كم هائل من اللاعبين شهدتهم سجلات أنديتنا السعودية، ويبقى لكل لاعب قيمة (سوقية) يحكمها العرض والطلب، ومستوى فني يحكمه عطاء اللاعب وبذله كل ما يستطيع في المستطيل الأخضر، وكيفية تسخير المدرب له في داخل الملعب والاستفادة الكاملة من موهبته، وتاريخه، وعمره المتقبي في الملاعب، وقبل كل هذا توفيق المولى عز وجل. معسكرات أوروبية، واستعدادت على قدم وساق تقوم بها أندية دوري (زين). الكل يسابق الزمن في تقديم المستويات.

في الهلال، جاءت صفقات هذا الموسم مبكرة، في حدث تاريخي، إذ لأول مرة يحدث أن يتعاقد ناد سعودي مع لاعب قبل مشاركته بستة أشهر، وهذا ما حدث مع نيفيز. ويبقى الملعب هو الحكم دائماً. عيسى المحياني صفقة ناجحة بلا شك، إن استطاع هو أولاً إدراك معنى أن تلعب في ناد بطولاتي وجماهيري كالهلال, وما يقدمه حالياً من عطاءات أولية ميشرة بالخير. وعليه أن يعي أن الهلال ليس كالوحدة أبداً. جماهير الهلال وفية حد الثمالة، لكنها قاسية جداً، ولا تجامل أحداً. ميرل رادوي روماني محارب من الطراز الأول، وأرى أن مستواه الحقيقي سيظهر في العام المقبل. ومن الصعب الحكم على لي يونج الكوري، وإن كانت بدايته طيبة. جيرتيس البلجيكي جاء ليغير شكل الهلال تماماً، وإن استمر بطريقته التي شاهدناها في النمسا، فستختفي الدفاعية الهلالية إلى الأبد. لكن حذار أن يكون الانسلاخ هذا على حساب الدفاع. فالكرة الهجومية لا تعني إطلاقاً إهمال الواجب الدفاعي. الشلهوب عائد, بحول الله, إلى مستوياته السابقة. قالها لي قريب في الشأن الهلالي (الفني)، مشكلة الشلهوب صعوبة تطبيق واجبات كوزمين المزدوجة. ويبقى أسامة هوساوي حجر الزاوية الهلالي وسده المنيع. لاعب محترف ومتمكن لأقصى حد. ثابت المستوى، حاضر الذهن، وتركيزه عال. لست مع المتباكين على رحيل طارق التائب. قدم طارق مواسم جيدة مع الهلال، لكنه راحل لا محالة، وكم أتوق إلى مشاهدة عبد العزيز الدوسري وهو يتألق ويقدم نفسه بشكل محترف، رغم صغر سنه. الصمت السائد، والحديث المقنن هو شعار الهلال. ويجب أن يفرق الهلاليون بين الصمت والتجاهل، والتغييب الإعلامي، حتى تسير القافلة. شعارات الرئيس التي أطلقها نهاية العام الماضي بدا واضحاً عزمه على المضي قدما في تطبيقها، لتتحول من شعارات إلى سياسات. رأينا جيريتس يغربل الفريق تماماً ويشرك الجميع، في إشارة واضحة إلى أن البقاء للأفضل، والأفضل فقط. لا يهم الأسم في الهلال الآن، المهم العطاء. لا يهم أن يشارك ياسر أو العنبر أو الصويلح، المهم أن من يشارك سيفيد الفريق. وهذا بلا شك بحاجة إلى لعبة ذكية لضمان الاستقرار بتشكيلة واحدة، ولا أخال جيريتس غافلا عن ذلك. إعطاء الفرص في المعسكرات مطلوب، لكنه يجب أن يكون مقننا في المشاركات، وهذا لا يتقاطع إطلاقاً مع بناء بديل جاهز إطلاقاً. دققوا في مستويات الصويلح والعنبر وأنتم تدركون ما أقول. فقبل موسمين، كان الصويلح والعنبر ورقتين ذهبيتين في الهلال، رغم قصر المشاركات. عودة نائب الرئيس الأمير نواف بن سعد سيكون لها الأثر الكبير ليكون عضد شبيه الريح الأول. تجربة العام الماضي (الإدارية) لابد أنها صقلت سامي (الإداري).

لم يذهب الهلال للنمسا (للتمشي) كما يروج البعض، أو للاستجمام، ولو لمست ذلك، لأعلنته بصراحة. ثمة حرص وجدية في الهلال. النزالات متدرجة القوة، وهذا المطلوب للوقوف على مستويات اللاعبين. ليس المهم لعب كل المباريات أمام أندية قوية، وليس من المنطق أيضاَ اللعب أمام أخرى ضعيفة، لكنه التوازن، وأظن جيرتس وفق إلى حد كبير في هذا الجانب. هذا ما يحدث هناك!