فلبينيات
* أهلاً بكم في مقتطفات الجمعة - 314.
***
* حافزُ الجمعة: لن يكون في إمكان أي واحدٍ منا أن يوجد حلماً على أرض الحقيقة إن لم يكن هذا الحلمُ متجذراً في عقلِهِ وفي طموحاتِه. ولن يمكن لهذا الحلم أن ينمو في دنيا الواقع إن لم يتضمخ بالإيمان بأنك قادرٌ على إنجازه. وكل هذا يعتمد على منصة انطلاقٍ هي في كيف ترى الأشياءَ في الخارج.. خارجُك. جرب أن تغيّر ما تراه، وسيتغير تبَعاً ما ستنتجه لنفسِك وللحياة. كيف نرى الحياةَ.. ترانا.
***
* أكتب لكم من السيارة التي لتوها أقلتنا من مقر السفارة السعودية مساء الأمس، والمطر يطرق زجاجَ النافذةِ في إعتام داخل السيارة وخارجها، والطباعة احترفتها من الصغر فيكون للأصابع عيونٌ تتقافز على لوحةِ المفاتيح. وطعمُ مائدة الإفطار في السفارةِ ما زال عالقاً في كياني. لا، ليس طعم الأكل.. ولكنه طعم التجمع. حرصَ السفيرُ وأركانُ السفارة على أن يكون مجتمعا سعوديا متفاعلاً داخل القاعة الكبرى في مبنى السفارة في ضاحية «مكاتي» الأنيقة.. حضر عشراتٌ من السعوديين بعضهم من المقيمين في الفلبين، ومن الزائرين، ولكن الكثرة من الشباب السعودي الذين يتلقون تعليماً أو تدريباً في مانيلا.. فتتعزز العلاقاتُ ويرتبط الناسُ أكثر مع روحانيةِ الشهر الكريم.. ومع بعضهم، ومع دولتهم ورعايتها لهم ممثلة في السفارة بطقم من العاملين تجمعوا في مكانٍ واحد وزمان واحد لإدارة مكنة السفارة السعودية بالفلبين باقتدارٍ واحتراف.. وأنا فخور بهم.. وجعلوني أفخر أكثر ببلدي. وهناك تتفتح القلوبُ، وتتناجى النفوسُ، وتُتـَبادَلُ الآراءُ من الجميع فيما يرفع من قوتنا التمثيلية في الأرخبيل الفلبيني. والمفاجأة التي لم يخبرني بها السفيرُ «محمد ولي» إلا في آخر لحظة، هي دعوةُ أيتام مدرسة الأمانة الإسلامية، وكان المشهدُ نورانيا.. وقبل أن يغادر الأطفالُ فاجأونا هم هذه المرة بما جعل قلوبنا تعانق السموات: صفـّوا بقاماتِهم الصغيرة، وفلوا قماشةَ العلم السعودي وراحوا ينشدون: طلعَ البدرُ علينا.
***
* اجتمعت في الفندق الذي أقطن فيه مع كوكبةٍ من المفكرين أصلهم من جزيرة المينديناو.. صحافيون ومثقفون يكتبون في الجرائد بالعاصمة وفي المينديناو، وجرى بيننا حديثٌ عن دور العلاقاتِ السعودية - الفلبينية، لم يكن كلهم من المسلمين، فكان هناك بعض من الكاثوليك المسيحيين.. على أن الاتفاق الذي خرجنا به أن التجارب الفلبينية عموما، وبالذاتِ في جزيرة المينديناو وهي ذات صبغة إثنية تختلف عن باقي جزر الأرخبيل، هو أن السعودية هي المؤهلة فعلاً للمساهمة في عجلة التنمية في المينديناو، بل أصر أحدُ الكتابِ على أن السعودية الدولة الوحيدة التي تستفيد منها الفلبين بلا تبعاتٍ سياديةٍ أو فروض سياسيةٍ أو تدبيرٍ اقتصادي مصلحي.. وقال السيد «حسن ماناو» الدارس في جامعة المدينة المنورة قبل عشرين عاما.. وحرص على أن يعيدها بالعربية: «السعودية تفعل أشياءَ لوجهِ الله». على أن هذه ليست الفكرة السائدة عند الرأي العام، لذا تفاهمتُ مع أعضاء السفارة وبالذات مع القنصل النابه الأستاذ «خالد القحطاني» بأننا بحاجة لمد جسور الإنتلجنسيا والفكر المتبادل عن بلادنا في الصحف والمنتديات والجامعات الفلبينية.. وفي اعتقادي أن كثيراً من مثقفينا المجيدين للغةِ الإنجليزية بإمكانهم أن يلعبوا دوراً رئيساً لبناء ما أسميه «الجسر الفكري الجديد»، بيننا وبين دول الشرق الأقصى.
***
* بالأمس في صفحة رئيسة في جريدة العاصمة الأولى في الفلبين خبرٌ عن العزم على إكمال «الطريق السعودي» في منطقة مهمة في المينديناو، وطول الطريق الذي تسهم فيه بلادنا حوالي 135 كيلو مترا في المنطقة التي تربط أهم مدن المينديناو كاتاباتو وبيسلان.. الطرق هي القاعدة التحتية للنمو والازدهار، ومشاركة بلادنا ستوفر هذا النماءَ وستكون عنصراً مؤديا للأمن في منطقةٍ عاصفة يعمها الفقرُ والجهلُ والغضب.. الطريقُ علامة نور على بشائر المستقبل للمينديناو، ودافع لرفع الترابط والصداقة بين السعوديين وأهل المينديناو خاصة، والفلبين عامة. ونأمل أن تستمر المشاريعُ البنائية.. وتذكروا أيضا.. المينديناو منجمٌ اقتصادي هائل!
***
* في أمسيةٍ رمضانية جلسنا، السفيرُ ولي وأنا، نتحدث عن أمور عامة، ثم أنه ذكر الأشخاص الذين عملوا معه وغادروا لمناصب أخرى في دول أخرى، أشخاص نعرفهم معا. ذكر الأستاذ فيصل القحطاني الذي كان وجوده كقنصل في السفارة لمعة في تاريخها، وقال إنه رجل من النادر أن يعوَّض, ووافقته على ذلك، فلقد سهل لنا السيدُ القحطاني مهمات إنسانية كبيرة، بل يكون هو مفتاحُها الأول، ولا يخرج أحدٌ من السعوديين من مكتب القحطاني إلا ويذكره بأفضل الخصال، وتذكر السيدَ عبد العزيز الرقابي الذي سميناه هنا يوما « السوبرمان السعودي»، وأعماله الجليلة من أجل الرعايا السعوديين.. فأكبرتُ للرجل تذكر من غادروا ونبل الإطراء الحقيقي وهم في مكان بعيد.. فتجللت الجلسة الرمضانية بهالةٍ من المحبة والوفاء. ولكنه يتدارك أن السفارة محظوظة أيضا بموظفيها الحاليين. ولقد صدق.
***
* نضع مع الشاب إبراهيم المالكي رئيس قسم الرعايا في السفارة، البصمات الأخيرة لإعادة تأسيس وتطوير «رابطة العودة للجذور»، التي سترعى أبناءنا المتروكين بالفلبين، ونأمل أن تكون رابطة كبرى تمتد عبر المحيط الهادي.. والسيد المالكي يساعدنا بشخصه قبل وظيفته، وسعادة السفير أول المؤسسين، على أن هناك إجراءات معينة عليه أن يخطو عليها، وهذا ما نتفهّمه.. ولكن كما قلنا في حافز الجمعة: المؤسسون الحاليون يرون الرابطة وهي تكبر وتمطر خيرها على أفراد ظنوا أننا أضعناهم للأبد.. على أن لهذا قصة أخرى.
***
* عجيب: يقول لنا السيد عبد السلام المسلم إن كل الجزر الفلبينية معرضة للكوارث الطبيعة من الزلازل، والأعاصير، وثورات البراكين، إلا مناطق المسلمين في المينديناو فهي لم تتعرض لأي كارثةٍ حقيقية.. وهذا صحيحٌ مثبت.. فيا للرحمة الإلهية.