في بيتنا نصاب .. !!
النصب والاحتيال لم يعد كل منهما تقليديا في عصر التقنية والفضائيات، وكذلك تفتق أذهان النصابين عن الحيل والمكر، لذلك لم يعد شرط النصب والاحتيال أن يقابلك المحتال وجها لوجه، بل يمكنه سلب مالك وصحتك دون أن تراه أو يراك. هذا الأسبوع شهدت الرياض عملية أمنية نادرة أوقعت مجموعة من النصابين الفضائيين – إن جازت التسمية – درجوا على تسويق الوهم من خلال وصفات علاجية تدعي علاج الأمراض المستعصية، حيث ترسل رسائل على شريط أحد الفضائيات وتنشر أرقام هواتف من يستطيعون مساعدة المرضى كأول خيوط العصابة، وعند اتصال الضحية ترد امرأة وتصف العلاج، وتعد بإحضاره من الخارج بعد تحويل المبلغ، وفي الخارج يتم إرسال الأدوية من قبل زوجها هناك .. وهكذا.
ليس جديدا أن يمرر على مجتمعنا حالات نصب، أو عمليات استهداف المرضى الذين يتشبثون ببصيص أمل في ظل انتشار أمراض مستعصية، وعجز الطب عن علاجها، لكن الجديد تفاعل الجهات الأمنية في الرياض مع الواقعة والتخطيط للإيقاع بالمتورطين واحدا تلو الآخر، وإعلان ذلك على الملأ. هذا التفاعل والعمل الاحترافي يستحق الثناء والشكر، وفيه كثير من الديناميكية الغائبة في السابق خاصة في القضايا التي لا يشكل ظاهرها خطرا أمنيا عاما بقدر ما يطول الضرر من يتجاوبون دون وعي مع هكذا حالات. لكن السؤال المطروح من واقع هذه الحادثة: ماهو دور المواطن/ المقيم، في مقاومة مثل هذه الأحداث، وما هي الجهات التي يمكن اللجوء إليها وإبلاغها في حال رصد مثل هذه الحالات؟ وهل تقبل غرفة عمليات الشرطة مثلا بلاغا يشكو فيه الشخص من أن هناك ضررا من رسالة منشورة على شريط رسائل قناة فضائية؟ والسؤال الأهم هل يمكن ملاحقة مثل هؤلاء النصابين في حال وقع الضرر على افتراض استخدام هذه الأدوية مثلا. إننا بحاجة إلى توضيحات سواء على المستوى الأمني أو القضائي أو حتى الاجتماعي، وفي الأخيرة تحديدا فإن المجتمع بحاجة إلى مؤسسات مدنية نابعة من داخله تدافع عنه وتبصره بمثل هذه التجارب الجديدة علينا .. فهل نتحرك؟