العلامة التجارية والتكنولوجيا الشعاران الممّيزان للشركات في زمن العولمة
«هناك ميزتان في الحياة تعتبران من الملكية: التكنولوجيا ووضع العلامة التجارية. وحيث إنني لست متخصصاً في التكنولوجيا، قررت أن أي عمل سأقوم به تالياً يجب أن يحمل علامة تجارية قوية».
بعد أن ترك الصحافة لينضم إلى عمل العائلة، أدرك هو كوان بينج، المؤسس ورئيس مجلس الإدارة التنفيذي لفندق الرفاهية بانيان تري غروب، أن شركات عقود التصنيع المختلفة التي تملكها عائلته كانت عالقة في منافسة مستمرة على أساس التكلفة فقط، وأن أعمال الفندق يمكن أن توفر وسيلة لابتكار علامة تجارية خاصة بالملكية كتلك. «إن الفرق بيننا وبين بعض الآخرين في ذلك، هو أنه بالنسبة لشركات عديدة أخرى تملك علامة تجارية قوية يعبر ذلك بمثابة مكافأة مقابل النجاح في العديد من الأمور التي تنجزها، ولكنه من النوع الذي يحدث مصادفة. إنه يأتي لاحقاً، إنه مكافأة مقابل النجاح في مجالات أخرى. بالنسبة لنا، قلنا دوماً منذ البداية إن امتلاك علامة تجارية قوية أمر مهم للغاية لبقائنا».
يقول أستاذ إنسياد، أميتافا شاتوباهياي حول نجاح بانيان تري: «حددت الشركة مكاناً كان قائماً في وقت لم يكن فيه العديد من اللاعبين، وخرجوا بمفهوم فريد، وطبقوه جيداً». ويعزو هو نجاح بانيان تري غروب، مقابل العلامات التجارية الصينية الأخرى، إلى قدرته على فهم الأسواق الاستهلاكية الغربية. وفي حين أن نشأته أتاحت له معرفة كل من الشرق والغرب، إلا أن ذلك لن يكون العامل الرئيسي في أن يمضي قدماً كما قال. «إن القرن الحادي والعشرين سيكون في واقع الأمر عصر آسيا والهند والصين. إن الأسواق الاستهلاكية الضخمة ستكون آسيوية.. والآن ثمة فرصة حقيقية للأشخاص من أصول آسيوية، الذين يملكون حساً ثقافياً غريزياً إزاء إلى أين يتجه مستهلكوهم، للخروج وابتكار علامة تجارية يمكنها أن تتجذر بشكل أساسي في سياقهم الآسيوي الخاص، ولكنها ذات علاقة عالمية».
لقد حفزت هذه الفرص العالمية الجديدة الشركة لتوسيع تركيزها من فنادق ومنتجعات علاجية في منطقة المحيط الهادئ الآسيوية، إلى مواقع مختلفة في شتى أرجاء العالم. «إذا لم نصبح لاعبين عالميين، فسوف نبقى متخلفين». وكما تم تلخيص ذلك في دراسة حالة أجرتها إنسياد (2003)، «منتجعات وفنادق بانيان: بناء علامة تجارية عالمية من قاعدة آسيوية»، أعادت الشركة تقييم استراتيجية توسعها بعد الأزمة المالية الآسيوية، حيث شهدت التخلي عن أربعة مشاريع تم تخطيطها في إندونيسيا نتيجة الصعوبات المالية التي واجهها الشركاء المحليون. وبعد تحديد أسواقها الرئيسية الثلاث وهي شمال شرق آسيا، وأوروبا الغربية، وأمريكا الشمالية، تحاول المجموعة الآن ضمان أن تكون فنادقها ومنتجعاتها قابلة للنفاذ إلى هذه الأسواق على أساس المسافات الطويلة، والمتوسطة، والقصيرة، وفي الوقت ذاته اختيار المواقع التي يكون فيها «الفك» – الفجوة بين معدل إشغال الغرف والتكاليف التشغيلية- أعلى ما يكون.
يوضح شاتوباهياي حول عولمة العلامة التجارية لبانيان تري: «لا أقول إن (مجموعة الفنادق) لا يمكنها التوسع خارج منطقة الهادئ الآسيوية، ولكن ربما يكون ذلك صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، من حيث تطبيق عرض القيمة في الولايات المتحدة أو بلدان منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي لأوروبا الغربية، لأن نسبة الموظفين إلى الضيوف عالية للغاية في بانيان تري، وتشكل تكلفة العمالة عنصراً رئيسياً».
من اليابان إلى توسكاني في إيطاليا، إلى المكسيك، تملك بانيان تري حالياً نحو خمسين مشروعاً قيد التنفيذ، تتضمن – إضافة إلى منتجعات بانيان تري المعروفة – فنادق في المدن، ومجموعة بانيان تري الخاصة، والتي ستمنح الأعضاء إمكانية الوصول إلى الشقق والفلل الشخصية الحصرية. يقول هو إن التحدي الرئيسي في التحرك من مجرد كون العلامة التجارية آسيوية إلى كونها عالمية هو تحرك على نطاق كبير.
«بالنسبة لشركة إقليمية صغيرة نسبياً – رغم أننا مدرجون في البورصة- إلا أننا نواجه مخاطر الانقسام التنظيمي، وغياب الوضوح، وغياب التماسك في اتخاذ القرارات «، أو كوننا ضعفاء، لذا أعتقد أن التحدي الأكبر كما أراه هو في المحافظة على تماسك الهيكل، وهوية العلامة التجارية، ومعايير الخدمة».
ويذكر شاتوباهياي حول التحديات الماثلة أمام مجموعة الفنادق من أجل المضي قدماً:»في الوقت الذي يزيدون فيها عدد الملكيات وزيادة انتشارهم الجغرافي، فإن هذا الهيكل التنظيمي المتمثل في لعب المديرين دورين في العمل – واحد بشأن ملكية الفندق، والآخر في هيكل الشركة، سيصبح تحدياً رئيسياً للغاية لأنه أسهل بوجود أربعة أو خمسة عقارات، ولكنه يصبح أصعب إذا كان لديك فجأة 50 عقاراً». ويعتزم هو أيضاً المحافظة على معايير المسؤولية الاجتماعية التي تمارسها الشركة منذ بدايتها. ويقول أنه وزوجته، كلير شيانغ، وهي عضو سابق في البرلمان في سنغافورة، أصبحا معنيين في التنمية الاقتصادية والنشاط الاجتماعي، بعد أن نشأ الاثنان خلال سنوات الحرب الفيتنامية. وكانت بانيان تري أيضاً، بناء على ذلك، «وسيلة لنا، باستخدام العمل كوسيلة لابتكار شيء ما نأمل أن يكون جميلاً ومستداماً، ولكن في الوقت ذاته، استخدام العمل كوسيلة لتمكين العديد من المعتقدات الراسخة بعمق التي لدينا حول المسؤولية الاجتماعية للشركة».
إن المعتقدات الأساسية التي تشكل سياسات المسؤولية الاجتماعية للشركات الخاصة بالمجموعة، والتي تتراوح من بناء وإدارة المنتجعات بأقل ضرر بيئي ممكن، إلى إحداث التنمية المجتمعية والمشاريع البيئية في كل منتجع، هي «أمور أكثر جوهرية لنا من فكرة بناء بانيان تري»، حسبما يقول هو، مضيفاً «لا توجد طريقة، بناء على ذلك يمكننا أن نخسر بها».