صور الشبكة التنافسية في ظل الأزمة... فرص أو مخاطر؟

هي صورة لا يقدر على رؤيتها أو معرفة تفاعل أعضائها أو تحليل قوى من ينتمي لها أو قياس تغير تركيبتها سوى القليل ممن لهم خبرة كبيرة في تصوير الشبكة التنافسية التي يكون لهم مكان فيها. مفهوم تصوير الشبكة التنافسية مفهوم معمول به وله حضور في الشركات العالمية الكبرى, أثبت نجاحه في تمكين إدارة الشركات من اتخاذ القرارات التي تناسب التغيرات التي تحدث في هذه الشبكة مما يزيد من قدرتها التنافسية. تتكون الشبكة من كل الشركات في قطاعٍ ما بشتى أنواعها من صغير ومتوسطة وكبيرة. إلا أن الكثير من الاهتمام يركّز على الشركات ذات الحجم الكبير لكبر المساحة التي تشغلها في داخل هذه الشبكة ولكبر نفوذها وتأثيرها في تركيبة الشبكة وتفاعل أعضائها. تصوير هذه الشبكة يعكس الترابط التبادلي والتنافسي بين هذه الشركات مما يُمكن من يتملك هذه الصورة من تحديد نقاط الضعف والقوة ونقاط الفرص والتهديد التي تختزلها هذه الشبكة. إلا أن الكثير من الشركات وخاصة في الدول النامية لا تعي هذا المفهوم أو لا تقدر على إنتاج صورة دقيقة تعكس الواقع مما يجعل من هذه الوسيلة التحليلية للتنافسية وسيلة لها مخاطر إذا ما قام بإنتاجها غير الخبراء.

اليوم, وفي ظل الأزمة المالية, يصعب على الكثير من الشركات استخدام هذه الوسيلة, فالتقلبات السريعة والكثيرة التي يشهدها الكثير من القطاعات يجعل من التعرف على شكل هذه الشبكة أمر في غاية الصعوبة, فهناك شركات عديدة أفلست أو ضعفت بشكل كبير وهناك شركات تم دمجها أو تمم تأميمها وهناك شركات جديدة دخلت إلى السوق كنتيجة مباشرة لهذه الأزمة مستغلة التغيرات التركيبية والتنافسية في الشبكة. إلا أنه في وسط هذه التحولات الكبيرة في الكثير من القطاعات تكمن مسألة مهمة إلا وهي كيفية استغلال هذه التغيرات في الشبكة بشكل يساعد على تحقيق المزيد من الانتشار داخل هذه الشبكة وتحقيق مستوى أعلى من القدرة التنافسية والاستحواذ على شركات أخرى أو على مراكز القوى في الشبكة. ففي الأزمات تتغير تركيبة الشبكات وفي أثناء هذه التغييرات تكمن الفرص إلى جانب المخاطر.
في مطلع هذه الأزمة قام بنك سانتاندرا الإسباني بشراء عدة بنوك ومؤسسات مالية في بعضا من الدول من ضمنها شراء ثلاثة مؤسسات مالية في بريطانيا وبنوك في أمريكا. كان التوقيت لشراء هذه البنوك والمؤسسات مهم جداً, كانت فترة تخلخلت فيها قوى الشبكة المالية وكانت نافذة من الفرص لمن كان لديه الملاءة المالية. فبعد عدة أسابيع من تحقيق سانتاندرا تملكها لهذه البنوك قام الكثير من الحكومات بتأميم بنوكها وبتقديم المعونات لها مما جعل الاستحواذ عليها صعب جداً. اليوم وبعد عدة أشهر من شراء هذه البنوك يستعد بنك سانتاندرا من وضع اسمه على هذه الممتلكات الجديدة ليُظهر للعالم قوته وحجمه الجديد الذي حققه بفعل تحليل وفهم أكبر بطبيعة هذه الأزمة. سيبرز سانتاندرا كأحد القوى في الشبكة البنكية والمالية التي لا تزال قواها وأعضائها تحت التشكيل التفاعلي.
الأزمات في نظر الكثيرين تمثل مخاطر وتهديداً لموقع الشركة في الشبكة التنافسية التي أصبح من الصعب رسمها وفهمها. إلا أن الأزمات تمثل فرص لمن له القدرة على تخيل الشبكة التنافسية ما بعد الأزمة. الأزمة تعد فرصة لمن يريد أن يحسن من موقعة التنافسي في داخل الشبكة ولكن لا بد لهذه الشركات من تطوير تخيلها للوضع التنافسي ما بعد الأزمة. المستقبل القريب سيشهد بروز عدة فرص في قطاعات مختلفة ولكن لن ينجح الاستثمار فيها إلا إذا كان له تأثير في طبيعة المنافسة في تلك الشبكة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي