إصدار الصكوك العقارية.. التعطيل (يضر) قطاعي العقار والإسكان
لم نستغرب تصدر المملكة دول العالم في سرعة تسجيل الممتلكات العقارية من حيث الإجراءات والوقت والتكاليف المتعلقة بتسجيل الملكية العقارية والذي صدر أخيرا عن البنك الدولي ضمن التقرير السنوي الخاص ببيئة الأعمال لعام 2009.
فقد أشار التقرير إلى أن الفترة الزمنية اللازمة لإنجاز الإجراءات في المملكة تستغرق يومين فقط وهو الأسرع والأفضل على المستوى العالمي حيث تراوح المدة بين 2 و513 يوما عالميا.. وبين 2 و72 يوما عربيا.
كما أورد التقرير أن السعودية جاءت ضمن قائمة أفضل الدول من حيث التكلفة على المستوى العالمي، بسبب عدم تحمل المستثمر أي تكاليف لتسجيل ملكيته للأصل العقاري، كما لا يترتب على إجراءات تسجيل أو نقل العقار أي رسوم مالية، في حين تراوحت القيمة عالميا وعربيا بين (صفر) و 28 في المائة من قيمة أصل العقار المطلوب تسجيل ملكيته أو نقلها.
وذكر التقرير أن تعقيد نظام تسجيل الملكيات العقارية يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعاملات ويساعد على إتاحة فرص الغش والتزوير والرشا وزيادة حالات المنازعات القضائية، مما يؤدي إلى تفضيل كثير من المستثمرين الاحتفاظ بالأصول العقارية بطرق غير رسمية بعيدا عن السجلات المعتمدة، الأمر الذي يفقدهم القدرة على الحصول على قروض بضمانها، مما يثبط الاستثمار وخصوصا استثمار القطاع الخاص وما يصاحب ذلك من تراجع الإنتاجية، حيث يمنع تحويل ملكية الأصول من القطاع الأقل كفاءة إلى القطاعات الأكثر كفاءة من ناحية الإنتاجية وبالتالي تتراجع معدلات النمو الاقتصادي.
من المؤكد أن سرعة إنجاز نقل الملكيات العقارية في كتابات العدل السعودية وإصدار الصكوك فورا، يتصدر- من حيث الأهمية - حزمة الأنظمة التي تحافظ على نمو القطاع العقاري، فالمحفزات المنتظرة لازدهار هذا القطاع والتي من بينها إقرار الأنظمة العقارية الخاصة بالرهن والتمويل العقاري المتعلقة بقطاع الإسكان الذي يعانيه السعوديون، والموافقة على نظام التثمين والتقييم العقاري، لن تسهم في تطور صناعة العقار لدينا ما لم تحافظ وزارة العدل على ما جاء في تقرير البنك الدولي، مع التنبه إلى المحاذير التي تطرأ بسبب هذه السرعة.
كما أن زيادة حجم الاستثمارات العقارية في المملكة والتي تتجاوز1.3 تريليون ريال، ورفع قيمة التداول السنوي في القطاع العقاري والمقدرة بـ 220 مليار ريال، وتمكين المواطنين من تملك المساكن، وسرعة إنجاز المشاريع الحكومية الجديدة الضخمة في وقتها المحدد، وتحفيز عودة الرساميل السعودية المهاجرة، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية للسوق المحلية، كلها عوامل مرتبطة بسرعة إنهاء إجراءات الصكوك العقارية. فسوق العقارات السعودية ورغم عدم نضجها من حيث الأنظمة والتشريعات، إلا أنها محافظة على بريقها وجاذبيتها بوصفها أفضل البيئات الاستثمارية استقرارا وأمانا، مدفوعة بسلامة ونزاهة الأنظمة والإجراءات القانونية والقضائية، فأي خلل أو تعطيل في منظومة إجراءات إصدار الصكوك العقارية والتي حددها البنك الدولي بيومين.. أو تأخيرها من وزارة العدل سوف (يجر) القطاع العقاري بأكمله إلى محاذير تحرم الاقتصاد الوطني من أهم استثمار من حيث قوة التداول، وتحبط آمال 70 في المائة من السعوديين الذين يسعون إلى امتلاك المساكن، فالجميع يعلم حجم الضرر والخسائر التي يخلفها تعطل جهاز (كمبيوتر) لساعات محدودة في إحدى الجهات الحكومية لإصدار وثيقة معينة، فما بالك بالنتائج التي سيخلفها تأخير إصدار الصكوك لمدة تزيد على يومين.