الدعوة إلى استراتيجية عالمية مشتركة نحو الصين والهند
إن الذين يتجاهلون ظهور الصين والهند سيفعلون ذلك بمخاطرة كبيرة، حسبما يقول المؤلفان المشاركان لكتاب Getting China and India Right، وفي الحقيقة فإن أنيل كيه جوبتا، وهايان وانج يدعوان إلى استراتيجية مشتركة نحو الصين والهند، بدلاً من تفضيل إحداهما على الأخرى.
وهما يعتقدان أن كثيراً من عمالقة اليوم الغربيين الذين ليس لديهم استراتيجيات راسخة إزاء الصين والهند سيواجهون تهديدات شديدة لوجودهم خلال عشر سنوات، لأنهم سيتخلفون عن منافسيهم الذين يؤثرون في هذين الاقتصادين لتحقيق فائدة عالمية.
أنيل جوبتا، أستاذ الاستراتيجية والتنظيم في مدرسة سميث لإدارة الأعمال في جامعة ميريلاند يقول لانسياد نوليج:'' إذا نظرت إلى العمل بالنسبة لأماكن وجود مصادر العائدات ، فإنها لن تكون فقط في أمريكا أو أوروبا، فهي ستكون وبشكل متزايد في الصين والهند''.
ويوضح جوبتا:'' إننا في الأساس نشهد ظهور عالم متعدد الأقطاب، فإذا عدنا إلى الوراء عشر سنوات، كان لدينا، اقتصاديا، عالم كانت فيه أمريكا وأوروبا القطبين الرئيسيين على العموم، لكن خلال السنوات الخمس عشرة التالية، سنشهد ظهور هذه القطبين، الصين والهند، ومن الواضح أن الصين تتقدم على الهند، وهذه الأسواق ستكون كبيرة مثل كبر سوق أوروبا وأمريكا مجتمعتين''.
ويضيف أن الصين والهند هما البلدان الوحيدان حالياً في العالم اللذان تؤثر فيهما أربع حقائق تفرض نفسها في وقت واحد، وهذه الحقائق هي أسواق ضخمة تنمو بسرعة، ومنابر لتخفيف التكاليف العالمية، ومنابر للتجديد والابتكار العالميين، ونقاط انطلاق لظهور منافسين جدد.
ومع أن لهما مسارات نمو مختلفة جداً، فإن الصين قوية في التصنيع واللوجستيات، بينما تكمن قوة الهند في تكنولوجيا المعلومات وخدمات البرمجيات، وشركة تستهدف كلتا السوقين، وهما بالصدفة اثنان من الاقتصادات السريعة النمو في العالم، ستشهد تعويضاً كبيراً عن أي سلبيات محتملة. ووفقاً لقول هايان وانج، المشاركة في تأليف كتاب Getting China and India Right والشريكة الإدارية في معهد الصين الهند، فإن فائدة أخرى من استراتيجية متكاملة إزاء الصين والهند هي حماية الملكية الفكرية، والتي تظل قضية بارزة، وخصوصاً في الصين، وميزة العمل في كلتا السوقين، حسبما تقول وانج، هي أن الشركات متعددة الجنسيات تستطيع استخدام التنويع لتقليل المخاطر.
وتضيف وانج:'' إذا ركزت برنامج بحث وتطوير رئيسياً في بلد واحد، مقابل فسخ جزء واحد في الصين وجزء واحد في الهند فإنك من الواضح تقلل مخاطر الملكية الفكرية والمخاطرة السياسية''، وتضيف أنك بالقيام بذلك لا يمكن أن يكون من السهل تقليد تصاميم جديدة من قبل المنافسين أو الحلفاء في مواقع مستقلة.
وإضافة إلى ذلك، تشعر وانج بأن الشركات التي تجعل مطباً للسرعة مثل حماية الملكية الفكرية تحرف استراتيجيتها إزاء الصين والهند عن مسارها، هي ببساطة تفشل فعلى الشركات أن تفكر في الصورة الأكبر، حسبما تقول.
ووفقاً لوانج '' فإن ما لا يدركه معظم الناس هو أن التكامل الاقتصادي بين الصين والهند، فيما يتعلق بتطوير روابط اقتصادية ثنائية يشكل واحدة من أقوى القصص التي تظهر اليوم بين الاقتصادات الاثني عشر الكبيرة، فالتجارة بين الصين والهند تبلغ اليوم 52 مليار دولار (عام 2008)، وخلال السنوات الاثنتي عشرة المقبلة، إذا نمت حتى بنصف المعدل الذي نمت به خلال السنوات العشر الماضية، فإن التجارة الثنائية بين الصين والهند عام 2020 يمكن أن تكون أكبر من التجارة بين الصين وأمريكا اليوم''.
لكن جوبتا يسارع إلى القول إن هذا لا يعني أن الصين والهند ستصبحان مركز العالم لأننا ''لن نتحرك من نوع من القطبية الأحادية إلى نوع آخر من القطبية الأحادية، فسوف يكون لدينا عالم متعدد الأقطاب''.
ومع أن الصين والهند تشكلان 40 في المائة من سكان العالم، فإنهما لا تسهمان إلا في 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي للعالم، وحتى بعد 50 سنة من الآن، يتوقع أن أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي للعالم سيظل يأتي من خارج الصين أو الهند، وحتى إذا أصبحت الصين والهند قوتين اقتصاديتين عالميتين فإن أوروبا وأمريكا ستظلان القطبين الاقتصاديين الرئيسيين في العالم، على الأقل لعدة عقود قادمة.
ومع هذا سيكون من المستحيل تجاهل ظهور الصين والهند ''فخلال السنوات الخمس عشرة القادمة سينضم 500 مليون إنسان آخرين في الصين إلى صفوف الطبقة المتوسطة، وسينضم 500 مليون إنسان آخرين في الهند، إلى صفوف الطبقة المتوسطة، لذلك فإن هذا هو المكان الذي يحدث فيه النمو الكبير، ولا يركز كثير من الشركات المتعددة الجنسيات على هذا الأمر، ولم يفكر تسع من الشركات العشر في حقيقة هذا السوق الجديد بصورة كافية''.
وبسبب ذلك، يعتقد جوبتا أن بعض الشركات الواردة حالياً في الخمسماية شركة من Fortune ، ستشطب من القائمة وسيحل محلها قائمة معدلة تتكون من خليط أكبر من اللاعبين من الولايات المتحدة وأوروبا واليابان والصين والهند.
والشركات التي تنجح في ذلك ستكون الشركات التي تظهر كيفية التعامل مع هذا الاقتصاد العالمي الجديد المتعدد الأقطاب لكنه المتكامل بشكل متزايد''.
* أنيل كيه جوبتا وهايان وانج مؤلفان مشاركان في :
Getting China and India Right: Strategies for Leveraging the World's Fastest – Growing Economies for Global Advantage''.