عم ستبحث في وعائك ؟
لكل منا ثروة هائلة من الطاقات والقدرات الشخصية المتنوعة لكن أغلبها تذهب هباء لأنها غير مفعلة الاستعمال أو مدركة الأهمية لنا أو منظمة الاستثمار ، ويشبه الأمر كأن يكون لديك وعاء كبير مملوء حتى السقف بأشياء كثيرة لكنك لا تستطيع رؤية أي شيء بداخله إلا بعض الأشياء الموجودة قرب قمته ، ولهذا فلا يمكنك الاستفادة من كل هذه الأشياء لأن وضعها ليس منظما على النحو الذي يمكنك من العثور على ما تحتاج إليه.
يحدث لنا مثل ذلك تقريبا حين نحاول تطوير سمة جديدة في بنائنا الشخصي، لأننا نحتاج بداية إلى إعادة إدراك إمكاناتنا الداخلية والتركيز تدريجيا على تفعيل سمة أو سمتين جديدتين في كل مرحلة لبرمجتهما تدريجيا في أسلوب تفاعلنا الشخصي مع الأحداث، حيث تواجهنا جميعنا من حين لآخر أحداث غير متوقعة أو غير مرغوبة أو تمثل تحديا وهذه الأحداث متنوعة تنوعا كبيرا ولا يمكننا التعامل معها دوما باستجابة متماثلة، مما يستلزم تفعيل سمات جديدة دوما والتركيز على استثمار مناجم جديد في مجاهلنا الداخلية.
دعنا بداية ننظر إلى تلك التحديات كبيئة مناسبة للنمو الشخصي الإيجابي وأنها تمثل فرصا ناجحة للتجول بحثا في مجاهلنا المكتنزة بالمعادن لاستثمار سمات جديدة في شخصيتنا، واكتشاف هدايا رائعة مطمورة في أسفل وعائنا المزدحم بالأشياء ، وإذا كنت أنا من سيقرر أي الهدايا يرغب أو بأي منجم للمعادن النفيسة سيبدأ وما أول السمات الأجدر بالاستثمار، فمن وجهة نظري أن أقوى سمة لابد أن يبدأ بها أي بناء شخصي ناجح هي : المثابرة ، فمعظم الناجحين يتمتعون بقدرة أكبر على التحمل والمواظبة على مشروع أو وظيفة أو منصب أو هدف خيري بهدف بلوغ نتيجة جديرة ببذل الجهد ولو بعد زمن ، وحتى عندما يعاني شخص ما متاعب أو مشكلات متعثرة حين محاولته التغلب على إدمان عادة ما أو الالتزام بنظام جديد فإنه يفكر بداية في الحافز أو الإثارة أو أي أسلوب آخر يجعله يواصل مسيرته ، غير أن ذلك الحافز والإثارة غالبا ما يزولان سريعا ، ولهذا فإن المشكلة لاتكون عادة في بدء برنامج ما وإنما في المواظبة عليه ، فالمثابرة هي التي تجعلك تواصل طريقك ، ليس بشبب شدتها وإنما بسبب استدامتها وقدرتها على المواصلة رغم تقلبات الزمن ، وكثيرون منا في حاجة ماسة لسمة المثابرة لقطع رحلتهم بسلام في هذه الدنيا ، ومع أن المثابرة ليس بها بالقدر نفسه من التشويق الذي تحمله متعة الإثارة والتجديد لكنها عادة ما تحقق فائدة أكثر منها بكثير ، وهذا ما يؤكده رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف '' أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل '' .