أمن المملكة.. خط أحمر

لا أحد يجادل في حق المملكة في الدفاع عن أرضها وأبنائها ضد أي معتد مهما كان، سواء أكان مخرباً يتسلل إلى الداخل، أم عدواً خارجياً يوجه سلاحه تجاه الآمنين داخل حدود المملكة.
ولهذا فقد كان موقف المملكة الحازم مما قامت به مجموعة من المتسللين داخل حدود المملكة واستهداف قوات حرس الحدود والمواطنين الآمنين في القرى الحدودية أمرا ينطلق من هذا الحق الذي تعارفت عليه الدول وقررته المواثيق الدولية.
وقد كانت المملكة ولا تزال ملتزمة بمواقفها من مختلف القضايا الداخلية في الدول العربية المجاور منها والبعيد بأن ما يحدث في هذه الدول شأن داخلي لا يمكن أن تتدخل فيه، ومن هذا المنطلق ظلت المملكة طوال السنوات الماضية ترقب ما يجرى في اليمن الشقيق دون أن تتدخل فيما يجري على أرضه من مواجهات مع المتمردين.
وحينما كانت بعض الجماعات الإرهابية الموجودة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون في شمال اليمن تتسلل إلى المملكة سعيا لتنفيذ عملياتها الإجرامية من تفجير ومحاولات اغتيال، لم تقل المملكة إنها ستتعقب هذه الجماعات داخل الحدود اليمنية رغم معرفتها التامة بأن هذه الجماعات توجد في مناطق المتمردين وتلتقي معهم لتحقيق أهداف وأجندة تخدم قوى خارجية، الجميع يعرف أنها توفر الملجأ والرعاية لفلول القاعدة ، كما توفر السلاح والدعم المادي والغطاء الإعلامي للمتمردين. وهذا الموقف الملتزم بحقوق الجار، لم يعجب إيران التي تدعم قوى التمرد خاصة وهي ترى أن يقظة الأجهزة الأمنية في المملكة تفشل خططها عبر إحباط كثير من عمليات التسلل وما يتبعها من عمليات إجرام، فاستعجلت بدفع المتمردين لنقل المواجهة من مواجهة داخلية مع الجيش اليمني إلى مواجهة مع المملكة، وفي هذا الوقت الذي تستعد فيه المملكة لاستقبال حجاج بيت الله الحرام.
وكان التمهيد لهذا التسلل والعدوان على أرض المملكة واضحاً للعيان، فبدأ بتصريحات إعلامية تهاجم المملكة، ثم دفاع مستميت عن المتسللين ومحاولة تحويلهم من فصيل متمرد على حكومته الشرعية إلى جماعة تتعرض للعدوان. إلا أن ما لم تضرب له إيران حساباً هو أن دفع المتمردين لمواجهة المملكة قد يعجل بالقضاء على هذا التمرد وبالتالي القضاء على بؤرة توتر كانت إيران تعتقد أنها تمكنت من زرعها في خاصرة المملكة.
إن مما يؤسف له أن نجد في عالمنا العربي من لديه الاستعداد لارتهان نفسه ومن يتبعه لقوى لا تهمها سوى مصالحها وطموحاتها التوسعية، وتكون تحركاته رهنا بما يتلقاه من توجيهات ودعم مالي، فيوجه سلاحه إلى إخوانه، دون أن يحمل هماً لمن يقتل من المواطنين الأبرياء نتيجة هذه التصرفات.
والتاريخ يحدثنا عن كثير من حركات التمرد والانفصال التي ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء وكان مصيرها الفشل، فانتهت إما بهروب قادتها إلى الخارج كما حدث في إقليم بيافرا النيجيري عام 1970م، وإما بقتل قادة التمرد كما حصل مع جبهة تحرير نمور التاميل في سريلانكا قبل عدة أشهر.
وغداً حينما ينتهي التمرد الذي أنهك اليمن اقتصادا وأمنا إلى الفشل، سيدرك الشعب اليمني الشقيق من يقف معه في السراء والضراء، كما سيعرف من يحاول استغلال أوضاعه الاقتصادية والأمنية لتنفيذ أجندة تسعى لزرع بذور الفتنة في عالمنا العربي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي