حينما لا يتوافر سرير للمريض .. البديل هو التأمين
نصت المادة الحادية والثلاثون من النظام الأساسي للحكم على أن تُعنى الدولة بالصحة العامة وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن. وغني عن القول إن هذا النص يمثل ضمانة نظامية تكفلت بها الدولة لتوفير الرعاية الصحية لمواطنيها. ووزارة الصحة هي الجهة التنفيذية الرئيسة التي أنيط بها توفير الرعاية الصحية من خلال المستشفيات والمراكز الصحية التي تشرف عليها في مختلف مناطق المملكة. ولكن الواقع يقول إن هذه الوزارة لم تصل بعد إلى مستوى تحقيق الطموحات التي نأملها ويأملها ولي الأمر منها وذلك رغم السخاء الكبير الذي طال ميزانية هذه الوزارة في السنوات الماضية، حيث ما زالت الخدمات الصحية دون المستوى المطلوب.
وما زالت شريحة كبيرة من المواطنين لا تتمكن من الحصول على سرير لها في مستشفيات هذه الوزارة. وللأسف فإن معاناة هؤلاء المواطنين لم تتوقف بالرغم من وجود مستشفيات ومراكز طبية حكومية رائدة تتبع جهات أخرى غير وزارة الصحة. أقول هذا الكلام رغم أن العبء قد خف كثيراً على هذه الوزارة بسبب خروج شريحة كبيرة أصبحت تتلقى احتياجاتها من مستشفيات القطاع الخاص وفقاً لنظام الضمان الصحي التعاوني، وعدد عناصر هذه الشريحة يتجاوز السبعة ملايين فرد بما فيهم نسبة كبيرة من المواطنين السعوديين الذين يعملون في القطاع الخاص، هذا إذا ما أضفنا كذلك بعضاً من ميسوري الحال الذين دأبوا على تلقي العلاج في مستشفيات القطاع الخاص وذلك على نفقتهم الخاصة سواء بالدفع مباشرة إلى تلك المستشفيات أو أنهم لجأوا إلى التأمين الصحي الاختياري.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو ماذا بقي لوزارة الصحة من مواطنين حتى لا تتمكن من تقديم خدماتها لهم بالشكل المأمول؟ وفي اعتقادي أن أكثر من يعاني من شح في خدمات وزارة الصحة هم ممن يقيمون في المناطق النائية من المملكة وخصوصاً المنطقتين الشمالية والجنوبية، وربما حظ أهل الشمال ممن يقطنون بمحاذاة الحدود الشمالية هو أفضل بوجود مستشفيات ومراكز طبية في الأردن مما خفف من معاناة البعض منهم إلا أنه وللأسف الشديد قد أرهق ميزانيتهم وحملهم الكثير من الديون، وحسب التقديرات التي ذكرتها إحدى الصحف أن أهل الشمال ينفقون نحو مليار ريال في مستشفيات الأردن وهذا المبلغ الكبير كفيل بأن يؤسس مركزا طبياً متقدماً يستفيد منه أهل الشمال وغيرهم. ولو تبنت الوزارة ضمن خططها التطويرية المستقبلية إنشاء مركزين طبيين في كل من المنطقتين الشمالية والجنوبية فإن ذلك سيخفف كثيراً من الضغط على مستشفياتها الرئيسة الأخرى خصوصاً في المنطقتين الغربية والوسطى ويمنع من مزاحمة للمواطنين المقيمين في هذه المناطق الرئيسة والحد من معاناتهم في المواعيد.
هذا الهم الكبير هو ما دفع معالي وزير الصحة الدكتور عبد الله الربيعة أخيراً لزيارة المنطقة الشمالية وصرح بأن هناك خطة للحد من احتياجات أهل الشمال للعلاج في مستشفيات الأردن وتحويل مسارهم للعلاج داخل المملكة، وهذا كلام جميل ولكني أتمنى كذلك أن تكون هناك خطة لتأهيل مستشفيات وزارة الصحة لتكون متماثلة في خدماتها وموزعة بشكل جيد بحيث لا يكون هناك طلب على مستشفى معين أكثر من غيره. وحتى تتحقق هذه الأمنية فإنني أتمنى أن تضمن وزارة الصحة علاج المواطنين في مستشفياتها قدر الإمكان وأن تقوم بالتأمين على الشريحة المتبقية من المواطنين الذين لا يستطيعون الحصول على سرير في مستشفى حكومي بحيث يتلقون العلاج في المستشفيات الخاصة.
عضو مجلس الشورى