مستعد للانطلاق
إن العبارة التي يرددها الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا والتي تزعج خصومه بشدة هي "لم يحدث هذا من قبل في تاريخ الدولة". ويريد الرئيس، من خلال فقدانه الاختياري للذاكرة، أن يقنع الناخبين أن كل شيء جيد حدث في البرازيل يعود إلى تاريخ انتخابه عام 2002. والأكثر إثارة لغضب الحكومة السابقة، التي مهدت الطريق أمام التقدم ولكنها لم تحظ بالفضل عليه، هو أنه غالبا ما يكون على حق. خذ مثلا أسعار الفائدة: في العاشر من حزيران (يونيو) خفض البنك المركزي أسعار الفائدة المتداولة في البرازيل على التمويل لليلة واحدة إلى 9.25 في المائة، وهي المرة الأولى التي ينخفض فيها إلى هذا الحد منذ الستينيات.
وقد عادت مجموعة من المقاييس، من قيمة سوق الأوراق المالية إلى إيجاد الائتمان، إلى مستوياتها تقريبا الآن التي كانت عليها قبل انهيار Lehman Brothers في أيلول (سبتمبر) العام الماضي. وكان أداء الاقتصاد أقل سوءا من المتوقع في الربع الأول، حيث تقلص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.8 في المائة فقط مقارنة بآخر ثلاثة أشهر من عام 2008. ويعتقد كثير من المحللين أن البرازيل بدأت الآن بالنمو ثانية، وأنها ستعود لتحقيق نمو سنوي بنسبة 3.5 في المائة إلى 4 في المائة العام المقبل. وإذا حدث ذلك، فهو يعني أن الدولة نجت ولم تعان سوى فترة ركود وجيزة.
وهناك عدة أسباب لذلك. أحدها أن دورة الأعمال العادية عادت للعمل، كما يشير Arminio Fraga، وهو مدير صندوق ورئيس سابق للبنك المركزي. وكانت النشاط في البرازيل محموما في وقت مبكر من العام الماضي، ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة. والآن تساعد السياسة النقدية والمالية الأكثر تساهلا على تسريع الانتعاش. والنظام المالي سليم، ولا يزال الطلب المحلي قويا. وساعدت الأنماط التجارية المتغيرة للبرازيل أيضا على حمايتها. وهذا العام، تفوقت الصين للمرة الأولى على الولايات المتحدة لتصبح أكبر شريك تجاري للبرازيل.
ومع ذلك، عادت أيضا بعض المشاكل المألوفة. ويعتقد البعض أن أولها هي رفع قيمة الريال مقابل الدولار. وبالنسبة للمصدرين، عادت العملة ثانية لتصبح قوية بصورة مؤلمة، كما كانت قبل أيلول (سبتمبر). ولتخفيف الضغوط، تريد رابطة الصناعيين القوية في سان باولو أن يتم فرض ضريبة من نوع ما أو قيود على التدفقات المالية الداخلية قصيرة الأجل. ويبدو هذا مستبعدا في الوقت الحالي. ويطالب الاقتصاديون اليساريون في حزب العمال الحاكم بالشيء نفسه منذ فترة، إلا أن لولا تجاهلهم، حيث أخذ بحجة البنك المركزي بأن الريال القوي يساعد على الحد من التضخم.
وربما لا يهتم الصناعيون بالقدر نفسه بالعملة إذا كان الاقتراض لا يزال رخيصا. وإحدى العقبات التي تحول دون المزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة، التي لا تزال عالية بالقيمة الحقيقية، هي وجود حساب توفير يحظى بالشعبية (يسمى caderneta de poupança)، والذي يقدم أسعار فائدة مضمونة بنسبة 8 - 9 في المائة. ومع اقتراب المعدل الأساسي للبنك المركزي إلى هذا المستوى، تخشى الحكومة من تدفق الأموال إلى تلك الحسابات من المستثمرين، ما سيستنزف السيولة من سوق السندات الحكومية. وهي تفكر فيما إذا كان يجب عليها الحد من عدد وحجم حسابات poupança، إلا أن العبث بهذا المنتج الشائع صعب من الناحية السياسية. وتثير بعض أحزاب المعارضة المخاوف عن طريق تذكير الناخبين بغارة شائنة على أحد البنوك من قبل الرئيس السابق، فيرناندو كولور، عام 1990 حين استيقظت الأمة لتجد أنه تم تجميد معظم مدخراتها.
والعائق الآخر أمام تخفيض أسعار الفائدة هو أن نصف السلع التي تشكل مقياس التضخم الرئيسي، IPCA، مدرجة، جزئيا على الأقل، في تضخم العام السابق، كما يقول Sergio Vale من شركة MB Associados الاستشارية. ويسهم هذا عادة في إضعاف الحركة في IPCA، وتشجيع البنك المركزي على توخي الحذر.
ومع ذلك، فإن وضع البرازيل الذي لم يحدث قبلا يؤدي إلى موجة غير معتادة من الأجل الطويل. فقد بدأ بنك Bradesco، وهو بنك كبير، بتقديم قروض عقارية لمدة 30 عاما، وهو أمر كان لا يمكن تصوره قبل فترة وجيزة فقط. ويتوقع Ma?lson da N?brega، وزير المالية السابق، أن تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى توسع سريع لتمويل القروض العقارية، التي تبلغ في الوقت الحالي نقطة مئوية واحدة فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
وقد يتم تأخير أمور جيدة من هذا النوع إذا اندلعت فترة كآبة جديدة في الخارج. إلا أن النقاش يتعلق في الواقع بوقت حدوثها، وليس فيما إذا كانت ستحدث- وهو شهادة على التقدم الذي تحقق بصعوبة.