فقراء من باب القمح

إعلان الدكتور فهد بالغنيم وزير الزراعة انخفاض حجم المساحات المزروعة بالقمح 40 في المائة خلال عامين، وأن ذلك «كان أسرع من المتوقع»، والأرقام الصادرة من مؤسسة النقد التي تشير إلى خروج خمسة آلاف مزارع من سوق القمح (التقرير الذي نشرته «الاقتصادية» قبل أيام) يكشفان أن تطبيق وتنفيذ بعض القرارات الحكومية يكون أكثر تأثيراً من القرار ذاته. فالتطبيق قادر على قلب الطاولة، بل إن بعض الجهات تتفنن في تطبيق جزئيات من صالحها تنفيذياً، وتتناسى أجزاء أخرى فطن لها صاحب القرار. وكما نرى أراد القرار وقف هدر الماء فضاعف استهلاكه فضلا عن زيادة أعداد فقراء المستقبل، على اعتبار أن مصير هذه الأسر الفقر على كل حال.
لن نكون ضد القرار فهو خيار الدولة بالمحافظة على الثروة المائية، لكن خمسة آلاف أسرة - حتى الآن - أصبحت في مهب الريح، والدليل على أن نصيبها كان 100 طن فقط، مما يعني أنهم من صغار المزارعين، والعهدة طبعا على تقارير صوامع الغلال التي تقول إن إنتاجها انخفض 500 ألف طن خلال عام 2008.
لقد تم تفعيل جزء من القرار القاضي بتخفيض الشراء 12.5 في المائة سنويا، لكن الجزء الأهم من القرار الذي يركز على التعويض والنواحي الاجتماعية بقي حبيس الأدراج، وهكذا فإن من يختفي من قائمة المزارعين سيظهر في قائمة الفقراء ولو بعد حين. إننا إزاء مشكلة كبرى ما لم تؤخذ بالاعتبار خاصة من النواحي الاجتماعية والأمنية، فسيكون تعديل أوضاعها مكلفا من جميع النواحي، وإذا تذكرنا أن لدينا أكثر من خمس مناطق تعتمد اقتصاديا على الزراعة، فذاك يعني أن الأمر يخص ملايين الأسر والبشر. إن من دخل إلى القطاع الزراعي لم يدخل بهواه أو بناء على نظرته وتوقعاته الشخصية، بل كان ضمن برنامج حكومي معلن ومدعوم بقي ردحا من الزمن محل تفاخر، لذلك فإن المزارع لا يجب أن يدفع الفاتورة وحده.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي