المتاجرة بأسرار البيوت .. وفضائيات «الحلتيتة»!

الحديث عن القنوات الفضائية طويل ومتشعب وأحيانا مطاط، يتعلق بموقف كل طرف بقضية معينة أو توجه معين. لكن ما يتفق عليه الجميع أن هناك عددا كبيرا من القنوات التي تروج للرذيلة من خلال طرق كثيرة سواء من خلال عرض صور خليعة أو عرض وسائل تدعي أنها للتعارف في حين أنها للممارسات غير الأخلاقية أو بالعامي «ترقيم» على عينك يا تاجر.
هذه القنوات لا خلاف على ضررها والتصدي لها، كما حدث مع قنوات السحر والشعوذة التي خفت صوتها بفضل التحرك الشعبي والرسمي مدعوما بموقف إعلامي كشف هشاشتها وزيفها. وهو موقف يحسب للزملاء في القناة السعودية الثالثة وتحديدا لبرنامج 99 الذي يقدمه الزميل صلاح الغيدان.
لكن ما هو جدير بالتحذير والتصدي من جديد هو ظهور قنوات أخرى تحاول اللعب على وتر المجتمع المحافظ والمتدين سواء من خلال أسمائها أو برامجها، في حين أنها قنوات تجارية تمارس المتاجرة بأسرار البيوت ومشاكل البشر وابتلاءاتهم.
أمس الأول عرضت إحدى القنوات «إياها» برنامجا تلفزيونيا يدعي الإصلاح الأسري، جاء بزوج وزوجته السعوديين ليتبادلان التهم والسباب على رؤوس الأشهاد. الرجل كان يؤكد طوال البرنامج على أنه يدخل المنزل والزوجة خارجة كل ليلة للسمر عند الجيران، وهي تقول إنها كشفت خيانته ودليلها على ذلك أرقام جواله ومكالمات آخر الليل التي يقوم بها. بدا المقدم الخليجي للبرنامج الذي كان كل من الزوج والزوجة يناديه بـ «الدكتور» سعيدا ومنتشيا بهذا التراشق العائلي وكأنهما في مجلس قضاء، بينما رسائل الـ SMS تنهمر على القناة بالعشرات في ذلك الصباح.
أما تشخيص دكتور القناة المحسوبة على التيار الملتزم فهو أن «رقعة التوافق النفسي والعاطفي متسعة بينهما». هكذا بكل بلادة تفضح هذه الأسرة ويؤتى بعمادها (الأب والأم) دون أدنى احترام لمشاعر أبنائهما أو أقاربهما، بل حتى مشاعر المجتمع التي انتهكت.
أقل ما يمكن أن نسمي مثل هذا البرنامج إنه متاجرة رخيصة بأسرار البيوت، واعتداء صارخ على المجتمع بأجمعه وليس أسرة واحدة. نعم لدينا مشاكل اجتماعية، نعم لدينا رجال مقصرون بل وعاقون، لدينا نساء كذلك، لكن ليس بمثل هذه البرامج تعالج أسرار البيوت. لن نكون أوصياء على الفضاء لكن المهنية الإعلامية كانت تقتضي أن تحفظ كرامة الأسرة، خاصة في مثل هذه القنوات التي تدعي المحافظة، ولا يكفي أن يظلل وجه الرجل في البرنامج بينما يصدح صوته وصوت زوجته في ذلك الصباح.
بقي أن نشير إلى أن هذه القناة ومثيلاتها تعيش على عوائد رسائل SMS التي توصي المرضى بالعنزروت والحلتيتة والكريمات المبيضة في زمن الطب والتقدم والعلم، وفي زمن نحتفل فيه بجامعة مثل كاوست.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي