خطة شاملة لتطوير المنطقة المركزية

خطة شاملة لتطوير المنطقة المركزية
خطة شاملة لتطوير المنطقة المركزية
خطة شاملة لتطوير المنطقة المركزية

إشارة إلى مقال الكاتب هاني الظاهري، المنشور في جريدتكم الموقرة، تحت عنوان «لإزالة الندبات القبيحة من وجه الرياض» في العدد (5756) ليوم الأربعاء 22 رجب 1430هـ.
أود في البداية أن أثـني على الطرح البـناء والرأي الصادق الذي ورد في هذا المـقال. وحيث أشار الكاتب الكريم في مقاله المذكور، إلى موضوع الأحياء القديمة والعشوائية في مدينة الرياض، وما ينجم عن احتضانها العمالة من مخاطر على الأمن الاجتماعي والبيئي والاقتصادي للمدينة، واقترح تأسيس شركة وطنية للاستثمار العقاري تتولى تطوير هذه الأحياء بمشاركة القطاعين العام والخاص.

#2#
إن الطفرة العمرانية التي شهدتها المدينة وظهور أحيائها الجديدة وانتقال الثقلين التجاري والسكاني إلى مناطق الرياض الجديدة، جعلت منطقة وسط المدينة والأحياء القديمة المجاورة لها، تعاني الأعراض التي تعانيها المناطق القديمة في معظم المدن الحديثة، ومنها هجرة السكان وضعف البرامج الاجتماعية والاقتصادية وتراجع اهتمام السكان في المنطقة.

وفي ضوء ذلك، جعلت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض من برنامجها لتطوير وسط الرياض «المنطقة المركزية» خطة شاملة لإعادة المنطقة إلى ما يجب أن تكون عليه كقلب نابض لمدينة الرياض، وهو ما تطلب إعادة القيمة الذاتية والمعنوية للمنطقة على مستوى المدينة وعلى مستوى المملكة وعلى المستوى العالمي كمنطقة استقطاب سياحي وثقافي، تحقق أعلى درجة من الدمج بين الوظائف الثقافية والتجارية والإدارية والسكنية.
وقد قدرت دراسات الهيئة المنطقة المركزية في وسط المدينة بمساحة تقدر بـ 15 كيلو مترا مربعا، وتشمل أحياء: العمل وثليم والمرقب والفوطة والوشام وأم سليم والديرة والصالحية والعود وجبرا ومعكال والشميسي وأجزاء من حي المربع وحي غبيرا.

وتبعاً لنتائج الدراسات والبحوث التي أجرتها الهيئة للمنطقة، وضعت الهيئة عدداً من السياسات والاستراتيجيات العامة المنبثقة من «المخطط الاستراتيجي الشامل لمدينة الرياض» تمخض عنها «برنامج تنفيذي « جرى من خلاله تنفيذ عدد من المشروعات التطويرية الكبرى في المنطقة مثل: برنامج تطوير منطقة قصر الحكم، ومركز الملك عبد العزيز التاريخي، ومتنزه سلام، وسوق الزل، و ميدان دخنة، ومقار المحكمة العامة والمحكمة الجزائية.

وعلى الرغم من احتضان المنطقة المركزية جملة من المشاريع الريادية في القطاعات الثقافية والتجارية والإدارية والسكنية، إلا أن القطاع الخاص، ظل محجماً عن المبادرة بالاستثمار والتطوير فيها، الأمر الذي ساهم في استمرار معاناة أحيائها القديمة من عدد من الأعراض المشار إليها.

ومن هذا المنطلق، تقوم الهيئة بإعداد دراسة لوضع الآليات وخطط التطوير للمنطقة المركزية، تهدف إلى تحفيز القطاع الخاص للاستثمار في المنطقة، وتوضيح الصلاحيات والقوانين العامة المعنية بتطوير المنطقة، وإيجاد البدائل الممكنة نظامياً لتطويرها، وتحديد العلاقة بين أطراف التطوير من الحكومة والمطورين وملاك العقارات، وذلك بالاستفادة من تجارب حالات التطوير المماثلة محلياً وإقليمياً وعالمياً.

وفي ضوء هذه الدراسة التي تعمل الهيئة على إنهائها حالياًً، وضعت الهيئة خطة تطوير شاملة تحدد مراحل تطوير (المنطقة المركزية) بخصوصياتها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية والجغرافية، والخطوات الواجب اتباعها للانتقال بالمنطقة من الوضع الراهن وحتى الانتهاء من تطويرها، وذلك عبر اختيار البديل الأفضل للتطوير في المنطقة.
وفي الإطار ذاته، وضمن خططها للنهوض بوسط المدينة، وضعت الهيئة برنامجاً لتطوير منطقة الظهيرة ويتفق مع الاقتراح الذي طرحه الكاتب في بعض جوانبه، ومن شأن هذا البرنامج الربط بين النسيج العمراني بين منطقة قصر الحكم، ومركز الملك عبد العزيز التاريخي.

وقد حقق هذا البرنامج أخيراً خطوات ملموسة في سير عمله بعد موافقة الهيئة المبدئية على تكوين تآلف لتطوير منطقة الظهيرة بقيادة شركة الرياض للتعمير ومشاركة كل من شركة المعيقلية والمؤسسة العامة للتقاعد والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، والشركة العقارية السعودية، وشركة فاس السعودية القابضة، ومن يرغب من ملاك العقارات في منطقة الظهيرة وأي شركات عقارية أو مؤسسات استثمارية أو مالية ترغب في الانضمام للتآلف، بعد وضع تصور لمتطلبات التطوير والاستثمار المقترح، وفق ضوابط تطوير عامة وضعتها الهيئة، ترتكز على الربط مع النسيج العمراني لوسط المدينة، وتوفير مناطق وساحات مفتوحة مع وجود أبراج المباني العالية، في الوقت الذي يحافظ فيه التطوير على المناطق الأثرية والمباني التاريخية في المنطقة.

وفي جانب آخر، انتهت الهيئة العليا من وضع مشروع لـ «المسح التراثي في مدينة الرياض» الذي انطلق من مبدأ المحافظة على التراث العمراني ونمط المباني الطينية التراثية في الأحياء القديمة في الرياض، وبشكل خاص نمط المساجد والقصور والمباني الطينية الأثرية المنتشرة في أحياء الرياض القديمة، والتي بلغ عددها أكثر من 15 ألف مبنى تراثي موزعة في مختلف أحياء مدينة الرياض، إلى جانب ما تكتنزه الأحياء القديمة في منطقة الدرعية الملاصقة لمدينة الرياض من قصور ومبان أثرية تتميز بقيمتها العمرانية ودلالتها التاريخية، بحيث يتكفل المشروع بتوفير متطلباتها التطويرية، باعتبارها عمقاً تاريخياً للمدينة ومركز إشعاع تراثي وثقافي ومركز جذب سياحي لسكانها وزائريها.

ومن المهم هنا الإشارة إلى أن حرص الهيئة الدائم على النهوض بمنطقة الوسط، ينطلق من توجيهات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، وصاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبد العزيز نائب رئيس الهيئة ، بالحرص على رفع مستوى وكفاءة المناطق التقليدية في المدينة لتستوعب جزءا من الزيادة السكنية المستقبلية، مع المحافظة على طابعها العمراني والمعماري المحلي القديم، واستغلالها لأغراض السياحة الأثرية وإبراز الهوية العمرانية المحلية لتعكس القيم التاريخية للمدينة.وفي الختام أشكر جريدتكم الموقرة على اهتمامها المتواصل بقضايا التنمية في بلادنا العزيزة، كما أشكر الكاتب على أطروحاته البناءة، متمنياً للجميع دوام التوفيق.

تقبلوا أطيب تحياتي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

#3#
عبد اللطيف آل الشيخ

عضو الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض

ورئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة

الأكثر قراءة