عائلات هندية تحاول الفرار من مصيدة الفقر تبحث عن المساعدة

عائلات هندية تحاول الفرار من مصيدة الفقر تبحث عن المساعدة

تُعرف كانشيبورام، وهي تبعد نحو 80 كيلومتراً عن جنوب غرب شيناي، بتقليد الساري الحريري ثقيل الوزن والذي يعود عمره إلى 500 عام. ولكن تثبت الوقائع أن زخرفته، وأجزاءه المعقدة تُحاك من قبل أطفال تراوح أعمارهم بين خمسة و13 عاماً، ويعملون ما يراوح بين 12 و16 ساعة يومياً، وهم مستعبدون لسيد الحياكة إلى أن يتم سداد ديون ذويهم بالكامل.
ومنذ عام 2002، على أية حال، كان هنالك صندوق خيري يُدعى «يداً بيد – Hand in Hand – HiH»، يعمل في تاميل نادو بهدف استئصال المشكلة المزمنة لعمالة الأطفال. وعندما تسلمت كالبانا سانكار مقاليد حكم المؤسسة كرئيسة تنفيذية عام 2004، أدركت أن المسألة لا يمكن معالجتها بصورة منعزلة.
«نحن في حاجة إلى دعم الحكومة المحلية والمجتمع المحلي. وبالتالي دربنا الشباب، وأرسلناهم إلى القرى لتثقيف الآباء بشأن حقوق الأطفال، وإقناعهم بأن الإنتاجية يمكن تعزيزها لو تم السماح لأطفالهم بالذهاب إلى المدرسة، وإكمال تعليمهم؛ وأنهم لا ينظرون سوى إلى المكاسب قصيرة الأجل عندما يدفعون أطفالهم للعمل الآن»، كما قالت سانكار لمجلة إنسياد نولدج.
وحتى الوقت الراهن، هنالك 385 قرية لم تعد فيها عمالة أطفال، ونحو 35 ألف طفل يعودون إلى الالتحاق بالمدارس.
إن الأطفال الذي يتركون المصانع يلتحقون مبدئياً بمدارس تجسيرية حيث تعمل على تهيئتهم للالتحاق بمدرسة حكومية. «وفي غضون 18 شهراً، تمكن الأطفال من اللحاق بمستوى نظرائهم. فهم أذكياء وقد حصلوا على البيئة الملائمة، وهم متحفزون للعمل الشاق في الليل ليحصلوا على مزية الذهاب إلى المدرسة»، كما تقول سانكار.

نحو الحد من الفقر
إن عمالة الأطفال هي سبب لكل من الفقر وعواقبه. ولمساعدة العائلات على الخلاص من مصيدة الفقر، فقد أسس صندوق يداً بيد مجموعة مساعدة ذاتية، وبرنامج تمويل صغير.
إن الطريقة الوحيدة لمعالجة مشكلة عمالة الأطفال هي من خلال نهج متكامل للتخفيف من حدة الفقر، كما تجادل سانكار. «وإن المبدأ هو أننا لا نعطي الناس أسماكاً، ولكن ندربهم على استخدام صنارة صيد السمك، ومن ثم إقراضهم المال لشراء واحدة. نحن نوفر بذلك مزيجاً من التمويل المصغّر والنشاط العملي المهيكل لدعمهم وتحفيزهم على توليد مشاريعهم الخاصة».
ويجهّز صندوق يداً بيد النساء المنخرطات الأمر، ليس فقط عن طريق تقديم تدريب لهن في مجال إدارة النشاطات الصغيرة، ولكن كذلك بتعليمهن كيفية القراءة والكتابة، وكذلك مبادئ الادخار والاقتراض، وإدارة الحسابات.
إن باكيام، وكاجالكشمي، وأموداهفالي، هن ربات منازل، وراعيات ماشية. وتحرز عائلاتهن نحو ثلاثة آلاف روبية، أي 60 دولار شهرياً. ودون قدر كبير من التعليم، أو خبرة العمل، قررن الانضمام إلى مجموعة المساعدة الذاتية، وقُدمت لهن بعض التدريبات في مجال عمل المؤسسات. وقد أخذن قرضاً قيمته 65 ألف روبية، أي 1,340 دولاراً، وأسسن كافتيريا في كلية هندسة خارج شيناي. واليوم، تصل مبيعات الكافتيريا إلى ما يزيد على عشرة آلاف روبية (أي 210 دولارات يومياً). وقد تزايدت الثقة لدى أولاء النسوة كسيدات أعمال، وهن يتحدثن عن خطط توسعة نشاطاتهن.
وكما هي الحال في مؤسسات التمويل المصغر في كل مكان آخر، تقول سانكار إنهم لا يقرضون النساء إلا عندما يتأكدون من أنه سيتم استخدام القروض في مجال الاستثمار وليس الاستهلاك.
ولتحقيق هدف استئصال عمالة الأطفال، والحد من الفقر عن طريق التعليم، والعمل، وتوليد مصادر الدخل، وتمكين النساء، فإن صندوق «يداً بيد» استخدم برامج تنمية المجتمع كذلك والتي تتميز بخمس دعامات متداخلة تغطي عمالة وتعليم الأطفال، والتمويل المصغر، ومراكز المواطنين، والرعاية الصحية، والبيئة.

العالمة التي تحولت إلى سيدة أعمال اجتماعية
كونها مسلحة بدرجة دكتوراه في مجال فيزياء الطاقة الذرية النووية، فقد وجدت سانكار أن عليها ترك عائلتها في تاميل نادو والتوجه إلى المدن الكبرى في الشمال، إذا أرادت العمل في مجال اختصاصها الأكاديمي.
وحتى تصبح أقرب من عائلتها، تسلمت مهمة في عام 1992 مع حكومة تاميل نادو، حيث ركزت على التمويل المصغر، والحد من الفقر عن طريق الصندوق الدولي للتنمية الزراعية. وقد أدى انخراطها في مجال المسائل التنموية إلى حصولها على درجة دكتوراه أخرى، ولكن هذه المرة في الدراسات النوعية للجنسين.
ولقد انضمت إلى صندوق يداً بيد في عام 2004 لأنها «كانت مهتمة بصورة خاصة برؤية المستشار الدكتور بيرسي بارنيفيك، حول الإدارة الجيدة للمنظمات غير الحكومية بتركيز على التوصيل الفعال للخدمات التي يحتاج إليها الفقراء دون المرور بالمؤسسات الحكومية».
وفي ذلك الوقت، كان لدى صندوق يداً بيد عشرة موظفين بدوام عمل كامل، و20 بدوام عمل جزئي. وقد عملت سانكار على تجديد المؤسسة، وطبّقت بعض العمليات، و«راجعت الاستراتيجيات». وهي تعدّ الآن خطة خمسية. ويوظّف صندوق يداً بيد الآن ثلاثة آلاف موظف بدوام عمل كامل، ويتمتع بإطلالة جديدة بالكامل. وهي تعزو نمو وتحوّل صندوق يداً بيد إلى مجلس أمناء ومستشاري الصندوق.

الميزانية والدخل
تبلغ ميزانية صندوق «يداً بيد» السنوية نحو 5,5 مليون دولار، إضافة إلى 1.1 مليون دولار توضع جانباً لمعالجة عمالة الأطفال وتعليمهم. ونحو 85 في المائة من منح الصندوق تأتي من الخارج.
وبهدف تلبية حجم الطلب على القروض الصغيرة في المجتمعات، توجد لدى صندوق «يداً بيد» الآن شركة التمويل غير المصرفية الربحية.
«وسوف تتعادل عملياتنا للتمويل المصغر بحلول عام 2010. ونأمل أن نوظّف استثماراً اجتماعياً عن طريق شركة تمويل غير مصرفية، حيث يوافق المستثمرون لدينا على إعطاء جزء من الأرباح لصندوق يداً بيد. وذلك إضافة إلى منح وهبات ستساعدنا على الحفاظ على مشاريعنا قائمة، وكذلك تساعدنا على التوسع خلال السنوات المقبلة»، كما تقول سانكار.

الأهداف
إن الهدف متوسط الأجل لصندوق «يداً بيد» لعامي 2013 و2014 هو إيجاد 1,3 مليون وظيفة في الهند. وعلى المدى البعيد، فإنه يهدف إلى لعب دور بارز في الحد من الفقر عن طريق إيجاد عشرة ملايين وظيفة حول العالم بحلول عام 2020.

«لقد كان نموذجنا ناجحاً للغاية إلى الآن»، كما تقول سانكار. «فقد أوجدنا ما يزيد على 200 ألف مشروع، وألحقنا ما يزيد على 30 ألف طفل بالمدرسة، وعلمنا عمليات إدارة النفايات إلى ما يزيد على 80 ألف أسرة، وعلّمنا ما يزيد على 40 ألف شخصا في محو الأمية الإلكترونية. وقد دُعينا إلى نقل نموذجنا إلى دول مختلفة عبر أرجاء العالم. ونعمل الآن في أفغانستان، جنوب إفريقيا، والبرازيل، وسننتقل في غضون فترة وجيزة إلى دول أخرى في أمريكا اللاتينية».

تحديات
«مع إيجاد شركة تمويل غير مصرفية، فإننا في مرحلة بالغة الأهمية في عملياتنا»، كما تقول سانكار. «وإن أكبر تحدٍ يواجه المؤسسة هو تطوير إطار العمل الاستراتيجي لشركة التمويل غير المصرفية بطريقة ما، بحيث بينما يتم التأكيد على استدامة العمليات المصرفية، يمكنها الاستمرار في الوصول إلى ملايين النساء الفقيرات اللواتي يستفدن من الإقراض. وإن هذا البعد الجديد لكيفية تحقيق آمالنا يأتي إلى جانب تحديات إدارية وتسويقية».
ولقد أصبح التمويل تحدياً خلال الكساد، رغم أن المؤسسة كان لديها مانحون داعمون للغاية في الماضي. وقد كرست فريقاً يعمل من أجل استغلال الموارد الممكنة.
«وإضافة، إلى أن تكون امرأة على رأس القيادة يزيد من التحديات، فإن علينا دوماً أن نحارب من أجل ترسيخ أنفسنا في عالم يسوده الرجال»، كما تقول سانكار.

* شاركت كالبانا سانكار في برنامج الريادة الاجتماعية لإنسياد الذي عُقد في الآونة الأخيرة في حرم الكلية في أوروبا، في فوانتنبلو.

الأكثر قراءة