة.
وعلى غير العادة، لم يخف الناتو خططه، بل ويعلن بصخب منذ بعض الوقت عن ''عملية Mushtarak'' (أو ''التضامن'' في البشتون). ويأمل أن يشجع هذا المدنيين على الابتعاد عن طريق الخطر. ويأمل أيضا أن يؤدي مجرد احتمال احتشاد جنود الناتو والأفغان في Marja إلى دفع المتمردين إلى المغادرة عبر ثلاثة ممرات خروج مفتوحة.
ولم يتحقق أي من الأملين تماما. ومنذ أن بدأ الناتو بحملته الإعلانية، هجر آلاف المدنيين منازلهم وتوجهوا إلى المدن القريبة ومخيمات اللاجئين المكتظة على مشارف Lashkar Gah. ولكن يقول آخرون إنه تم منعهم من المغادرة من قبل طالبان، التي ترسخ نفسها وتستعد للدفاع عن المنطقة، ومن قبل العبوات الناسفة التي يزرعها المتمردون على جوانب الطرق. ونصح Mark Sedwill، الممثل المدني للناتو في أفغانستان، المحليين بالبقاء داخل منازلهم وخفض رؤوسهم.
وتمثل Marja الآن اختبارا ودعاية مهمين لاستراتيجية مكافحة التمرد التي ينتهجها ستانلي ماكريستال، قائد القوات الأمريكية وقوات الناتو في أفغانستان. وهو يقول إن متابعة الحفاظ على الأمن وبناء ما يشبه الحكم الأساسي سيكون أكثر أهمية من القتال الأولي. ويعتقد Sedwill أن سكان Marja سيدركون فوائد تحسين الحكم والفرص الاقتصادية والعيش في ظل سيادة القانون.
ويقول المنتقدون إنه ليس هناك شيء جديد بشأن هذه الاستراتيجية. ففي العام الماضي، تم الإعلان عن مزاعم مماثلة واستخدام استراتيجية شاملة بصورة متزامنة مع عملية Khanjar، وهي خط لتطهير مناطق جنوب Lashkar Gah. وجاءت النتائج متفاوتة. ويقال إن التقدم في مدينة Nawa، على مشارف المنطقة الخصبة المكتظة بالسكان (المعروفة باسم ''المنطقة الخضراء'') واعدة جدا. إلا أنه تم أيضا انتقاد العملية لأنها ركزت الموارد الشحيحة على مناطق ليست ذات كثافة سكانية كبيرة.
ويقول الناتو إن الأمور ستكون مختلفة هذه المرة. فمثلا، يعتقد أن هناك نحو 100 ألف شخص يعيشون في المنطقة المعروفة باسم Marja. ويتم التركيز بصورة أكبر على دور قوات الأمن الأفغانية، التي يقول الجنرال ماكريستال إنها تلعب دورا قياديا في هذه العملية.
إن بناء قوات أمن أفغانية أكبر وأفضل وقادرة على إبعاد المتمردين عن المناطق التي تم تطهيرها بتكلفة كبيرة أمر بالغ الأهمية، ليس فقط بالنسبة لـ Marja بل أيضا لاستراتيجية الغرب تجاه أفغانستان. إلا أن الجيش الوطني الأفغاني لا يزال مضطربا بصورة عميقة. ومعدلات الاستنزاف عالية، حيث إن أعدادا كبيرة من الجنود يقتلون أو ينسحبون. وسيكافح الجيش لتحقيق هدفه المتمثل في النمو من نحو 102.400 في الوقت الحالي إلى 171.600 بحلول تشرين الأول (أكتوبر) 2011. أما قوة الشرطة، المهملة منذ وقت طويل من قبل الجهات المانحة الغربية، فهي أسوأ بكثير. ويشير المكتب السياسي للاتحاد الأوروبي في كابول أن نحو 10 في المائة من رجال الشرطة لقوا حتفهم أثناء العمل عام 2008.
وهناك مصدر قلق كبير أيضا، وهو التركيبة العرقية للجيش الوطني الأفغاني. وجاء في برقية دبلوماسية كتبها السفير الأمريكي في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي أن انخفاض معدل التجنيد في جنوب البشتون يعد عقبة هائلة. فهم أكبر مجموعة عرقية في الدولة أدى استياؤها من النظام السياسي لما بعد عام 2001 إلى إذكاء التمرد. وبما أن الطاجيك والهزارة المتحدثين باللغة الفارسية من الشمال يهيمنون على صفوف الجيش، من المحتمل جدا أن يبدو جنود الجيش الوطني الأفغاني الذين يعملون في مناطق البشتون مثل Marja كما لو أنهم أجانب مثل قوات الناتو. وإحدى طرق التغلب على هذه العقبة هي أن تعيد أفغانستان إدخال التجنيد الإلزامي، كما اقترح حميد كرازي هذا الشهر في مؤتمر في ميونخ. وقوبلت الفكرة باستعراضات مختلطة. فقد رحب بها بعض جنرالات الجيش السابقين الذين خدموا خلال سنوات التجنيد الإلزامي التي انتهت عام 1992. إلا أن الأصوات المعارضة قالت إنه من غير المرجح أن تتمكن الحكومة من إجبار الناس على القتال نيابة عنها في المناطق التي تنعدم فيها سيطرة الدولة، مثل Marja.

الأكثر قراءة