مرضانا في الخارج من لهم؟

أستأذنكم أولاً بأن أرجئ الحديث عن التأمين إلى نهاية هذه المقالة وأبدأ بالحديث عن موضوع مهم عمّن تجبره ظروفه على مغادرة هذه البلاد ليعيش في الغربة رغماً عن إرادته، فهذا الإنسان الذي يعيش على هذه الأرض الطاهرة وينتمي إلى هذه الدولة أعزها الله هو جوهر اهتمام حكومتنا على رأسها خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - والذي لا يخلو حديث له عن هذا المواطن ومكانة هذا المواطن في قلبه وفي تفكيره.
أيها الإخوة كلمة مواطن لها وقع شديد على قلوبنا جميعاً، فهذه الكلمة المثقلة بالحقوق والواجبات ينبغي أن نتوقف عندها كثيراً، فالمواطن يمثّل قيمة بقدر قيمة هذا الوطن ومكانة بحجم مكانة هذا الوطن، وتزداد قيمة هذا المواطن حينما يكون بحاجة إلى أن نقف معه وبالأخص حينما يكون خارج حدود الوطن، ويكون الأمل حينها من سفاراتنا في الخارج والممثليات التابعة لها في خدمة هذا المواطن كبيراً، فهي مطالبة أكثر من غيرها بتوفير كل عناية واهتمام بمواطنينا ويكفي لأي موظف في هذه السفارات أن يقرأ تلك الرسالة العظيمة التي حمّلها خادم الحرمين الشريفين كل المعنيين في الخارج وتضمنتها وثيقة جواز سفر المواطنين السعوديين فهي كفيلة بأن تُشعر أولئك بعظم المسؤولية الملقاة على عواتقهم.
نعم حينما يكون المواطن خارج الوطن فهو أحوج ما يكون إلى أن نشعره بقيمة المواطنة وما تمليه هذه الصفة التي يحملها إنسان هذا البلد على كل مسؤول وعلى كل جهاز من أجهزة الدولة يناط به خدمة هذا المواطن في الداخل والخارج. وأنا أخص بالذات فئة المرضى الذين أجبرتهم ظروفهم الصحية على السفر للعلاج بالخارج سواء على نفقة الدولة أو على نفقة ولاة الأمر يحفظهم الله أو حتى على نفقتهم الخاصة.
هؤلاء المواطنون يعيشون همّ وآلام المرض وهمّ الغربة عن أرض الوطن وابتعادهم عن أسرهم وذويهم وهم بحاجة أكثر من غيرهم إلى أن نشعرهم بمعنى المواطن وقيمته عند الدولة. والدولة أعزها الله أكدت أكثر من مرة على سفاراتها في الخارج وعلى موظفي هذه السفارات بالاهتمام بالمواطن وتذليل كافة العقبات التي تعترضه. ولنا في ولاة أمرنا القدوة الحسنة فما إن تحط أرجلهم في مطارات الدول التي يقومون بزيارتها إلا ويكون من ضمن برنامج زيارتهم مساحة من الوقت للاطمئنان على صحة مواطنيهم وزيارتهم في أماكن علاجهم واستقبال ذويهم وتفقد أحوالهم بالرغم من قصر برنامج زيارتهم ومسؤولياتهم الكثيرة، فكيف يكون الحال فيمن تضع الدولة ثقتها به وتوليه شأن الاهتمام بالمرضى في الخارج ومتابعة أحوالهم بل وتُفرّغه لهذه المهمة الإنسانية والوطنية؟!
إن ما يقوم به ولاة أمرنا في هذا الخصوص هو عمل إنساني عظيم يعبر عن اهتمامهم بإنسان هذا الوطن وهو أيضاً رسالة لكل من تُوكل إليه مسؤولية المتابعة ومهمة تذليل الصعوبات التي تعترض هؤلاء المواطنين المرضى إلى أن يمن الله عليهم بالشفاء ويعودوا سالمين غانمين إلى أرض الوطن.
لقد عدت من إحدى الدول الأوروبية التي يكثر فيها علاج السعوديين وفي جعبتي بعضاً من الحكايات المؤلمة والمجال هنا ليس لسردها وإنما لنتدارك جميعاً حجم المسؤولية وسمو الرسالة التي حملنا إياها ولاة الأمر تجاه هؤلاء المواطنين الذين يعيشون في ظل ظروف نفسية بالغة الحساسية يتلهفون لمن يواسيهم ويسأل عن أحوالهم.
وفيما يخص التأمين فقد سألت نفسي لماذا لم تستفد سفاراتنا وممثلياتنا ووزارة الصحة من التأمين وذلك بالتعاقد مع شركات تأمين قادرة على تغطية بعض الجوانب العلاجية التي يحتاج إليها مرضانا في الخارج؟ ولماذا لا يكون هناك تأمين شامل للمواطنين بحيث يصبح علاج الحالات المستعصية في الخارج جزءاً أساسيا من التزامات شركات التأمين؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي