هل نستطيع أن نقارن؟

نحن نعيش في عالم يكثر فيه الرفض؛ فعلى سبيل المثال، نحن نرفض التغيير في بعض المواضيع الاجتماعية التي ليست من الدين في شيء ولكنها عادات متوارثة. ولكن ما يخصني في هذا العمود هو المقارنة مع الدول الأخرى التي سبقتنا في كثير من الأمور، مثل التطوير الإداري وتطبيق التقنية...إلخ. حيث إننا لما قارنا التطوير الإداري وتطبيق التقنية في الإمارات العربية المتحدة أو مدينة دبي كانت جبهة معارضة المقارنة تستدل على أنهما صغيرتان وليستا بحجم المملكة العربية السعودية، كما أن المعارضة كانت مماثلة في المقارنة مع سنغافورة. وعند عمل مقارنة مع الدول الغربية يكون الرد هو أن هذه الدول متقدمة في جميع المجالات وطبيعة العادات والتقاليد الاجتماعية والعملية مختلفة عنا بشكل كبير.
ولكن في حديث مشترك مع بعض الزملاء المختصين في تقنية المعلومات عن مدى تقدمنا في مجال تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية في المملكة، تم طرح خبرة دولة ماليزيا في هذا المجال؛ فماليزيا دولة مشابهة للمملكة في التعداد السكاني، ولكنها تعاني معوقات أكثر بكثير من التي تواجهها دوائرنا الحكومية، ومنها ما يلي:
1. وجود مواطنين من أعراق متعددة، ولغات وعادات وتقاليد مختلفة تجعل من الصعوبة تطبيق التعاملات الإلكترونية.
2. أن الموارد المالية المتوافرة لدى ماليزيا لتطبيق مشروع التعاملات الإلكترونية أقل بكثير مما هو متوافر لدينا.
3. أن مستوى الفساد الإداري والمالي لدى ماليزيا أكثر بكثير مما هو لدى دولتنا (ولله الحمد).
4. تقسيم الدولة إلى مناطق مختلفة وشبه مستقلة، ما يزيد من التعقيدات الإدارية لدى ماليزيا، حيث لديهم أنظمة فيدرالية وأنظمة لكل ولاية.
من هذه الأسباب نستطيع أن نستنتج أنه كان من المفروض حصول فشل كبير جداً للحكومة الماليزية في تطبيق مشروع التعاملات الإلكترونية الحكومية، ولكن ذلك لم يحدث، فلماذا نجحوا بينما لم نحقق نحن أي نجاح يلمسه الموظف والمواطن على حد سواء؟
من وجهة نظري الشخصي أنه عندما تم عمل خطة مشروع التعاملات الإلكترونية، لم يوضع نظام واضح ومحدد تتم من خلاله مساءلة كل مؤسسة حكومية لم تنجز دورها في مجال تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية، فلو تم وضع هذا النظام، لكان من السهل تحديد المؤسسة المقصرة وتعديل الأسباب التي أدت لهذا التقصير؛ وهذا يؤكد أن سبب تعثر تطبيق التعاملات الإلكترونية الحكومية يرجع إلى سوء التخطيط لمشروع استراتيجي لمملكتنا الحبيبة، والتي كان لقائدها (حفظه الله) دور كبير في دعم هذا المشروع مادياً ومعنوياً، وأتمنى أن نعدل من مسارنا في أسرع وقت ممكن، ونعترف بالأخطاء السابقة بدلاً من المكابرة والاستمرار فيها. وأرجو أن تكون المقارنة بمن سبقونا دافعا للتعلم منهم لتفادي الأخطاء التي وقعوا فيها، وتكون حافزاً لنا لكي نسبقهم، بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي