شركات التأمين والموظف: ميزات أكثر أم استغلال للسلبيات في نظام التقاعد؟
نشرت بعض الصحف في الأسبوع الماضي خبراً مفاده أن دراسة قامت بها مجموعة HSBC، بيّنت أن أكثر من نصف سكان المدن السعوديين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و70 عاما يرغبون في تطبيق أنظمة توفير تقاعدي إجبارية أو اختيارية وذلك دعماً للراتب التقاعدي الحالي الذي توفره الدولة. وعلى ذمة هذه الدراسة فإن السعوديين الذين تجاوبوا مع الاستبيان أوضحوا أن أكثر الطرق قبولا في تمويل رواتبهم التقاعدية هي الطريقة الإجبارية. وقد صوت أكثر من 30 في المائة منهم على التوفير الإجباري، وهي نسبة أكبر بكثير من النسبة التي تم التصويت لها في 14 بلداً أخرى أجري عليها الاستبيان، بل وتزيد هذه النسبة عن ضعف المعدل العام.
وقد لفتت نظري في حقيقة الأمر هذه النسبة التي تفوق بها السعوديون على نظرائهم في تلك الدول، وهذا مؤشر ينبغي التوقف عنده، بل ويلزم السؤال بشكل مباشر حول حقيقة وضع نظام التقاعد المعمول به حالياً، وما إذا كان ذلك يعني أن هذا النظام وفقاً لمعطيات هذه الدراسة يعد الأقل استجابة لاحتياجات الموظفين وذويهم، بحيث يطمح الموظفون لدينا بأن يتم العمل على إقرار أنظمة تأمين إجبارية واختيارية عليهم، وثمة نقاط أخرى ينبغي إثارتها في هذا المجال منها ما إذا كان الموظفون يدركون ما تصبو إليه شركات التأمين، وما إذا كانوا قد عرفوا بأنها هي التي ستستقطع في النهاية جزءا من مرتباتهم، كما تفعل المؤسسة العامة للتقاعد، وما إذا كان هؤلاء الموظفون قد حسبوا على وجه الدقة الميزات التي سيحصلون عليها من جراء تطبيق مثل هذه الأنظمة الإضافية، ومعرفتهم كذلك للمقابل الذي سيدفعونه من رواتبهم!.أسئلة أخرى مهمة مرتبطة بهذه الدراسة، وهي هل ستقدم شركات التأمين نفسها كبديل مناسب أو على الأقل كجهة داعمة لبرامج تأمين تقاعدية إضافية ومكملة لنظام التقاعد، بحيث تتمكن في النهاية من تعويض الموظف عن بعض جوانب القصور التي يحويها نظام التقاعد؟ وإذا كان هذا الأمر ممكناً، فالسؤال الآخر الذي يطرح نفسه هو هل هذا البديل أو هذا البرنامج الإصلاحي الذي يمثل مدخلاً جديداً لشركات التأمين سيكون على شكل استقطاع مباشر من راتب الموظف المثقل أصلاً بالحسميات والمتطلبات الحياتية؟ أم أن هذه الشركات تطمح بأن تتنازل مؤسسة التقاعد عن جزء من حصتها التي تستقطعها من راتب الموظف وتنقلها إلى شركات التأمين مقابل هذه الميزات التي سيحصل عليها الموظف ودون أن تثقل راتب هذا الموظف بحسميات جديدة؟.
وإذا عدنا إلى النسب التي أفصحت عنها الدراسة فهي تبقى من وجهة نظري نسبية ومرتبطة بحقيقة إدراك الأشخاص الذين شملهم الاستبيان لمغزى الأسئلة. فقد تضمنت الدراسة ما مفاده بأن هناك 23 في المائة صوتوا لدعم وتعزيز صناديق التقاعد التابعة للدولة، عبر أنظمة توفير اختيارية، وهناك 10 في المائة يعتقدون أن الدولة يجب أن تبقى مسؤولة عن توفير معاش التقاعد.
بالنسبة لي فستكون إجابتي لو سئلت عبر هذا الاستبيان مختلفة، وذلك بحسب المقترحات التي يتضمنها الاستبيان.
فإذا كانت فلسفة هذه الأسئلة تتمحور حول الجزء المتبقي من راتبي فستكون إجابتي حذرة وربما لن تتوافق مع تلك النسب المرتفعة التي أفصحت عنها تلك الدراسة. أما فيما يتعلق ببرامج التأمين الاختيارية للموظف، فشركات التأمين لديها فرصة في تسويق منتجاتها الاختيارية، ومع ذلك فأنا أعتقد أن الحل المناسب هو في مراجعة نظام التقاعد لتلافي السلبيات الموجودة فيه وجعل الموظف لدينا يعيش برفاهية لأنه يدفع للمؤسسة ما فيه الكفاية، ثم العمل بعد ذلك على دعم مثل هذه البرامج الاختيارية بهدف زيادة رفاهية الموظف إن أراد أن يكون أكثر رفاهية هو ومن يعولهم أو من يخلفهم وراءه بعد عمر طويل.