رياح التغيير تعصف بآسيا اقتصاديا

رياح التغيير تعصف بآسيا اقتصاديا

هل اكتملت دورة الاقتصاد العالمي – حيث بدأت من الغرب، وتكمل طريقها الآن باتجاه الشرق؟
يبدو أن ذلك إحدى أهم القضايا الرئيسة للكتاب الذي يحمل عنوان ''رحلة العمل إلى الشرق – Business Journey to the East''، حيث يسجل الكتاب الأفضل مبيعاً على قائمة كتب سنغافورة. ومؤلفه رجل أعمال إنسياد المقيم، فريد كومب، وأستاذ وي شو هو، في كلية نانيانج للأعمال في سنغافورة، ويرى الكتاب أن بالفعل رياح التغيير تعصف بالفعل بآسيا. ''أعتقد أن إحدى الرسائل الرئيسة التي يبعث بها الكتاب، هي من الواضح، أن مركز الجاذبية العالمية للنشاطات العملية قد تحول إلى الشرق. وعلينا جميعاً أن نصعد إلى متن المركبة، حيث تحول جزء كبير من القوة المالية الآن إلى آسيا، وبخاصة فيما حدث خلال الأشهر القليلة الماضية. أما بالنسبة للغرب، فإن التطرق إلى هذا الأمر، يحتاج الغرب فعلاً وبصدق إلى تقدير، وفهم، تاريخ وثقافة آسيا بتفصيل أوسع أكثر مما قام به ربما في الماضي''، كما قال كومب.
''ففي الماضي، قام الغرب إلى حدٍ ما بالاندفاع إلى آسيا وكأنها منجم ذهب. ولكنه ضيّع الطريق في كثير، الكثير من الأجزاء، وحان الوقت الآن لتقدير ماهية آسيا، وأنت في حاجة إلى تعديل عقليتك عموماً، وعقليتك الثقافية إذا أردت النجاح في آسيا''، كما أضاف كومب.
ويكرر وي وجهة نظره: ''إن ميزان القوة، سواء كانت الاقتصادية، أو العملية، أو غيرها، لطالما كانت في صالح الغرب. واليوم، ونتيجة للتسونامي المالي، ونتيجة لارتقاء الصين، والهند، والعديد غيرها من الدول الآسيوية، هنالك تحول أو ميلان في ميزان القوة هذا''.

ظلال آسيا

إن فهم العقلية الآسيوية، على أية حال، لن يكون بالأمر السهل، وبخاصة حين لا تكون آسيا وعاء صهر متجانس، كما هو يعتقد في العادة في كثير من الأوساط الغربية.
ويقول كومب إن أهمية الاتصال غير المباشر في آسيا بالغة الأهمية، حيث التأكيد على أن المرء لا يمكن أن يعتمد على إجابة مباشرة طوال الوقت. فعلى سبيل المثال، أينما يُعرف الغربيون بكونهم صادقين، ومباشرين: يمكن أن تعني كلمة ''نعم'' لا بالنسبة للآسيويين، والعكس صحيح''. ولكن كون آسيا محركاً رئيسياً للنمو على مدار الأعوام الخمسة إلى العشرة المقبلة، يقول وي إن على الغربيين أن يتوصلوا إلى توافق مع الواقع الجديد. ''ولت الأيام التي كانوا يفدون فيها إلى البلاد كأسياد مستعمرات، حيث أن ميزان القوة يتحول باتجاه الشرق''.

الفائض الغربي
إن التسونامي المالي، الذي اندفع فجأة بسبب أزمة الرهون العقارية لضعاف الملاءة في الولايات المتحدة، لم تحقق أي شيء في سبيل تحسين صورة الغرب. ويقول كومب إن مصداقية المؤسسات الغربية تحطمت في أذهان عديد من الآسيويين.
ويقول وي: ''حين تتحدث عن التسونامي المالي، فإنني أعتقد أنه كشف عن الكثير من الأخطاء في النظام الغربي. وهنا في آسيا، اعتدنا على النظر إلى الغرب على أنه رمز للحوكمة الرشيدة، والشفافية، إلى آخره. واليوم، من المؤسف أن ترى أن الغرب، أكثر فساداً من الشرق، إلى جانب أمور أخرى. خذ حادثة شخص على سبيل المثال (وسيط نيويورك – بيرنارد ميدوف) الذي بدد 50 مليار دولار. ففي الأزمة المالية الأخيرة، كانت تكلفة عملية إنقاذ آسيا بأكملها أقل من تلك''.
''وترى مشهداً تلو الآخر، حيث يصل الرؤساء التنفيذيون في طائرات خاصة من أجل التوسل للحصول على المال، بينما إذا كنت رئيساً تنفيذياً في اليابان، على الأرجح أن تنتحر بدلاً من ذلك... وذلك يدفع عديدا من القادة الآسيويين إلى الشعور بالاشمئزاز بسبب هذا الشكل من عدم الاعتراف بالذنب''.

بروز التحديات
إن كومب، أو وي، متفقان على أن آسيا تزداد تأثيراً، وهي أيضاً بحاجة إلى أن تتخذ موقفاً مميزاً في هذا الشأن.
''اعتقد أنها ستتيح فرصاً جديدة للشركات الآسيوية بمحافظ كبيرة لتحقق تقدماً انتقائياً في بعض العمليات الاستحواذية في أمريكا، وأوروبا، ونحو ذلك''، كما يرى وي.
وعلى أية حال، فإن كومب أكثر حذراً، كونه يشعر أن آسيا قد لا تكون مستعدة لمواجهة التحديات. ''اعتقد أنه ليس بالوضع المريح بعد لها لتقبله. ولكن سيتحتم عليها تعلم تقبل الموقف لأنني أعتقد أنه سيكون هنالك فراغ قيادي حول ما يواجهه الرئيس الأمريكي، أوباما، في الوقت الراهن.

* رحلة العمل إلى الشرق: منظور شرقي غربي حول العالم آسيوي. صدر عن دار ماكجرو هيل للنشر.

الأكثر قراءة