Author

إصلاح تعليمي لا يحتمل التأجيل

|
يوجد في تعليمنا العام للبنين خمسة أنواع من الثانويات هي: الطبيعي، الأدبي، الإداري، التطبيقي، وثانوية المعاهد العلمية وللبنات الطبيعي والأدبي. وأسماء هذه الثانويات المتنوعة موهمة إلى حد بعيد ولا يعكس اسم الثانوية ما يدرسه الطالب/ الطالبة من محتوى بشكل دقيق. وتهدف المرحلة الثانوية في أغلب نظم التعليم في العالم إلى تأهيل الطالب / الطالبة بمهارات دراسية ومعلومات أساسية في فروع المعرفة الرئيسية تمكنه من مواصلة دراسته الجامعية أو التدرب على مهنة، فالمرحلة الثانوية ليست مرحلة تخصص. وبمراجعة إحصائيات الطلاب/الطالبات المقيدين في الصف الثالث ثانوي في كل نوع من أنواع الثانويات لعام 1423/ 1424هـ يتبين أن إجمالي طلابنا وطالباتنا يتوزعون مناصفة تقريبا بين الأدبي 51.1 في المائة والعلمي 48.1 في المائة ولم يتغير ذلك كثيرا بعد خمس سنوات، حيث بلغ الأدبي 45.1 في المائة والعلمي 59.9 في المائة وذلك عام 1427/ 1428هـ. والسؤال الحاسم والمهم في هذا الوقت من تاريخنا التعليمي والتنموي هو: هل يخدم تشعيب المرحلة الثانوية في نظامنا التعليمي العام إلى أدبي وعلمي (طبيعي) ما حددته رؤية خادم الحرمين من تحول لاقتصاد المعرفة أم لا؟ ثم هل يخدم هذا التشعيب طلابنا/ طالباتنا لقبولهم في تخصصات مطلوبة في السوق وتسهم في تنمية الوطن؟ والسؤال المحرج للقائمين على تعليمنا الثانوي هو: ألا يحكم هذا التشعيب على نصف طلابنا وطالباتنا بالبطالة لمجرد تخرجهم في ثانوية أدبية؟ إن هذا النوع من الثانوية لا يقبل في التخصصات العلمية التطبيقية. إن هذا النهج في التعليم الثانوي يسير في اتجاه معاكس لمتطلبات التنمية الوطنية ومصلحة الطالب/الطالبة وأسرهم ومجتمعهم، بل إن استمرار هذا النهج يمثل توريطاً حقيقا للطالب/الطالبة وخسارة اقتصادية لا تعوض على الوطن وتنمية اقتصاده، بل إن هذا النهج يمثل مصدراً هائلا من مصادر البطالة حيث يجبر هؤلاء الطلاب/الطالبات على القبول في تخصصات نظرية في المرحلة الجامعية تسلمهم بعد أربع سنوات لسوق البطالة والعوز. ألا يشعر المخططون لتعليمنا الثانوي بالذنب على تدمير مستقبل نصف خريجي المرحلة الثانوية بتخريجهم عاطلين وتفويت مصلحة هائلة على تنمية الوطن؟ لقد تنبه أعضاء فريق تقويم التعليم الشامل للتعليم إلى هذا الخلل وأوصوا بإلغاء تشعيب المرحلة الثانوية والاكتفاء بثانوية عامة واحدة. كما تنبه أعضاء مجلس الشورى عام 1426هـ إلى هذا الخلل وضرره على مستقبل الطلاب والطالبات ومستقبل التنمية الوطنية وصوتوا لإلغاء تشعيب المرحلة الثانوية والاكتفاء بثانوية عامة واحدة لا تحرم الطالب/الطالبة من القبول في التخصصات العلمية والتطبيقية والطبية والهندسية التي تمس حاجة التنمية وسوق العمل للمتخرجين منها وتواكب متطلبات التحول إلى اقتصاد المعرفة. لقد آن الأوان، بل تأخر، لإيقاف هذا الضرر على الطالب والمجتمع والتنمية واستبدال هذا التشعيب بثانوية عامة واحدة يغلب على مناهجها التوجه العلمي والتقني دون إغفال الجوانب الشرعية التي تستقيم بها حياة المسلم. إن تحقيق هذا الإصلاح التعليمي العاجل يمثل أكبر هدية للوطن والتنمية فيه وأكبر مواكبة ورافد للتحول إلى اقتصاد المعرفة الذي رسم أغلبية ملامحه خادم الحرمين الشريفين بنشره للتعليم الجامعي على مساحة الوطن وبتخصصات علمية تطبيقية وبرنامجه للابتعاث الخارجي، الذي يركز على التخصصات الطبية والهندسية والعلمية التطبيقية. إن التوجه الجديد للتعليم العالي يمهد الطريق لتحقيق هذا الإصلاح التعليمي الذي لا يحتمل التأجيل تحت أي عذر.
إنشرها