أهمية تدارس الحالات بين زملاء العمل

يروى عن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - قوله: ''المشورة والمناظرة بابا رحمة ومفتاح بركة، لا يضل معهما رأي ولا يعدم معهما حزم''.
مهما كان المشرف الإداري متكمناً من عمله، ومهما تنوعت خبرته وتعمّقت، فطبيعة الأعمال، وخصوصاً ذات العلاقة بالخدمة العامة، تتلون وتتبدل تبعاً لظروف الزمان والمكان وحالة صاحب الحاجة وما يحيط به وتنوع حاجته من ملابسات يستعصي أحياناً على المقاييس النظامية والسوابق من الحالات، استيعاب جميع متطلباتها.
ومن هنا، وحرصاً على تقديم خدمة تتوافق ومتطلبات الحاجة إليها بأيسر جهد على متلقي الخدمة ومقدمها في حدود حيز زمني معقول، فإن بعضاً من تلك الحالات، وخصوصاً تلك التي تقع خارج حدود الحالات ذات الإجراءات المقننة، يستلزم الدراسة والاستقصاء.
والدراسة والاستقصاء، كما هو معلوم، لا يقتصر الأمر فيهما على الأرقام والحقائق، وإن كانت حاجتهما إلى ذلك ضرورية، إلا أن دراسة بعض الحالات تتطلب الرأي الصائب الذي يستثمر تلك الأرقام والحقائق ليصل إلى رأي أو قرار سوي محقق للهدف. ولاختلاف مواقع العاملين في المجال الواحد وتباين نوع خبراتهم ومستوياتهم الوظيفية، فإن التشاور فيها بين المشرف الإداري والعاملين معه سبيل الوصول إلى أفضل الحلول وأصوب الآراء في الغالب.
إن اعتقاد بعض المشرفين الإداريين أو كبار المختصين بعدم جدوى التشاور مع المرؤوسين أو الزملاء الأقل خبرة، اعتقاد ليس له ما يبرره، فمن يقول إن التشاور مع المرؤوس يقلل من المكانة الفنية لطالب الرأي، أو أن ذلك يزيل مظاهر الاحترام بين الرئيس ومرؤوسيه وبين زملاء العمل على اختلاف مراتبهم الوظيفية ومستوياتهم الفنية، أو أنه لا يمكّن من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب، فقد أخطأ كمن يرى في حلم الحليم جبناً وفي طيش المتهور شجاعة وإقداماً.
ولهؤلاء الكرام نقول: اطمئنوا... تشاوركم مع زملائكم ومرؤوسيكم يسدد رأيكم ولا يقلل من مكانتكم الفنية أو الوظيفية أو يمس مظاهر التقدير والاحترام بينكم، كما أنه يقرب بين صحبة العمل ويحث المرؤوس على مضاعفة الجهد في العمل والحرص على الإسهام فيه بشكل ومستوى يشجع على تقدمه الوظيفي على المستويين المعنوي والمادي من ناحية، ويمنح المشرفين عوناً وتعاوناً هم بأمسّ الحاجة إليه من ناحية ثانية، ويكشف المهارات والمعارف الكافية لدى بعض المرؤوسين، وفي ذلك مكسب للجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي