غدر الإرهاب وحذر المواجهة

تهنئة قلبية خالصة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف على سلامته والسلامة لكل الذين يسهرون على توفير الأمن والاستقرار للمملكة وشعبها التي صار استهدافها في السنوات الأخيرة مرتبطاً بنجاح السياسة القويمة لخادم الحرمين الشريفين في تطوير أوجه الحياة بكل جوانبها.
والحق أن محاولة اغتيال الأمير محمد - سلمه الله - تتطلب تأملاً في هذه الواقعة وتحليلا لدلالتها. فالمعلوم أن الإرهابي قد أعمته غريزته عن أن يرى حقائق الأشياء وقد صور له سوء عمله حسنا، وأنه بعمله يستكمل مقومات الدخول إلى الجنة الموهومة. ولو تأمل كل إرهابي ورأى الحقيقة كما هي وليس كما يحتكرها هو وبمرجعية محايدة وليس وفقاً لمرجعيته هو واستخدم عقله بعد تنقيته فإنه سيرى الحق حقاً ويلتمس من الله عونه على اتباعه، كما يرى الباطل باطلا ويدعو الله العون على اجتنابه. ولذلك سوف يرى الإرهابي الصورة الصحيحة وفق الملاحظات الآتية:
أولا: إنه إذا كان القرآن العظيم هو مرجعية الإرهابي، فإن القرآن يؤكد على أن قتل نفس بغير نفس أو فساد في الأرض، فهو قتل للناس جميعاً. وقد يقول الإرهابي إن الأمير محمد بسياسته الأمنية الساهرة على حراسة الوطن أوقعت الكثير من الإرهابيين في قضية الأمن بين قتيل ومعتقل، وإن محاولة اغتياله قصاص لهذا الذي تسبب فيه. في هذه النقطة أحيل الإرهابي إلى حكم القرآن في مسؤولية ولي الأمر في حفظ الجماعة وأنه في سبيل الكل يجوز له اجتذاذ الأجزاء، كما ينص القرآن على أن مَن قتل مظلوما فإن الله قد جعل لوليه سلطاناً، فلا يجوز التذرع بأي ذريعة لحمل السلاح ضد ولي الأمر الذي يحرص على حماية المجتمع وبذل ما يستطيع لازدهاره.
ثانياً: إن الإرهابي لم يرع حرمة الشهر الكريم الذي حظر فيه القرآن إراقة الدماء إلا لدفع الفتنة، بل أجاز القتال في المسجد الحرام نفسه في الشهر الحرام بالشروط والأوضاع التي أوضحتها آيات الذكر الحكيم.
ثالثاً: إن الإرهابي استغل ثغرة إنسانية أتاحتها تقاليد الأسرة الكريمة للتصافي في رمضان، كما استغل كرم الأمير في تقليده استقبال التائبين عن الإرهاب حتى يكون الضمان لحريتهم والعفو عنهم في أعلى درجاته. ولذلك فقد يكون من الواضح أن الحذر في ممارسة هذه التقاليد التاريخية، والتي صارت سنة حميدة للأسرة الكريمة أصبح واجباً بالنسبة لجميع المسؤولين ممن يفتحون قلوبهم ومجالسهم للجمهور حتى يتجنب أمثال هذه المحاولات الغادرة.
رابعاً: إن استهداف الأمير محمد هو بحق كما قال خادم الحرمين الشريفين دليل على نجاحه في التصدي للإرهاب، ولذلك لا ضير من أن يجتمع الحذر مع النجاح، فكلما ازداد نجاح الأمن في حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية، استهدف الإرهاب أبطال هذه الملحمة.
خامساً: لا شك أن المتابعة الواعية لمعركة الإرهاب في المملكة لتكشف عن أن استهداف القيادات السياسية والأمنية هو دليل إفلاس المخطط الإرهابي بعد أن عجز الإرهاب عن أن تكون له قضية مقنعة، فالمجتمع ومصالحه العليا هما دائماً ضحية هذا المخطط وواجب الدولة حماية المجتمع من أخطار الداخل والخارج، ومن ثم أصبح التماسك الاجتماعي وبرامج التنمية والوعي الأمني هو السلاح الأمضى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي