عفوا .. لا تجمدوا حساب "عافت"!
عافت هذا ليس لاعب كرة قدم، ولا هو فنان يصدح بالأغاني الطربية، لم تفرد له الصفحات، ولم يشارك بمسابقة شاعر المليون. لو كان أيا من هؤلاء لصارت له زفة في المطار، وحوصر منزله بالمعجبين، ورحب به مدير كل إدارة حكومية وغير حكومية لقضاء حوائجه، لكنه رجل بسيط، مرض، فأقعد فتعطلت أموره ومصالحه.
ولأنه رجل بسيط وليس من علية القوم (قياسا بهذا الزمن المادي فقط)، فإن معاناة عافت بقيت أسيرة منزله، لا يعرفها إلا أقرب الأقربين. هذا الرجل البسيط لم يعان فقط من المرض، حيث يرقد على سريره منذ ثماني سنوات، ولا من الهزال، ولا من هشاشة العظام فقط، بل إنه عانى من البيروقراطية، حيث رفض طلب تجديد بطاقته الشخصية لأنه لا يستطيع الحضور إلى مقر الأحوال المدنية.
والمشكلة أن هذا الأمر أدى إلى تجميد حسابات عافت وعطل أموره المادية التي – ولله الحمد – لم تتضخم حتى الآن مثل بعض الحسابات في البلد. هكذا بكل بساطة يتم معاملة مريض بدعوى تطبيق النظام، في الوقت الذي تنادي كل التعليمات من ولي الأمر بمراعاة ظروف المواطنين خاصة الإنسانية والاجتماعية، بل إن هؤلاء الموظفين لا تؤثر فيهم صورة ملك الإنسانية وهو يساعد المسنين الذين يحضرون إلى ديوانه كل أسبوع.
سامحنا ياعم عافت، فنحن لا نستطيع نقل الكاميرا إلى منزلك لتثبيت صورتك على البطاقة، لكننا نستطيع نقل مئات الأطنان من الآلات لنقل حفل ساهر أو فعالية احتفالية.
سامحنا ياعافت، فنحن مشغولون جدا اليوم وغدا وبعد غد والأسبوع المقبل، بتوصيل الأبناء إلى المدارس لنخرجهم فيما موظفين مثلنا تماما "سائقين يوصلون أبناءهم إلى المدارس".
سامحنا ياعافت .. فأنت لم تحضر بالمشلح إلى مقر الإدارة، ولم يرد اسمك ضمن قوائم الأعيان.
سامحنا ياعافت .. فأنت وحدك الذي يتحمل مسؤولية تأخير تجديد البطاقة، إذ كان الأولى بك تجديدها قبل مرضك.