الخرافة تقوّض التحالفات
استنتجت دراسات عدة أنّ الشركات كلّما عقدت تحالفات أكثر، أصبحت أكثر براعةً فيها. قد يبدو المبدأ منطقياً، إلا أنّه ليس صحيحاً على الدوام. فالدراسة التي أجريتها بنفسي على نحو 200 مؤسسة عقدت أكثر من 3400 تحالف استنتجت إجمالاً أنّ نتائج المؤسسات التي تتمتّع بالخبرة الأكبر جاءت أسوأ من نتائج المؤسسات التي تتمتّع بخبرة متوسّطة، وذلك وفقاً لنسبة التحالفات التي حقّقت أهدافها.
فضلاً عن ذلك، تشير الدراسات التي أجريت سابقاً إلى أنّ المؤسسات التي تتمتّع بخبرة كبيرة يمكن أن تصبح واثقةً من مهاراتها بشكل مفرط، وأن تضلَّل بسبب "المعرفة المستندة إلى الخرافات"، أي المعرفة القائمة على مفاهيم العلة والمعلول غير المثبَتة.
وغالباً ما تتميّز هذه المؤسسات بمهمات تحالفية مدروسة ومركزية تصنّف الممارسات المعيارية وتعززها. لكن إن كانت بعض هذه الممارسات تستند إلى خرافات عن الأفعال التي تؤدي إلى نتائج إيجابية أو نتائج سلبية، فيمكن للمؤسسات أن تديم الممارسات دون الأمثل، وتمنع عملية التعلّم، وتقوّض الأداء التحالفي.
فما الذي يحدّد ما إذا كانت المؤسسة التي تنشط في إقامة التحالفات ستحقّق أداءً جيداً؟ إنّها طبيعة آليات المؤسسة التحالفية. هذا ما استنتجتُه. فكلّما كان تحالف المؤسسة متيناً، حظيت بمزيد من آليات التأسيس التي تمنح صنع القرارات صفةً رسميةً، وتعزّز الممارسات الموحَّدة كالبروتوكولات المتّبعة لاختيار الشركاء. وقد تكون هذه الآليات فعّالةً، إلا أنها تفتقر إلى الليونة، خصوصاً حين يتعلّق الأمر بالتعلّم من النجاحات والأخطاء المرتبطة بوضوح بأفعال محدّدة. هنا تكون الآليات المدمجة مفيدةً لأنّها تشجّع الموظّفين على مشاركة خبراتهم التي اكتسبوها في تحالفات سابقة، والانخراط في حلّ المشكلات جماعياً، معزّزين الذهنية التعاونية، ومبدين استعداداً للارتجال. هذا الأمر ينمّي حسّ الاختبار، ويتيح للشركات تكييف ممارساتها لتنسجم مع الأطر الجديدة، أي العمليات التي تعزّز كلاً من الممارسات الفعالة والتحسين المتواصل.
كذلك لاحظت أنّ معظم الشركات التي درستها تستعين بآليتي التأسيس والدمج معاً. ويبدو أنّ طريقتها في إحداث توازن بينهما شكّلت مفتاح نجاحها. فالمؤسسات ذات الخبرة الكبيرة التي استندت بشكل رئيس إلى آليات التأسيس حقّقت معدّل نجاح في تحالفاتها بلغ ما نسبته 50 في المائة، أي ما دون المعدّل بالنسبة لقاعدة البيانات كلّها. ويبدو أنّ هذه الآليات لا تحسّن الكفاءة بل تعكس الثقة. أما المؤسسات التي كثّفت من لجوئها إلى آليات الدمج حقّقت معدّل نجاح في تحالفاتها بلغت نسبة 70 في المائة إجمالاً.
غالباً ما يتحدّث المديرون عن تقبّلهم الأخطاء الإنتاجية، تلك الأخطاء التي يتعلّم منها كلّ من الموظّفين والشركة. أما فيما يختصّ بالتحالفات فيشير البحث الذي أجريته إلى أنّ التسامح لا يكفي على الأرجح. فعلى المديرين أن يوجدوا آليات تحثّ على المقاربات المدروسة القائمة على التجربة والخطأ، وعلى التشارك المتعمّد للدروس المستقاة.
كوين هايمريكس هو أستاذ مساعد في الاستراتيجية في كلية روتردام للإدارة، في جامعة إيراسموس.