«الزامل للحديد» في مشرق الشمس
ذهبت آلاف الكيلو مترات, إلى أقصى مشارق الشمس وأبعد نقاط الأرض عن حدود المملكة. ذهبت متخطية لحدود العادة والمنطق التجاري السائد بين المئات من الشركات السعودية. ذهبت مواصلة نموها فلم تعد عالة على اقتصاد بلدها حيث ولدت وترعرت وتطورت. ذهبت لتحصل على ما يفيد ذات الاقتصاد الذي بزغت منه, فلم تقتصر أنشطتها في السوق المحلي لكي تحرم الشركات الصغيرة من فرصة النمو الداخلي. ذهبت منافِسة ومسابِقة لشركات الشرق والغرب لتفوز بعقد لتصنيع وتوريد أبراج حديدية لنقل الطاقة لمشروع تطوير شبكة نقل الكهرباء في نيوزيلندا.
قليلاً ما نسمع مثل هذه الأخبار عن شركات ليست مدعومة حكومياً, شركات عائلية بدأت صغيرة ولكنها لم تبق صغيرة مثل كثير من الشركات التي لا تزال تعمل الشيء نفسه الحجم ذاته وفي المدينة ذاتها وبالأسلوب ذاته لعقود عديدة!! قيمة العقد ليست ذات أهمية بقدر أهمية التوسع التجاري والتوجه العالمي لهذه الشركة، فتجربة تخطي حدود المنطقة العربية إلى ما بعد البحار تحتاج إلى تفحص وتدبر وفهم من قبل المئات من الشركات المتفاوتة في طور نموها. قد لا يهتم البعض بهذه التجربة، إلا أنه يوجد بها جوانب عديدة تستحق التحليل والدراسة والتدبر, كذلك تستحق أن تدخل إلى قاعات الدراسة في الجامعات التي تفتقر إلى تجارب شركات سعودية تشق طريقها نحو انتشار عالمي وتستحق أن تغرس داخل حاضنات الأعمال التي تطور الجيل الجديد من الشركات الصغيرة والمتوسطة لعل العالمية تصبح جزءاً من ثقافتنا التجارية فلن يتم لنا التنويع في الاقتصاد إذا لم تتمكن شركات القاطع الخاص من تحقيق حضور عالمي كبير.
لنسأل كيف وصلت هذه الشركة إلى هذه المرحلة المتقدمة من التطور؟ كيف انتقلت من شركة محلية تعتمد على فرص التنمية المحلية لتخلق من خلال هذه الفرص شركة لها موارد مكنتها من طرق أبواب الأسواق العالمية؟ ما دور إدارتها في هذا التطور؟ كيف تتعامل مع المنافسة خارج بلدها؟ وكيف تدير علاقاتها على المستوى العالمي وخاصة وأنها تواجه وتتعامل مع تحالفات تختلف عنها ثقافياً وإدارياً؟ كيف تقوم بعملية التفاوض وكيف تبني وتنشر وتحافظ على سمعتها؟ ما هذه إلا أسئلة قليلة يفترض أن تناقش لكي نفهم أسلوبنا في تحقيق انتشار عالمي لشركاتنا. من المهم أن ندرك من أن الزامل ما كان ليحقق هذا الانتشار إذا لم تكن له فرص لينمو داخل المملكة, أي أنه من المهم من أن يكون للشركات الصغيرة والمتوسطة نصيب كبير في المشاريع التنموية التي تعم أنحاء المملكة. ومن المهم جداً أن يؤسس للعالمية في روح هذه الشركات الإدارية فلا شيء يقتل تطور الشركة أكثر من الثقافة الإدارية لملاكها أو إدارييها التي لا يوجد بها نازع ورغبة وجرأة في سلك الطريق إلى العالمية.