الاقتصادية - الموقع الرسمي لأخبار الاقتصاد والأسواق | الاقتصادية

الجمعة, 19 ديسمبر 2025 | 28 جُمَادَى الثَّانِيَة 1447
Logo
شركة الاتحاد التعاوني للتأمين8.27
(-0.84%) -0.07
مجموعة تداول السعودية القابضة151.8
(-1.56%) -2.40
الشركة التعاونية للتأمين115
(-1.71%) -2.00
شركة الخدمات التجارية العربية120.3
(-0.66%) -0.80
شركة دراية المالية5.41
(2.08%) 0.11
شركة اليمامة للحديد والصلب31.3
(-1.26%) -0.40
البنك العربي الوطني21.18
(-0.24%) -0.05
شركة موبي الصناعية11.2
(0.00%) 0.00
شركة البنى التحتية المستدامة القابضة30.4
(-1.23%) -0.38
شركة إتحاد مصانع الأسلاك19.84
(-0.55%) -0.11
بنك البلاد24.77
(-0.72%) -0.18
شركة أملاك العالمية للتمويل11.33
(0.18%) 0.02
شركة المنجم للأغذية53.85
(0.19%) 0.10
صندوق البلاد للأسهم الصينية11.58
(0.87%) 0.10
الشركة السعودية للصناعات الأساسية52.75
(0.67%) 0.35
شركة سابك للمغذيات الزراعية112.7
(1.62%) 1.80
شركة الحمادي القابضة27.58
(-2.75%) -0.78
شركة الوطنية للتأمين12.98
(-0.61%) -0.08
أرامكو السعودية23.65
(0.21%) 0.05
شركة الأميانت العربية السعودية16.37
(-0.12%) -0.02
البنك الأهلي السعودي37
(1.09%) 0.40
شركة ينبع الوطنية للبتروكيماويات28.16
(-0.78%) -0.22

الإتقان الإحكام في الصنعة، والمتقن الحاذق. وقد وردت في الحث على الإتقان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة نصوص كثيرةٍ من الكتاب والسنة ليس هذا محل بسطها. ولعل أشهرها عند الناس ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - ''إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه'' صححه العلامة الألباني في كتابه (سلسلة الأحاديث الصحيحة).

وإتقان العمل يزيد الإنتاجية كما وكيفا. والتعبير ''الإنتاجية'' هو الشائع في كتب الاقتصاد، وفي كتب الإدارة يكثر استخدام التعبير الجودة. والإنتاجية تعني مخرجات كل وحدة من عناصر الإنتاج المستخدمة رأس المال المادي أو البشري، الذي يعبر عنه عادة بالعمل. وتزداد الإنتاجية بزيادة فعالية هذه العناصر، وخاصة العمل، الذي هو المقصود عادة عند الحديث عن الإنتاجية.

والعوامل الدافعة إلى زيادة فعالية العمل كثيرة، ويركز الاقتصاديون تقليديا على عوامل كالتدريب. وإتقان العمل يندرج تحت ما يسمى في اللغة المعاصرة أخلاقيات العمل. وأخلاقيات العمل سلوكيات تؤثر في الإنتاجية، وعلى رأس أخلاقيات العمل تحري النزاهة في أداء العمل، والانضباط وتحري الجودة (أو قل الإتقان) في أداء العمل، أي أن يتفانى الشخص في تطبيق معارفه ومهاراته ويحرص على خلو عمله من النقص والخلل قدر الإمكان.

وأخلاقيات العمل ليست موضع تركيز في التحليل الاقتصادي للعمل، وقد تعلمناه من وفي الغرب، لأنه يفترض أنها موجودة تلقائيا. أي أن الأصل أن الموظفين والعاملين يلتزمون - على سبيل المثال - بساعات الدوام، ويلتزمون بالقوانين التي تحكم أعمالهم، ويتقنون أعمالهم وفق المهارات التي يملكونها دون حاجة إلى مشرفين فوق رؤوسهم مباشرة طول الوقت لمحاربة التقصير والتهاون في أداء الواجبات. ولكنني أتوقع أن القراء الأفاضل يوافقونني الرأي في تدني إتقان العمل وأخلاقياته بصفة عامة في مجتمعاتنا.

ولو سئل الناس في مجتمعاتنا العربية عن رأيهم في إتقان موظف الحكومة أو الشركة في بلادنا مقارنة بإتقان زملائهم في دول كثيرة كاليابان والصين والمجموعة الأوروبية لكان الجواب – كما أرى - أن أولئك أكثر إتقانا. بل نعرف أن من العيب والمخجل في ثقافة مجتمعات كثير من الدول أن يتأخر الإنسان عن موعده سواء لعمل أو مدرسة أو مناسبة.

كثيرون منا يمدحون أولئك الأقوام على تفانيهم وإخلاصهم في العمل، ولكنهم في الوقت نفسه - أعني هؤلاء المادحين - لا يطبقون ما يقولون على أنفسهم. وقد ذم سبحانه الذين يفعلون ويمارسون خلاف ما يقولون أو يعلمون، يقول الحق ـ سبحانه وتعالى ـ في سورة الصف ''يَا أَيهَا الذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تفعلون، كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون''.

والاستفهام في قوله تعالى: ''لم تقولون'' للإنكار والتوبيخ على قول الإنسان قولا لا يؤيده فعله، لأن هذا القول إما أن يكون كذبا، وإما أن يكون خلفا للوعد، وكلاهما يبغضه الله تعالى.

وناداهم بصفة الإيمان الحق، إذ من شأنه أن يحمل المؤمن على أن يكون قوله مطابقا لفعله. وقوله سبحانه: ''كبر'' بمعنى عظم، والمقت: البغض الشديد، ومنه قوله تعالى: ''ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلاً''. وقال سبحانه: ''كبر مقتا عند الله'' للإشعار بمدى هذا البغض من الله تعالى.

لقد ذم الحق سبحانه الذين يقولون ما لا يفعلون ذما شديدا، ويندرج تحت هذا الذم، حب الشخص للثناء من دون أن يكون قد قدم عملا يستحق من أجله الثناء.

إن من المحزن تدني قيمة وأهمية إتقان الأعمال في تقديرنا وتقييمنا للآخرين. فمثلا، نحن نركز في مدح فلان من الناس لأنه شهم كريم، ولا نعطي الأهمية نفسها في المدح إذا كان معروفا عن فلان أنه منضبط في المواعيد مهتم باتقان العمل، وهذا يعكس ضعف التقاليد والعادات في اهتمامها بهذه الجوانب، كما يعكس ضعف تناولها في تربيتنا ومن دعاتنا. إن من أسباب تخلف بعض المجتمعات فقدان الإتقان. والإتقان من أهم أسس التربية الإسلامية؛ ولكنه جانب يهمل في الغالب أو يعطى اهتماما ثانويا من الوعاظ والمرشدين الطلابيين، وعامة من يؤثرون في سلوكيات أفراد المجتمع. وليس من المبالغة القول بأن مجتمعنا يفتقر إلى التربية الأسرية والمدرسية والاجتماعية التي تجعل الإتقان جزءا من أسلوب عيشنا وحياتنا. نسمع، وفي شهر رمضان الكريم خاصة، الكثير من المواعظ، فكم سمعنا واعظا أو مرشدا يحث على النشاط وأداء الأعمال في حياتنا بإتقان؟ وربما كان ضعف الإتقان أهم أسباب التوسع في اللجوء إلى الواسطات لقضاء الأعمال.

نحن في حاجة إلى تبني سياسات ووسائل ترفع من أخلاقيات العمل في المجتمع، وبحاجة إلى امتلاك تقاليد وعادات تمجد الانضباط وتعلي من شأن المتقنين، وبالله التوفيق.

للإشتراك في النشرة
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من الاقتصادية
إتقان العمل: لِم نقول ما لا نفعل؟