استشارات عطلة نهاية الأسبوع

دعيت من قبل رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة لحضور مناقشة دراسة إستراتيجية الشركة المستقبلية للسنوات العشر المقبلة، وكان مثار استغرابي إسناد هذا العمل المهم لمكتب استشارات غير مقيم في المملكة بمبلغ تجاوز أربعة ملايين ريال، إضافة إلى تكاليف السفر والإقامة، هذا المكتب ليس له تمثيل ولا وجود في المملكة، ولا يعرف عن اقتصاد المملكة ومرتكزاته إلا ما قرأه من خلال شبكة المعلومات، وأن فريق العمل ليس لديه الخبرة والكفاءة، ويتكون من شباب حديثي التخرج من إحدى الجامعات العربية، وأفادني المسؤول عن المكتب أن لديهم أعمالاً كثيرة في المملكة لا يستطيعون تنفيذها، حتى إنهم يفكرون بدلاً من السفر الدائم في فتح مكتب في المملكة عن طريق نظام الاستثمار الأجنبي. ولقد استغربت أيضاً أن فرضيات الدراسة الاستراتيجية بُنيت على معطيات إحدى الدول المتقدمة، وجلها قص ولصق، حتى أنني لاحظت تكرار اسم شركة بلجيكية بالخطأ نشاطها مشابه لنشاط الشركة، ويستحيل تطبيقها في المحيط الاقتصادي والاجتماعي في المملكة، وبحكم أنني ضيف على الاجتماع، لم أعلق مباشرة، وإنما أبديت ملاحظتي لرئيس المجلس بعد انتهاء الاجتماع، وأشرت إلى أن ما دفع من أتعاب لمثل هذه الدراسات لا يساوي الورق الذي كتبت فيه، وأنه يعتبر هدراً لأموال المساهمين.
مع الأسف الشديد أن الكثير ينبهر بالمنتجات غير السعودية، علماً أن لدينا شبابا يتفوقون مهنياً على نظرائهم الغربيين،معرفة ومهنية وخبرة، ولكن زامر الحي لا يطرب، إن كان ولا بد من التعاقد مع تلك المكاتب، فلنشترط عليها الحصول على ترخيص لممارسة المهنة أولاً ويكون لها مكتب دائم في المملكة، لا أن يقدموا الاستشارات من الأربعاء إلى الجمعة، وثانياً لا بد أن يكون نصف استشارييها على الأقل من السعوديين، وأن يدفعوا ضرائب عمل لا مجرد ضريبة استقطاع (5 في المائة)، وبهذا تكون المنافسة مع المكاتب السعودية عادلة، أما ترك الحبل على الغارب لا ضرائب ولا مردودا للاقتصاد الوطني ولا نقل معرفة وخبرة للشباب، ولا منتجا يستحق التضحية، فاكتب على قطاع الاستشارات السعودي السلام، والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي