التطرف لن ينتصر

لم يكن الشيخ خالد الجليل خطيب الجمعة في مسجد الملك خالد بالرياض بالأمس مجانبا للصواب وهو يتناول في خطبته موضوع محاولة الاعتداء على الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية من قبل أحد المنتمين إلى الفئة الضالة. قال إمام مسجد الملك خالدإن هذا الاعتداء يستهدف المساس بالاستقرار والأمن والأمان الذي تنعم به البلاد، وهو الأمر الذي ينبغي أن يقف المجتمع كله ضده. خطبة الشيخ خالدالجليل نموذج للتعبير العفوي الذي يعكس حال الناس في هذه البلاد تجاه هذه المحاولة الآثمة.
صورة الاعتداء تنطوي في حد ذاتها على نوع من الخداع الذي لا يمكن لمن يزعم أنه مسلم أن يلجأ إليه أو يتوسل به، فإن يأتي إنسان إلى منزل شخص ويطلب منه الأمان، فيعطيه مساحات من الثقة التي تجعله يتخطى إجراءات التفتيش المتبعة، ثم بعد ذلك يتبدئ الوجه القبيح الذي يعكس دخيلة هذا الإنسان. هذا الأمر لا يتسق مع أي صفة من الصفات الإنسانية ناهيك عن الصفات والقيم الإسلامية فالمؤمن لا يكذب ولا يمارس الخداع. وإن بدا تصرف من إنسان مخالف لهذه الصفات فإنه حتما يرتبط بشخص هذا الإنسان وبالفكر الذي تربى عليه وهو بالتأكيد فكر لا علاقة له بالتدين الحقيقي ولا بالأخلاق والشيم التي لا يتجاوزها إلا لئيم.
لقد كان الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية، وهو يتعامل مع ملف الفئة الضالة، ينظر للمتورطين باعتبارهم حالات قابلة للإصلاح، كانت هذه القناعة هي دافعه لدعم وتشجيع كل تائب، كان يقف معهم في أفراحهم، باعتبار أن تزويج من لم يتزوج منهم، وتوفير عمل له، ودعمه هو السبيل من أجل إعادة دمجه في المجتمع. هكذا كانت الصورة التي ارتبطت في ذهني وفي أذهان كثيرين ممن كانوا يتابعون نشاطات الأمير محمد بن نايف.
وفي المقابل هو لا ينسى أيضا أولئك الذين تضرروا من الفئة الضالة، وأعني بذلك أسر وأبناء الشهداء من جنود وزارة الداخلية ومن المواطنين الآخرين. فلا تكاد تمر مناسبة إلا وتراه يتحينها لتهنئة هؤلاء. كان محمد بن نايف وهو المساعد الأمين لوالده صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، كان يتوخى في عمله تنفيذ توجيهات القيادة بأن يكون سندا للأمن بإطاراته المختلفة سواء كان ذلك على المستوى الميداني أو على المستوى الاجتماعي والفكري. ومن هنا لم يكن حضور محمد بن نايف حضورا أمنيا محضا، بل هو حضور إنساني وفكري واجتماعي. وهذه الممارسة الواعية للأمير محمد أعطت ثمارها، فشهدنا اهتزاز قناعات كثير من المتورطين في جدوى ما يمارسونه من أعمال. صحيح أننا لمسنا بالأمس أن هناك من لا يزال يتربص ويتحين الفرص، لكن الملمح الأهم الذي ينبغي أن لا ننساه أن هذا التربص يعكس المأزق الذي وصلت إليه الفئة الضالة.
لقد راهن الغلاة على موضوع الدين، ثم ثبت للناس أن التهديد الحقيقي للدين يأتي من الفئة الضالة. لقد تأكد الناس جميعا أن ممارسات الفئة الضالة من قتل وتفجير وترويع للآمنين أمر لا يتسق مع الدين، فهل قتل الناس غيلة من الدين؟ وهل استهداف المنشآت العامة التي يعمل فيها مواطنون من الدين؟ وهل تهديد المستأمنين من الدين؟ هذه الإشكاليات الصعبة، هي واضحة لمن يملك حدا أدنى من الثقافة الدينية، وهو أمر وعاه عدد ممن تم التغرير بهم فعادوا إلى جادة الصواب. حفظ الله بلادنا من الأشرار، الذين يزعمون أنهم يريدون الخير، وهم أذرعة شر وحقد ربما لا يدرون هم أنفسهم عن المدبر الحقيقي الذي يوجههم ولا يكادون يعرفونه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي