التأمين الصحي ومستحقو الضمان.. العُقبى للمتقاعدين
أعلنت وزارة الشؤون الاجتماعية في الأيام القليلة الماضية وعلى لسان وكيلها لشؤون الضمان الاجتماعي أن الوزارة تعكف حالياً على إنهاء إجراءات تطبيق برنامج التأمين الصحي على مستفيدي ومستفيدات الضمان الاجتماعي لتغطية احتياجاتهم الطبية.
هذه الخطوة تستحق الوزارة منا الشكر عليها، فهي بهذا العمل تثبت أنها على إدراك واعٍ بمسؤولياتها وبالمهام المنوطة بها، وهي تدرك كذلك أن هذه البادرة التي اعتمدتها تندرج بشكل أساس ضمن رسالتها الإنسانية التي أوكلتها إياها الدولة لرعاية الفئات المستحقة للضمان الاجتماعي.
وعلى الرغم من عدم توافر معلومات عن البرنامج الذي أشارت إليه وكالة الوزارة إلا أنني وبحكم استقرائي لواقع الحال فإنني أتوقع أن يستفيد من هذا البرنامج جميع مستحقي الضمان الاجتماعي من الرجال والأرامل والمطلقات والأيتام وغيرهم من مستحقي الضمان الاجتماعي بحسب الفئات التي ترعاها الوزارة.
وطالما أن البرنامج يتعلق بالتأمين الصحي فإنني أتمنى أن تكون التغطية الصحية التي سيتم اعتمادها من خلال هذا البرنامج بالمستوى المأمول، بحيث تشمل الاحتياجات الطبية الأساسية لجميع الفئات وألا يتم استبعاد بعض التغطيات التي لا يستطيع المستفيدون القيام بها دون اللجوء إلى التأمين الصحي أو أن يتم تضييق بعضاً من التغطيات لبلوغها حداً مالياً معيناً، ومن المهم كذلك أن تعي شركات التأمين دورها الإنساني في هذا المجال، وألا تنظر إلى برنامج التأمين الصحي الذي اعتمدته الوزارة مشكورة وكأنه مشروع تجاري أو ربحي صِرف، فهي تتعامل مع فئة ضعيفة اقتصادياً واجتماعياً وخدماتها ستتوجه تحديداً إلى المحتاج والمعوز والأرملة والمطلقة واليتيم والعاجز.
كما أتمنى من وكالة الوزارة لشؤون الضمان الاجتماعي أن تحرص على عدم قيام شركات التأمين بالمبالغة في تحميل أفراد هذه الفئة الاجتماعية الضعيفة نسبة مالية من تكلفة العلاج، فهذا في الغالب ما تحرص عليه شركات التأمين وتدرجه في وثائق تأمينها الصحي وذلك للحد من قيام المستفيدين بمراجعة مقدمي الخدمة من مستشفيات ومراكز صحية بشكل متكرر، فالحل يكون بزيادة وعي المستفيدين من التأمين الصحي وإدراك أن إنجاح برنامج التأمين الصحي هو مسؤولية الجميع.
وفي الحقيقة فإن ما أشرتُ إليه في هذا المقال بخصوص المسائل الفنية التأمينية التي ينبغي أن تتنبه لها الوزارة هو أمر لا أعتقد أن الوزارة ستغفل عنه، ولكني رغبت في الإشارة إليه لأنه يُعد من أساسيات التأمين الصحي. ويُمكِن للمسؤولين في الوزارة الاستعانة بتجارب الدول المتقدمة في هذا المجال ودراسة السلبيات التي قد تقلل أو تعوق الاستفادة المثلى من هذه التجربة المتميزة.
كما يمكن الاستفادة من تجربة الضمان الصحي التعاوني التي يشرف عليها مجلس الضمان الصحي التعاوني والاستفادة من الأنظمة والتعليمات الصادرة في هذا المجال وعلى الأخص الوثيقة الموحدة للضمان الصحي التعاوني التي اعتمدها المجلس وأصبحت تمثل مرجعاً قياسياً لما ينبغي أن تكون عليه وثائق التأمين الصحي المقبولة.
وختاماً فإنني أتمنى التوفيق لوزارة الشؤون الاجتماعية في هذا البرنامج الإنساني الكبير وأن تتحقق الاستفادة القصوى منه. كما آمل أن تكون هذه التجربة منطلقاً لتجارب أخرى وأن تكون الخطوة المقبلة في التأمين الصحي لجميع المتقاعدين من المواطنين على اختلاف فئاتهم، حيث إنهم الشريحة الاجتماعية الأكثر استحقاقاً للتأمين الصحي بعد مستفيدي الضمان الاجتماعي، فالدعوة موجهة مني للمؤسسة العامة للتقاعد للتفكير في التأمين صحياً على جميع المستفيدين من خدماتها من المتقاعدين، وأشير إلى أن وزارة الشؤون الاجتماعية قد خدمت ببرنامجها بعضاً من متقاعدي الدولة المشمولين بالضمان الاجتماعي ولا أعتقد أن البقية ستمثل إرهاقاً لميزانية المؤسسة.